إيران السبب الرئيسي في أزمة فيروس كورونا وحلها
الدكتور بهروز بويان، خبير العلوم السياسية من طهران
إيران .. السبب الرئيسي في أزمة فيروس كورونا وحلها-إن وباء نظام ولاية الفقيه في الأيام الأخيرة من حياته المخزية الملوثة عميق ومتفش لدرجة أنه لم يسلم منه أي طبقة من طبقات المجتمع، بل اجتاح دائرة مجرمي هذا النظام الفاشي أيضًا.
والتوجس من هذا التعميم أجبر أحد المجرمين ذوي السوابق القدماء في ولاية الفقيه ويدعى عباس عبدي على الهجوم على حسن روحاني الذي آثر التضحية بأبناء الوطن ليلعب دور الضحية أمام الغرب لرفع العقوبات وتلقي الأموال.
ولكن من منا لا يعرف أن توجس هذا المجرم ذو السوابق؛ من التضحية بنفسه؟ لقد قال إن كورونا أصبحت مسيسة في إيران ! ويبدو الأمر كما لو أننا نواجه نظامًا تقليديًا حتى الآن، وأن الأحداث والكوارث التي فرضها هذا النظام القروسطي على المواطنين عادية وطبيعية بحذافيرها.
ماهي الحادثة حتى لو كانت طبيعية لها سبب طبيعي بالفعل خلال العقود الـ 4 من هيمنة هذا النظام الفاشي على هذا البلد وموارده؟
وبغض النظر عن ارتكاب المذابح والقمع على نطاق واسع في حق الطوائف وأتباع مختلف المذاهب والأديان وطبقات الشعب والمعارضين والنساء والشباب والمناضلين من أجل الحرية، فهل يمكن تبرير وتفسير عواقب الكوارث الطبيعية مثل الفيضانات والزلازل وجفاف البحيرات وحرائق الغابات وانخفاض الأراضي في المناطق الحضرية وتآكل الجبال وتجفيف الموارد المائية وتغيير مجاري الأنهار وإزالة الغابات وغير ذلك، إلا من خلال تفويض مباشر من نظام ولاية الفقيه؟
وهل كانت حرب الثمان سنوات المدمرة المناهضة للإقليمية التي شنها خميني كارثة طبيعية؟ حربٌ فرضت على أبناء الوطن كارثة لا توصف.
إن إعراب مجرمي نظام الملالي المحترفين ذوي السوابق عن قلقهم اليوم في خضم تفشي فيروس كورونا ليس من باب الشفقة على هذا المجتمع المنكوب بالكوارث، لأنهم كانوا خلال السنوات السوداء الماضية شركاء ولاية الفقيه ومتواطئين معها في فرض الكوارث على الشعب.
لكنهم اليوم يواجهون ظاهرة تختلف عن الأوبئة السابقة التي كانت تجتاح المجتمع فقط، حيث أنها وباء يجتاح الآن منازلهم أيضًا.
والحقيقة هي أن جميع الكوارث التي حلت بالشعب الإيراني خلال الـ 4 عقود من عمر نظام ولاية الفقيه وكبدت المجتمع خسائر مالية فلكية، لا شك في أنها تحمل في طياتها طبيعة سياسية واضحة.
وعلى الرغم من أن بعض الكوارث التي حلت بالمجتمع الإيراني طبيعية، إلا أن سببها يعود إلى أداء هذا النظام الملوث بالخطئية. لذلك، فإن نظام ولاية الفقيه فقط هو السبب الرئيسي في كارثة فيروس كورونا أيضًا مثلما كان السبب في غيرها من كوارث الماضي.
السبب في كارثة كورونا
وفقًا لمصادرها الاستخباراتية، أعلنت المقاومة الإيرانية منذ البداية أن نظام ولاية الفقيه كان يخطط ليتخذ من فيروس كورونا مخرجًا للهروب من أزمة الإطاحة التي أمسكت بياقته بشدة.
وانطلاقًا من نمط نظام الملالي القائم خلال سنوات عمره على خلق الأزمة لحل أزمة أخرى، فإنه هذه المرة أيضًا يسعى إلى خلق أزمة أكبر وأكثر شمولية لعله يتمكن من الهروب من أزمة الإطاحة الحتمية الوشيكة، ولا شك في أنه لا يظن أن هذه الأزمة تمثل له مستنقع الموت.
ويبدو أنه إنطلاقًا من النمط الذي رسمه خميني لهذا النظام في شن الحرب المناهضة للإقليمية ضد العراق هروب من صراعات سياسية واجتماعية عميقة لم يكن لديه القدرة على حلها، قرر خامنئي الملتزم بهذا النمط أن يضحي هذه المرة بالمجتمع على نطاق واسع، لعله ينجح في الهروب من الإطاحة والصراع الكبير المستعصى الحل “يكون أو لا يكون”.
ولا شك في أن نظام الملالي كان قد استخدم هذا النمط عدة مرات في وقت سابق في مراحل مصيرية مختلفة، وفي كل مرة كان يمضي قدمًا في مسعاه بطريقة أو بأخرى، إلا أن المنطق الذي كان يحكم “نظرية حل الأزمة بخلق أزمة أخرى” هو أن هذه الطريقة بادئ ذي بدء لا تقضي على الأزمات، بل تؤجلها فقط.
والأمر الثاني هو أن تعليق الأزمات المتتالية لا يقلل من آثارها أو يقضي عليها، بل يعززها ويصعبها في سلسلة تراكمية ويظهرها بقوة أكبر في الأزمات الجديدة حتى تنشأ في نهاية المطاف أزمة تنطوي على عواقب وتناقضات جميع الأزمات السابقة.
وهذه المرة، لم يعد من شأن أي أزمة ذاتية الصنع أن تعلق ما قبلها. ويعيش نظام الملالي هذه المرحلة في الوقت الراهن.
والحقيقة هي أن نظام الملالي تعرض لفجوة عميقة في نظام الحكم منذ عام 2009 وواجه أزمات أخطر عندما لجأ إلى خلق أزمة جديدة لحل الأزمة القائمة.
وكون أن هذا النظام طرد فجأة أحد مرشحيه من صناديق الاقتراع أثناء انتخابات رئاسة الجمهورية، فإنه كان يرمي انطلاقًا من هذه القاعدة إلى أن ينال ثقة الشعب من خلال إثارة قضية مذبحة عام 1988.
وعلى الرغم من أن نظام الملالي كان يعلم أن إثارة هذه القضية من منبر رسمي والاعتراف الرسمي بارتكاب هذه الجريمة التي أنكرها في مواقفه لسنوات عديدة سوف تخلق له أزمة أخطر، إلا أنه من أجل الهروب من أزمة الشرعية الحتمية أعلن أن هذا الاعتراف جاء على لسان إحدى زمره.
ومما لا شك فيه هو أن تعليق الأزمة لن يدم طويلًا، لأنه بعد أشهر قليلة من الانتخابات الشكلية في شهر يناير 2017، فقد جزء كبير من المجتمع الثقة في هذا النظام الفاشي تمامًا من خلال تدفق الناس في شوارع أغلب المدن الإيرانية مرددين هتاف” لا للإصلاحيين ولا للأصوليين”.
بعد هذه الأزمة، تصاعدت الأزمات وقلت الفترة الزمنية بين أزمة وأخرى. وكانت كل أزمة أكثر خطورة من سابقتها إلى أن أدرك نظام الملالي في شهر نوفمبر 2019 أنه على وشك الإطاحة بكل ما في الكلمة من معنى.
وهذا التحليل ليس من نسج الخيال. إذ قال أحد قوات حرس نظام الملالي “الله أنقذنا” . إلا أن هذه الأزمة أيضًا ظلت بلا حل مثلما كان الأمر بشأن الأزمات السابقة إلى أن قام نظام الملالي بخطوة مناهضة للبشرية تتمثل في قيام الفيلق الإرهابي في قوات حرس نظام الملالي بتنظيم تفشي فيروس كورونا في البلاد.
والآن بات الناس يعرفون السبب الرئيسي في أزمة كورونا بعد الفضائح التي كشفت المقاومة الإيرانية الستار عنها. وتجدر الإشارة إلى أن رفع شعار “وباء ولاية الفقيه هو السبب في قتل الأمة” يدل على الوعي المجتمعي.
حل المشكلة
إن إحدى المزايا والخصائص البارزة للمقاومة الإيرانية، وفي الحقيقة منظمة مجاهدي خلق الإيرانية، هي أنها دائمًا ما تحدد السبب الرئيسي للمشكلة والصراع الرئيسي في المجتمع قبل أي قوة سياسية وبشكل أكثر أيضًا وتقدم الحل.
وقد طبقت منظمة مجاهدي خلق هذا النهج على وجه التحديد في تشكيلاتها النضالية، وهذا هو السبب في أنها بقيت في مأمن من أي أذى، على الرغم العديد من الهجمات والمؤامرات التي شنها نظام الملالي وشركائه الدوليين، أي أن منظمة مجاهدي خلق الإيرانية ضمنت بقاءها من خلال حل النزاعات وليس عن طريق تعليقها.
وفيما يتعلق بالقضية الإيرانية أيضًا، أعلنت منظمة مجاهدي خلق منذ البداية أن الصراع الرئيسي للمجتمع الإيراني ضد ولاية الفقيه وترى أن الحل الوحيد لهذه القضية يكمن في الحرب الشرسة المتواصلة ضد هذا النظام الفاشي.
حلٌ التزمت به منظمة مجاهدي خلق الإيرانية على مدى سنوات عديدة ولم تتقاعس عن مواصلتها لحظة واحدة.
إن تشكيل جيش التحرير الوطني الإيراني جاء بمبادرة من قائد المقاومة السيد مسعود رجوي . ونحن على يقين من أن المجتمع الإيراني يدرك جيدًا اليوم أهمية وضرورة جيش التحرير الوطني الإيراني لحل الصراع الرئيسي، ألا وهو الإطاحة بنظام ولاية الفقيه.
والآن، بسبب إصرار المقاومة الإيرانية على مواقفها بضرورة فضح نظام الملالي بوصفه العدو الرئيسي للمجتمع الإيراني وتقديم الحل، أدرك المجمتمع الإيراني بكافة طوائفه أن الحل للتخلص من أزمة كورونا وما شابهها من أزمات لن يتحقق إلا بالإطاحة بهذا النظام المعادي للوطن.
وقد أصبحت هذه القضية من أولويات مطالب الشعب الإيراني. مطلبٌ أصرت عليه المقاومة الإيرانية لسنوات عديدة بالتضحية بالغالي والنفيس وتقديم بحر من دماء أفضل وأشرف أبناء الوطن الإيراني الأعزاء ووضعت الخطط للحل. ولا شك في أن المقاومة الإيرانية قادرة على تحقيق هذا المطلب الشرعي للأمة الإيرانية.