الاتحاد من أجل الحرية والديمقراطية والمساواة​

إيران: هل تعيد الصفعة الشيعية النظام إلى رشده؟

انضموا إلى الحركة العالمية

إيران: هل تعيد الصفعة الشيعية النظام إلى رشده؟

إيران: هل تعيد الصفعة الشيعية النظام إلى رشده؟

إيران: هل تعيد الصفعة الشيعية النظام إلى رشده؟

 

 

إيران: هل تعيد الصفعة الشيعية النظام إلى رشده؟ – میدل ایست اونلاین – ما الذي جرى؟ لماذا أصيبت أنظمة النفوذ الإيراني بهذا الصدع؟ ثمة فشل يجب البحث عن مصدره. بعد يومين فقط من خطبة أمين عام حزب الله حسن نصرالله الأخيرة، والتي افتتحها بتمجيده تظاهرات “أنصار الله” في اليمن، وإشارته إلى “مليونيتها” وإلى ارتعاد تل أبيب من خطبة زعيم الجماعة اليمنية المتشيعة عبد الملك الحوثي، كانت ثلاث عواصم تؤلف هلال النفوذ الإيراني في المشرق تهتز تحت أقدام أنظمة تشكلت نخبها الحاكمة برعاية طهران، أي طهران نفسها وبغداد وبيروت. خطاب السيد نصرالله حمل أكثر من مفارقة على هذا الصعيد، فهو لوح بحقل نفط إيراني جديد بوصفه باب ثروة لهذا المحور ولهذه العواصم، وإذ بالمتظاهرين الإيرانيين يشهرون بوجه نظامهم غضباً خاصاً بتوليه تمويل حزب الله في لبنان وحركة حماس في غزة، في وقت وصل فيه الإيرانيون إلى حافة الجوع!

 

لا علاقة بين الانتفاضات الثلاث سوى أنها احتجاجات على أنظمة تشترك في علاقة استتباع مع نظام الولي الفقيه في طهران. تشابه المشاهد لا يكفي للاستنتاج بأن ثمة علاقة أخرى، والجهد المبذول لرصد تشابه في شعارات “شلع قلع” في العراق و”كلن يعني كلن” في لبنان تبقى وظيفته جمالية، ذاك أن فروقات كبرى بين الانتفاضات لا يمكن رأبها بالتضامن وبحسن النوايا. وحده نفوذ النظام الإيراني ما يجمع بين الانتفاضات الثلاث.

 

لكن ما الذي جرى؟ لماذا أصيبت أنظمة النفوذ الإيراني بهذا الصدع؟ ثمة فشل يجب البحث عن مصدره، ذاك أنه تكشف عن خلل يشبه فالقاً داخل “السيستم” وليس خارجه. في بغداد انتفض الشيعة على الحكومة الشيعية، وفي طهران أيضاً، ولبنان ليس بعيداً عن هذه الحقيقة، على رغم أن انتفاضته كانت عابرة لكل جماعاته، إلا أنها هذه المرة أصابت بيئة الحزب بانشقاقات لم يسبق أن أصيبت بها.

 

في مراحل تمدد النفوذ الإيراني، وحين سعت طهران لإنشاء جسرٍ من النفوذ يربط بين حدودها مع العراق وبين سوريا ويصل إلى لبنان، توقع الجميع أن الكتل السكانية السنية ستكون عائقاً أمام هذه المهمة، ذاك أن شريط المدن السنية التي سيعبر هذا الجسر من فوقها يفوق عدد مدن الشيعة. لكن طهران نجحت في شق الطريق، واستبدلت المدن بمخيمات اللاجئين، وفتحت المعابر بين حدود دول المشرق التي تتمتع فيها بنفوذ صار وحيداً بعد أن انكفأت واشنطن، وانشغلت أنقرة بحربها على الأكراد، وثبت أن دول الخليج أضعف من أن تحمي حدود إماراتها وممالكها، فكيف بمواجهة دولة كبيرة مثل إيران!

 

الصفعة جاءت من مكان لم يكن أحد يتوقعه. الانقلاب باشرته حواضر النفوذ المذهبي والسياسي، فيما انكفأت الجماعات والمدن الأخرى. يصح هذا على العراق بشكل خاص، إلا أنه يصح أيضاً على ايران وعلى لبنان بدرجة أقل. اذاً، الخلل هو في تضخم المهمة في مقابل هشاشة القاعدة الاجتماعية والمذهبية للمحور الإقليمي الذي أنشأه النظام في ايران. ذاك أن التحدي الذي طرحه هذا المحور على نفسه افترض مواجهة العالم. على لبنان أن لا يستجيب للشروط المالية الدولية المستجدة بفعل العقوبات، وعلى بغداد أن تتحول إلى عاصمة تهرب من خلالها إيران من هذه العقوبات، وعلى الإيرانيين أن يعيشوا تحت خط الفقر في مقابل “الأمجاد” التي تدرها عليهم هذه المواجهة.

 

ليس هذا فحسب، فقد تولت مهمة الصراع في هذه الدول أنظمة فاشلة وفاسدة، أصابت بفشلها وفسادها القاعدة الاجتماعية والمذهبية التي توهمت طهران أنها خاصرتها وحاضنتها. ولكي يضمن النفوذ الإيراني ولاء نخب هذه الأنظمة غض النظر عن تولي هذه النخب تجويع الناس وإذلالهم، وبالغ هذا النظام في حمايته نخب الفاسدين، وهو ما أشعل غضباً في أوساط وبيئات لا تكن له عداء مذهبياً، لا بل لطالما شكلت ظهيراً له في الكثير من الحقبات.

 

لقد بددت طهران استثمارات كبرى لها في الكثير من بؤر الانتفاضات الراهنة. فأن تنتفض كربلاء على النفوذ الإيراني فهذا يعني الكثير الكثير لمن يعرف رمزية هذه المدينة بالنسبة لإيران والإيرانيين. إنها مدينة “الحسين بن علي”، وهي من بين مدن العتبات في العراق الأكثر قرباً إلى مزاج المؤمنين الإيرانيين، ناهيك عن أن الكثير من عائلات المدينة تعود بأصولها إلى ايران.

 

وتضخم المهمة ترافق مع تضخم في شخصية صاحب النفوذ، فقد تولى قائد فيلق القدس قاسم سليماني تظهير هذا النفوذ على نحو فض في أكثر من محطة، وحرص على أن يكشف عن حجم نفوذه في معظم المحطات، متجاوزاً حساسيات مناطقية وقومية وحتى مذهبية في الحالة اللبنانية. في العراق حرص على الظهور بصفته القائد الفعلي للحشد الشعبي، وفي لبنان كاشف أمين عام حزب الله اللبنانيين بارتباط حزبه، وهو الحزب الحاكم عملياً، بإيران وبالتمويل الإيراني، وهو في خطبته الأخيرة طمأن محازبيه بأن إفلاس الدولة لن ينعكس عليهم لأن رواتبهم تأتي من خارج الدورة الاقتصادية اللبنانية.

 

لم تمارس طهران سطوتها بخفر، وفي مقابل ذلك طرحت على نفسها مهمة مواجهة العالم كله مرة واحدة. لم تكترث لاهتراء وفساد الأنظمة التي تحصنت بها في هلال نفوذها المشرقي، ولم تتعامل بواقعية مع متغير كبير تمثل بوصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض. فجاءتها الصفعة “من بيت أبيها”.

 

ينطوي هذا العرض على قسوة في تقييم أداء النظام في ايران، إلا أنه أيضاً ينطوي على تساؤل عما اذا كان في أوساط هذا النظام من يرغب بمراجعة، وعن أجنحة قد يُعاد الاعتبار إليها في ظل هذا الفشل.