احتكار السكن والارتفاع المذهل لسعره، وتشرد المواطنين
احتكار السكن والارتفاع المذهل لسعره، وتشرد المواطنين – يحلم الكثير من العوائل الإيرانية أن يملكوا منزلًا لكي لا يدفعوا معظم دخلهم من أجل الإيجار فضلًا عن العيش في الراحة في منزل يتعلق بهم.
ولكن نظام الملالي جعل هذا الحلم لا يمكن الوصول إليه، لأن قضية السكن في إيران تحولت إلى أزمة لعامة المواطنين على مدى السنوات حيث أصبح شراء بيت صغير حلمًا بالنسبة للكثيرين.
وفي مقطع فيديو نشر على مواقع التواصل الاجتماعي يشرح شاب من أهالي طهران عن مشكلات طالت الشباب بخصوص شراء المنزل في العاصمة قائلًا: “اليوم وفي الظروف الراهنة عندما يريد شاب شراء منزل، ونظرًا للسيطرة على التضخم وبحسب ما قرأت في الصحف، عليه أن يصرف دخله لـ80 إلى 90عامًا بشكل تام إلى أن يتمكن من شراء منزل في محيط طهران، مثلًا شقة بمساحة أربعين أو خمسين مترًا”.
وكتب موقع خبر عاجل بشأن الزيادة المنفلة لسعر الأملاك والعقارات يقول: “ارتفاع سعر الأملاك بالمقارنة بالعام الماضي مذهل، ارتفع سعر الشقة بنسبة 30% لكل متر مربع” (موقع خبر عاجل، 3 يونيو/حزيران 2020).
ونشرت وكالة إيسنا للأنباء يوم 27 مارس/آذار 2018 مقالًا تحت عنوان “ما زال الاحتكار يسود سوق السكن” وكتبت تقول: “يبين تقييم نسبة الهجرة من طهران، ووجود نصف مليون منزل خال ونسبة عدد السكان إلى أربعة ملايين وحدة سكنية في طهران، أن السماسرة والتجار استولوا على سوق المنزل في العاصمة حيث يرفعون الأسعار يومًا بعد آخر ولا قانون يضع حدًا لهذا الوضع”.
وبشأن الآفاق المظلمة لشراء المنزل بالنسبة للكثير من المواطنين قال صباغيان عضو في مجلس شورى النظام:
” ارتفعت اليوم أسعار السلع 100% أحيانًا، وإذا كان الشخص يريد شراء مجرد أرض اليوم، فلا يمكن له شراء أرض أو منزل ذي إمكانيات من خلال دخله الناجم عن 30عامًا من العمل” (إذاعة فرهنك، 2 يونيو/حزيران 2020).
كما تختلف السياسات المعلنة من قبل الحكم في مجال بناء السكن عن أدائها بشكل سافر، حيث تطلق السلطات الحكومية اللاشعبية وعودًا في الهواء تقضي ببناء المزيد من السكن ولكن لا تتحقق وعودهم على أرض الواقع حيث لا يقدر المواطنون على شراء السكن إلا نسبة قليلة منهم.
وفي الخطة الشاملة للسكن أتت بها حكومة روحاني، تم التكهن أنه تبنى مليون وحدة سكنية سنويًا، ولكن بنيت 300ألف وحدة سكنية من قبل القطاع الحكومي والقطاع الشخصي على أرض الواقع. ويأتي ذلك بينما يصل عدد المطالبين بالسكن أكثر من مليون في كل عام، كما ترفع أسعار السكن سنويًا من جراء زيادة الطلب وقلة العرض في مجال السكن مما يعرض المجتمع للمزيد من المشكلات.
ومن الأسباب الأخرى لارتفاع أسعار السكن هو احتكار ملكية الملايين من المنازل وحيازتها.
ولا يقدر المواطنون العاديون على احتكار المنازل وإنما ها هي العناصر والمؤسسات الحكومية هي التي تقوم باحتكار الوحدات السكنية لا سيما في طهران وذلك من أجل رفع الإيجار وأسعار السكن.
وفي هذا الشأن قالت زهراء سعيدي عضوة في مجلس شورى النظام في برنامج بايش التلفزيوني: “هناك شخص يملك 700منزل في شهرري حيث لا يدفع الضريبة. وليست هذه النماذج قليلة وإنما وطبقًا لدراسات أجريت لاحظنا أن هناك 7آلاف و500منزل بنيت في طهران وهناك شخص بنى ألفين و500منزل ولكن لم يُدخلها في سوق السكن” (تلفزيون النظام، 7 يوليو/تموز 2019).
ألا يعتبر سلطان السكن الذي احتكر في طهران 2500وحدة سكنية تابعًا للحكم والمؤسسات العملاقة التي لا يتجرأ أحد حتى من داخل النظام أن ينبس ببنت شفة ضدها.
ومن المؤسسات والمراكز الضالعة في احتكار السكن هي البنوك التي نشرت وسائل الإعلام التابعة لكلتا الزمرتين في النظام طيلة السنوات الأخيرة مقالات وأخبارًا عن احتكار قامت به.
وأشار دهقان دهنوي نائب وزير الاقتصاد في النظام إلى تدخل شركات البناء التابعة للبنوك في قضية احتكار السكن حيث قال: “انتقاد موجه لأداء البنوك في التدخل في قطاع السكن هو أن البعض منها احتكرت السكن واشترت الكمية الهائلة من السكن واحتفظت بها إلى أن تبيع هذه الوحدات عند رفع الأسعار” (موقع تجارت نيوز، 28 سبتمبر/أيلول 2019).
وإذ أشار ابوالفضل ابوترابي فرد عضو في مجلس شورى النظام إلى النشاطات غير القانونية للبنوك في مجال السكن واحتكاره من قبلهم قال: “يجري هناك جانب من احتكار المنازل من قبل البنوك. إن نشاط البنوك في مجال السكن غير قانوني من دون شك وينبغي أن لا تتدخل هذه المؤسسات في هذه القضايا، إذًا على البنك المركزي أن يمنع البنوك من النشاط الاقتصادي” (موقع مجلس شورى النظام، 16 يونيو/حزيران 2019).
ونشرت وكالة أنباء تسنيم المحسوبة على قوة القدس الإرهابية يوم 25 سبتمبر/أيلول 2016 مقالًا بعنوان “أكل السكن من قبل البنوك/ وريادة الأعمال من قبل البنوك من خلال ثروات المواطنين، مصدر للفساد” وكتبت تقول: “لا تتدخل البنوك في شراء الأملاك الفلكية بشكل مباشر، وإنما تقوم بذلك من خلال وسطاء في مكاتب خاصة. وبحسب ناشطين في سوق السكن، قامت البنوك الشخصية والمؤسسات المالية والائتمانية بشراء الوحدات السكنية بعمر أقل من 3سنوات في مختلف نقاط العاصمة طهران وباقي المدن العملاقة، لكي تبيع المنازل وقت الازدهار بأسعار فلكية وبما لا يقل عن 50% أغلى من سعر شراء الوحدات السكنية في فترة الانكماش. ويبدو أن البنوك ومنذ الأشهر الأخيرة في العام المنصرم باشرت حالات واسعة للشراء… ويؤكد مدير لأحد أكبر الوكالات التجارية في البلاد أن البنوك لا تدخل السوق بشكل مباشر، بحيث أنها تقوم بالسمسرة في هذا السوق من خلال وسطاء”.
ولا شك في أن المسؤولين الحكوميين والمؤسسات الحكومية يشدون من أزر محتكري السكن والبنوك على وجه الخصوص، بحيث أنهم قادرون على الحصول على كمية كبيرة من الأرباح على حساب المواطنين الذين يتشردون ويضطرون إلى النزوح إلى هامش المدن وإلى الأكواخ في الهوامش وهي لا تسلم من هجوم القوات القمعية للنظام. ونموذج الهجوم على سكان العشوائيات في كرمانشاه وقتل الأم العجوز آسيه بناهي، تعد حالة واحدة من هذه الجرائم.
كما أن العيش في القبور والسراديب هو الوجه الآخر من عملة احتكار السكن والعيش في القصور من قبل المسؤولين والعناصر التابعة للحكم، وذلك في حالة ازدياد يومًا بعد يوم.
وتحذير العناصر التابعة للنظام من الوضع المتفجر وسط جيش العاطلين عن العمل وسكان العشوائيات يبين القابلية الكامنة فيهم من أجل العصيان والانتفاضة ضد ظلم الملالي؛ وما شاهدناه جانبًا منه في انتفاضة نوفمبر/تشرين الثاني 2019.