“استراتيجية” خامنئي لحل أزمات النظام – تطرق خامنئي في خطابه بتاريخ 21 مارس في اليوم الأول من العام الإيراني الجديد لموضوع الاتفاق النووي والعلاقات الدولية، وأكد على ضرورة الانكماش والمواجهة مع المجتمع الدولي باعتباره سياسة لا مفر منها.
الأزمة الداخلية للنظام تضمنها الجانب الآخر من حديث خامنئي، حيث قرع خلال كلمته على طبلة الانكماش.
وفي موقف مطابق اعترف خلاله أحد قادة الزمرة المهزومة، المدعو “عارف” يوم10 مارس، بقوله: أننا “نشعر بعدم رغبة الناس في المشاركة في الانتخابات” وهو “خطير جدا” على النظام، خاصة أننا “كنا نناور في مشاركة الناس منذ بداية الثورة”.
وفي ظل هذا الوضع، أصبحت ذئاب النظام متحمسة للغاية لتولي منصب الرئاسة لدرجة “تعثر الوضع عشية الانتخابات ولا يمكن إخفاء الخلافات، والصراع في الحلبة بين العرابين ولا أحد ينوي التراجع” بحسب ما أوردته صحيفة همدلي 9 مارس.
والآن بعد أن رأى الولي الفقيه للنظام أن نظامه ينقسم، بات يرغب على غرار نمط مسرحية الانتخابات البرلمانية في فبراير 2020 واستخراج “برلمان ثوري!” من جعبة ولاية الفقيه، أي أن يخرج برئيس “ثوري!” مثل أحمدي نجاد (حينما كان مطيعا لخامنئي ولم يتمرد عليه بعد).
أي المطلوب رئيس يتمتع بالخصوصيات والمميزات التي وصفها خامنئي كالتالي: “أن يكون كفؤاً، ومؤمنا (بولاية الفقية)، يكافح لتحقيق العدالة، وله أداء ثوري وجهادي (أي في الإرهاب والقمع، بدون كابح وتوقف). بمعنى أنه لا يمكن له التعامل حسب الاتيكت، ويجب أن يكون مفعما بالأمل، لا يصاب بخيبة أمل وتشاؤم وإلقاء نظرة مريرة ومظلمة على المستقبل! (أي أنه لا ينبغي أن يكون محبطا بالوضع الحرج للنظام)، (21 أبريل).
وبخطابه الذي ألقاه يكون خامنئي قد مهد الطريق للقضاء التام على زمرة روحاني، في الوقت الذي حذر فيه روحاني من هذا الأمر الشهر الماضي، حيث قال مشيراً إلى نوايا خامنئي: إني أخاف أن تكون هناك أيدي خلف الكواليس تعمل وتريد تثبيط عزم الناس من المشاركة في الانتخابات (يقولون) الإرادة في أيدينا وليست لكم! “لستم صاحب قرار!”، (24 فبراير).
اعتراف مسبق
لكن خامنئي نفسه كان قد اعترف بالفعل بهزيمة وبطء سيرك الانتخابات، ولتبرير ذلك قال بحماقة: “جواسيس الدولتين، الولايات المتحدة وإسرائيل، يحاولون منذ مدة إضعاف رونق الانتخابات الإيرانية المقبلة!”، معرباً عن أسفه لفضيحة غرفة التلاعب بالأصوات في مجلس صيانة الدستور، حيث قال”يتهمون المنظمين للانتخابات ومجلس صيانة الدستور بأنها مفبركة”، وأضاف “يريدون أن يثبطوا عزيمة الناس بأن أصواتكم ليس لها أي تأثير، لماذا تتعبون أنفسكم؟”، ويسترسل “(العدو) يفعل هذه الأشياء بكل قوته!”.
الخشية من عدو متربص
وفي ذات السياق، ينفس خامنئي عن حقده من العدو الذي يفضح دائمًا تزويره وجرائم نظامه، وهو الآن يترصد النظام في الفترة الحاسمة للانتخابات، ويقول في هذا الصدد: “يستفيد العدو من الفضاء الإلكتروني إلى أقصى حد. لسوء الحظ، في الفضاء الإلكتروني، لا يتم متابعة الملاحظات التي ذكرتها، والفضاء الإلكتروني متروك على حاله”.
ويصف خامنئي منحى الكراهية الاجتماعية نحو الانتفاضة بأنها “الأضرار الاجتماعية” قائلاً: “الأضرار الاجتماعية من أهم القضايا في البلاد… يجب إدارة الفضاء الإلكتروني، ولا ينبغي أن يكون تحت تصرف العدو ليستخدمه ضده (أي النظام)، هدف العدو تقليص مشاركة الناس في الانتخابات بالطرق النفسية!”.
الانقسام وحرب الذئاب
خامنئي، بينما كان يمسك بسيف إقصاء زمرة روحاني من الساحة، إلا أنه بدا خائفاً من عواقب تصعيد حرب الذئاب وقال محذرا: “لا تجعلوا الانتخابات رمزًا للانقسام، ولا تجعلوها رمزًا للتفرقة، ولا رمزًا لثنائية القطب، اتركوا تقسيمات اليسار واليمين، المهم هو النظام، لا تجعلوا النظام منقسما بين قطبين!”.
ظهور خامنئي في المشهد في مثل هذا الموقف الحرج والمحبط جاء ليدق المسامير الصدئة على الألواح الفاسدة لسقالات نظامه قدر استطاعته في بداية العام.
وضع النظام البائس عبرت عنه الرئيسة المنتخبة للمقاومة الإيرانية، السيدة مريم رجوي ، في خطاب نوروز20 مارس، بقولها: “اليوم، يعيش نظام ولاية الفقيه في وضع بائس لم يسبق له مثيل في السنوات الأربعين الماضية، حكومة حسن روحاني مشلولة وعاجزة….مهزلة الانتخابات النيابية الماضية ورغم كل التلاعب بالأرقام، سقطت إلى أدنى مستوى المشاركة خلال الأربعين سنة الماضية….الشعب الإيراني قال ولا يزال يقول لا لحكم الملالي ولا للاستبداد الديني ولا لقمع الحرية والكبت والنهب، ونعم للحرية وصوت الجماهير، ونعم للجمهورية الديمقراطية”.