المرأة الإيرانية ترفض 4 عقود من الاستبداد الديني
المرأة الإيرانية ترفض 4 عقود من الاستبداد الديني – كانت ثورة 11 فبراير 1979 في إيران واحدة من أكبر وأروع الحركات الشعبية في تاريخ حركات التحرير التي أطاحت بديكتاتورية الملوك البهلوييين. وبالإطاحة بنظام الشاه سعي الشعب الإيراني، وخاصة المرأة الإيرانية إلى التمتع بحقوقها وحرياتها الإنسانية لكي يبني مجتمعًا جديدًا. إلا أن خميني سرق قيادة الثورة، وبالتالي، ضلت أهداف الثورة الطريق.
وبعد أسبوع واحد فقط من 11 فبراير 1979، بدأ نظام الملالي في قمع حريات المرأة الإيرانية.
وتجسد المحور الأول في الهجوم على المرأة، نظرًا لأن طبيعة الاستبداد الديني قائمة على التمييز بين الجنسين.
وعبر خميني عن أيديولوجيته في الرد على مراسلة صحفية عندما سألته عن طبيعة دور المرأة في ظل الحكومة الإسلامية، فقال: لم يحن الوقت بعد للحديث عن هذا الموضوع. إلا أنه بعد 11 فبراير 1979 كشف عن وجهه الحقيقي بسرعة البرق، على النحو التالي:
26 فبراير: أعلن مكتب خميني إلغاء ”قانون حماية الأسرة“.
27 فبراير: الغاء قانون الخدمات الاجتماعية للمرأة.
28 فبراير: تعميم التمييز على أساس النوع الاجتماعي، مناهضة للمرأة في مجال الرياضة.
2 مارس: منع النساء من العمل في مجال القضاء.
4 مارس: للرجل الحق في طلاق زوجته من جانب واحد وقتما شاء.
7 مارس: إصدار فتوى بإجبار المرأة العاملة على ارتداء الحجاب القسري في الإدارات الحكومية، وعدم السماح لها بدخول مكان عملها بدون حجاب.
22 مايو 1979 : جلد أول امرأة على الملأ العام
12 يوليو 1979: إعدام ثلاث نساء بتهمة إرتكاب فعل المنكر.
30 سبتمبر 1979: وضع قانون جديد كبديل لقانون حماية الأسرة ، سلب من المرأة الامتيازات القليلة التي كانت تتمتع بها في عصر الشاه.
3 فبراير 1980: إصدار أول تعميم حكومي حول فرض الحجاب الإجباري على الممرضات والطبيبات.
19 أبريل 1980: استدعاء المطربات إلى المحكمة وحرمانهن من الغناء للأبد بعد إهانتهن وتهديدهن.
29 يونيو 1980: تنفيذ حكم بالرجم على امرأتين سيئتي الحظ في كرمان. وتم تنفيذ هذا الحكم حتي قبل أن يصدق مجلس شورى الملالي على قانون القصاص اللاإنساني (المصدق عليه عام 1982)
وفي عام 1981 ، استمر الفصل بين الرجل والمرأة في وسائل المواصلات العامة وأماكن الترفيه وشواطئ البحار، وغيرها من المناطق.
وفي عام 1982 ، تم تخفيض سن زواج الفتيات إلى 9 سنوات، ثم ارتفع سن الزواج إلى 13 سنة في القانون بعد ذلك.
وتنص المادة رقم 1041 من قانون تعديل القانون المدني المصدق عليه في 5- 11- 1991 وهامشه على أن ”عقد زواج الفتاة قبل بلوغ سن الـ 13 سنة شمسية كاملة ، والصبي قبل بلوغ سن 15 سنة شمسية كاملة منوط بإذن ولي الأمر، بشرط أن يكون تحديد مدى جدوي هذا الزواج من قبل المحكمة المختصة“.
لكن خميني تعمد جعل المرأة وسيلة لإضفاء الطابع المؤسسي على القمع والتمميز. لأنه كان يسعى إلى قمع الحريات المطلق العنان.
وفي عام 1983 تم سن قانون الحكم بعقوبة الـ 74 جلدة بتهمة عدم الالتزام بارتداء الحجاب.
وتم إضفاء الطابع المؤسسي على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في دستور الملالي. وفي عام 2010 تم التصديق عليه من خلال مشروع قانون إضافي، في عهد حكومة أحمدي نجاد.
وفي عام 2010 تم التصديق على قانون يسمي قانون ”نشر ثقافة العفة والحجاب“. أي أنه يتعين على 26 كيان في نظام الملالي فرض الحجاب القسري على المرأة.
وفي عام 2014، تم التصديق على مادتين من مواد مشروع القانون الجديد بعنوان ” حماية الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر“، وفي عام 2016 صدق عليه مجلس شورى الملالي بالاجماع وبدأ العمل به. وكان التصديق على هذا القانون ذريعة لاعتداء الزمر الحكومية على المرأة على نطاق واسع.
ومنذ عام 2012 قام نظام الملالي بالتقنين على أساس نوع الجنس على نطاق واسع في الجامعات ، وتم فصل الطالبات بشكل نهائي من 77 قسم من الدراسة الجامعية. وفي هذا العام تم إنشاء جامعات أحادية النوع الاجتماعي للفصل بين الطلاب.
وفي مايو عام 2013 ، أطلق خامنئي خطة لزيادة عدد السكان وإنجاب الأطفال. وبعد هذا الخطاب، أقر المجلس مشروع قانون جديد زاد بشكل صارخ من حرمان المرأة من العمل وحقوق الأسرة.
وفي يناير 2016 ، قيد مجلس شورى الملالي توظيف المرأة في النقابات العمالية من منطلق الفصل بين النوعين الاجتماعيين، في مكان العمل بحيث تكون فترة العمل من الساعة 7 صباحًا حتى الساعة 10 مساءًا ؛ من خلال التصديق على مشروع قانون لصيانة العفة والحجاب.
السفر دون إذن الزوج: ينص البند 6 من المادة 18 من قانون الجوازات صراحةً على أن إصدار جواز سفر للمرأة المتزوجة منوط بموافقة خطية من الزوج. (موقع ”خبرآنلاين“ الحكومي – 16 سبتمبر 2015 )
إن القيود المفروضة على المرأة في ظل حكم الملالي كثيرة ولا حصر لها ، ومن بينها : منع المرأة من ركوب الدراجات الهوائية، ودخول الأندية الرياضية لمشاهدة المباريات ، وتقييد عزف الموسيقى والغناء الفردي.
النضال المستمر للمرأة الإيرانية الذي يأبى الاستسلام
إن هذه الالتزامات بالإكراه لم تجبر المرأة الإيرانية على الاستسلام ، حيث أن مقاومة المرأة خلال العقود الـ 4 الماضية لم تهدأ فحسب ، بل تصاعدت يومًا بعد يوم.
فبعد سنتين ونصف من الثورة، قتل وأصيب العشرات من الطالبات من أنصار حركة مجاهدي خلق أثناء حملة القمع التي قام بها بلطجية نظام الملالي حاملي الهراوات. ومن بين الطالبات اللاتي فقدن حياتهن في هذه الحملة البربرية : ”نسرين رستمي “و”مهري صارمي“ و”سيما صباغ“ و”فاطمة رحيمي“ و”سمية نقره خواجا“ و”فاطمة كريمي“.
وفي 20 يونيو 1981 ، اختارت المرأة شرف المقاومة وأبت أن ترضى بعار الاستسلام عندما أطلقت قوات حرس خميني النار تلبية لأوامره، على المظاهرة السلمية لنصف مليون شخص من أهالي طهران.
وفي مساء اليوم نفسه بدأ نظام الملالي عمليات إعدامه الجنونية. وكان من بين أول مجموعة تم إعدامها فتيات وطالبات تتراوح أعمارهن بين 16 و 17 سنة ، وحتى لم يتم الإفصاح عن أسماءهن وهوياتهن.
كما أنه خلال مجزرة 30 ألف سجين سياسي في عام 1988، تم إعدام النساء المجاهدات شنقًا مجموعة تلو الأخرى.
إن قتل النساء المجاهدات بإطلاق الرصاص في رحمهن واغتصاب الفتيات البكر قبل الإعدام بالإكراه والتعذيب وحتى قتل الأطفال أمام أعين أمهاتهم وبتر أعضاء الجسم والحبس طويل المدة في أقفاص حجمها متر مربع واحد وإعدام الفتيات الصغيرات والأمهات المسنات ، ما هي إلا بعض جوانب العداوة الجنونية من جانب نظام الملالي للمرأة.
الانتفاضات في أعوام 1999 و 2009 و 2018
ونتيجة لذلك، اندلعت انتفاضة الشعب الإيراني المجيد مرة أخرى في عام 1999 ، وأظهرت الطالبات للملالي وجهًا جديدًا من عدم الاستسلام لاضطهاد المرأة، وفي خضم هذه المعركة نالت إحدى الطالبات شرف الشهادة ، وتدعى ”فرشته علي زاده“.
وكذلك، قُتل وأصيب عدد من النساء خلال الانتفاضة الشعبية في عام 2009 ، ومن بينهن الشهيدة ”ندا آقا سلطاني“ ، وهي فتاة جعلتها شهادتها الملهمة رمزًا لهذه الانتفاضة.
ومنذ شهر يناير 2018 ، اكتسبت انتفاضة الشعب والمرأة الإيرانية وجهًا آخر.
وفي انتفاضة يناير 2018، لعبت المرأة الإيرانية دورًا بارزًا في تشكيل الحركات الشعبية. إذ رددت الطالبات في مظاهرة يناير 2018 هتاف ” أيها الإصلاحي وأيها الأصولي، انتهت اللعبة كفى زيفكما“ واستهدفن مبدأ الولي الفقيه وضربن ختم البطلان على جميع دعاة الإصلاح في زمرة حسن روحاني والأجنحة المنتمية له .
وبعد انتفاضة يناير ، بدأت موجة من اعتقال الطالبات. وكان من بين المعتقلات في انتفاضة يناير 2018 أكثر من 500 فتاة وإمرأة شابة.
انتفاضتا نوفمبر 2019 ويناير 2020
في انتفاضة نوفمبر 2019، اعترف الخبراء في نظام الملالي بالدور القيادي للمرأة، وقالوا: ”في العديد من المناطق، ولاسيما في ضواحي طهران، يبدو أن النساء اللاتي تتراوح أعمارهن ما بين 30 و 35 سنة يؤدين دورًا خاصًا في قيادة الانتفاضة. إن العمل الميداني وخاصة للمرأة خلال التظاهرات الأخيرة أمر ملفت للنظر ويدعو للدهشة وذو أهمية كبيرة”.
ومن جانبها ، أشادت السيدة مريم رجوي رئيسة الجمهورية المنتخبة للمقاومة الإيرانية، بالمرأة، قائلة: ” إن المرأة تشارك بفعالية وتلعب دورًا قياديًا وداعمًا منقطع النظير. وقد أكدنا أكثر من مرة على أن المرأة هي القوة الدافعة للتغيير وأنها هي التي سوف تطيح بولاية الفقيه الرجعية.
وفي 15 ديسمبر 2019 ، أعلنت المقاومة الإيرانية أن عدد من نالوا شرف الاستشهاد على يد قوات الأمن القميعة في نظام الملالي أثناء انتفاضة نوفمبر 2019 أكثر من 1500 شهيد. وبعد ذلك، أكدت وكالة “رويترز” للأنباء نقلًا عن مصادر داخل نظام الملالي أن هناك 400 امرأة و 17 مراهقًا من بين القتلى .
كما أنه خلال انتفاضة يناير 2020 أكد عدد من الطالبات على عدم الاستسلام للديكتاتورية الدينية احتجاجًا على قصف قوات حرس نظام الملالي للطائرة المدنية الأوكرانية بالصواريخ مما أسفر عن مقتل عدد من الطلاب ورردن هتاف ” استقيل يا قائد القوات العام“
كما سلطت صحيفة “الغارديان” في موقعها الإخباري الضوء على دور المرأة القيادي، وكتبت: ” إن المجموعات التي تقود المرأة أغلبها احتشدوا مساء الأحد في ساحة ”آزادي“ بطهران. واستخدم المحتشدون الأوشحة والأقنعة لتغطية وجوههم وتصدوا لشرطة مكافحة الشغب ورجال الأمن المتنكرين بالزي المدني.
هذا وتمضي المرأة الإيرانية في الوقت الراهن قدمًا بالقيادة والعمل الميداني بشجاعة في الاحتجاجات للإطاحة بنظام الحكم الديني ومناهضة الملالي للمرأة، من تاريخ إيران للأبد.