الاتحاد من أجل الحرية والديمقراطية والمساواة​

رهائن إيران في المنطقة

انضموا إلى الحركة العالمية

رهائن إيران في المنطقة

رهائن إيران في المنطقة

رهائن إيران في المنطقة – نشرت صحيفة العرب مقالا من كاتب عراقي علي الصراف بشأن سياسة اتخاذ الرهائن من قبل النظام الإيراني و فيما يلي نص المقال

تتخذ إيران رهائن منذ الساعات الأولى لقيام الجمهورية الخمينية. أزمة رهائن السفارة الأميركية التي اندلعت في 4 نوفمبر من العام 1979 واستمرت 444 يوما قدمت إشارة ساطعة أولى على منهجٍ سوف يتحول إلى إستراتيجية عريضة تُمارس في كل مكان وعلى نطاق أوسع فأوسع، حتى انتهى الأمر بنظام الولي الفقيه إلى احتجاز 93 مليون نسمة خارج إيران فضلا عن 83 مليون نسمة داخلها.

كل هؤلاء اليوم رهائن. ومصائرهم تتعلق بما يختاره الولي الفقيه لنفسه وما يريد أن يُمليه.

سياسات اتخاذ الرهائن لم تتوقف عند حدود أزمة السفارة في طهران. إذ أنها تكررت في لبنان، ثم أصبحت نموذجا لسلوك الميليشيات في العراق وسوريا واليمن. وظلت إيران نفسها تحتجز مواطنين غربيين بتهم زائفة لكي تقوم بمقايضتهم بعملاء ودبلوماسيين ينفذون أعمال إرهاب وكل نوع آخر من الجرائم.

تستطيع إدارة الرئيس جو بايدن أن تدرك الآن أن ميولها للتسامح مع جماعة الحوثي وضغوطها لوقف الحرب في اليمن أثمرت نتيجة معاكسة.

الحوثي رفض المبادرة السعودية لوقف الحرب، ليس لأنها غير مناسبة لاستعادة الاستقرار وإعادة بناء النظام السياسي في البلاد، ولكن لأن الولايات المتحدة لم ترفع العقوبات عن إيران.

أكثر من 30 مليون مواطن في هذا البلد المنكوب يُتخذون كرهائن من أجل الضغط على الإدارة الأميركية للعودة إلى الاتفاق النووي كما تراه إيران مناسبا لها.

إدارة بايدن رفعت اسم الحوثي من قائمة منظمات الإرهاب، فرد عليها الحوثي بحزمة هجمات من الصواريخ والطائرات المسيرة ضد السعودية، فضلا عن توسيع جبهات القتال داخل اليمن.

وعندما تمسكت هذه الإدارة بالضغط على السعودية، تلقى الحوثي الرسالة على أنها ميل تسامحي يجعل كفة التوازن الإستراتيجي تميل لصالح إيران، فزاد من إرسال الصواريخ الباليستية والمسيرات.

وعندما انتهت السعودية إلى إطلاق مبادرة شملت السياسي والعسكري والإنساني دفعة واحدة، فقد رفضها الحوثي، لأن الطرق ما تزال مغلقة بين واشنطن وطهران.

ما علاقة الملايين من اليمنيين بتلك الطرق؟ علاقتهم هي أنهم رهائن.

الشيء نفسه يحصل في لبنان. فلقد تقدم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بمبادرة حظيت بموافقة كل الأطراف لإعادة تمويل لبنان، إلا أن الأخذ بها ظل يتعطل، أولا بانتظار الانتخابات الأميركية، وثانيا بانتظار عودة واشنطن إلى الاتفاق النووي. وعندما بدا أن إدارة الرئيس بايدن تريد أن تعود إلى الاتفاق بشروط إضافية، فقد رفضتها طهران، فانهارت المبادرة الفرنسية.

ما علاقة هذا بذاك؟ علاقته أن اللبنانيين رهائن.

خرج الأمين العام لحزب الله ليقول في خطاب إنه يريد حكومة “تكنو – سياسية” وليس حكومة تكنوقراط مستقلين، فتلقى الرئيس ميشال عون الرسالة، فقام بتشكيل حكومة على مقاسه الخاص وله فيها “ثلث معطل” لكي يدفع الرئيس المكلف سعد الحريري إلى الاستقالة، فيتم دفن المبادرة الفرنسية ويتواصل الانهيار حتى يبلغ اللبنانيون جهنم التي وعدهم بها عون نفسه.

“ينهار لبنان، ولا تبقى إيران محاصرة”. ذلك هو المبدأ بالنسبة إلى حزب الله وصاحبه حسن نصرالله.

أكثر من 6 ملايين لبناني يدفعون الآن الثمن، بالفقر والجوع وانهيار أنظمة الخدمات وفشل الدولة.

لو كانت واشنطن تبعت إشاراتها التسامحية الأولى مع طهران ورفعت العقوبات لكانت حكومة سعد الحريري تركض، لا تمشي فقط، في الطريق المطلوب. إلا أنها تعثرت، ولم تخطُ خطوة واحدة إلى الأمام.

لماذا يجوع اللبنانيون وتنهار بلادهم على مرأى العين؟ لأنهم رهائن. والرهائن لا يحق لهم حتى أن يشكو مصيرهم البائس. ولو أنهم تمردوا ضد ما يلحق بهم من مظالم، فلحزب الله سلاح يكفي لقهرهم وإجبارهم على أن يخرسوا. إيران أولا. ثم يأتي من بعدها ما يأتي. وهناك منظومة كاملة من اليافطات الجاهزة لتبرير ذلك: مقاومة، صمود.. إلخ.

التسوية السياسية في سوريا تتعطل لأن طهران لم تعثر على “منطقة وسطى” تجمع بين نفوذها على نظام دمشق وبين مصالح الغزاة الآخرين.

كم كانت سلطة الولي الفقيه تتمنى لو أنها نجحت في إيجاد معادلة لاقتسام الكعكة مع روسيا على غرار اقتسام الكعكة مع الولايات المتحدة في العراق. ولكن ضغوطا متفاوتة من أطراف خارجية أخرى، فضلا عن معارضة داخلية تسندها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي جعلت “التقاسم” صعبا. وأدى بقاء الخطوط مقطوعة مع واشنطن أيضا إلى جعل من العسير إيجاد معادلة أخرى.

شعب بأسره يدفع ثمن نظام فاشل في هذا البلد. 17 مليون سوري أو أقل (هذا ما بقي، على أي حال، بعد 5 ملايين ممن تشردوا خارج وطنهم) يدفعون الآن ثمن نفوذ إيران في بلادهم ومصالحها هناك. هذه المصالح نفسها كانت تعني دمارا بات يتطلب أكثر من 400 مليار لإعادة الإعمار، بينما لا تملك إيران قرشا لتعيد بناء ما هدمته مدافعها وبراميل صعاليكها المتفجرة. فانتهت إلى أن تستولي على الأرض وما بقي واقفا من المباني.

لماذا يتم نهب البلد بهذه الطريقة؟ ولماذا لا تتوقف المأساة هناك؟ لأن السوريين باتوا رهينة لتسوية لن تتحقق ببقاء العلاقات مقطوعة بين طهران وواشنطن.

وهناك 40 مليون رهينة آخرين في العراق. اُنظر في حال هذا البلد، في الفساد الذي نخر كل شيء فيه، في الانهيار الذي يعم مؤسساته، في الفقر الذي يغلب على مواطنيه، في خراب مدنه، وفي تشرد الملايين من أبنائه، وستعرف أنهم رهائن لنظام تم تصميمه لكي يتحول إلى مستنقع عمائم وميليشيات وجهل، يعمل لصالح نظام الولي الفقيه فتُوجه له الموارد وتُهرب له الأموال.

الرهائن الذين سبقوا كل هؤلاء الرهائن هم الإيرانيون أنفسهم. فقلد انتهوا إلى بلد تحكمه عصابة تحت ستار دولة وهمية لم يبق منها من مقومات الدولة إلا هراء الشكليات. فتتصدرها إمّعات ودمى، ترث سلطتها من إمّعات ودمى، وكلها تأتمر بأوامر رئيس العصابة. وهذا الأخير لا يملك سلاحا أقوى من اتخاذ رهائن، ولا يتبع سياسة إلا من خلال الابتزاز بهم.

وهو يريد التفاوض،لبقاء سلطة العصابة، إنما على رؤوس رهائنه هنا وهناك وهنالك.

نقلٌا عن صحیفة العرب