علي خامنئي يسعى إلى توحيد نظامه في هذه الانتخابات
نظرة عامة على حلقة جديدة من حرب الذئاب الحاكمين في إيران على شعوذة الانتخابات
بقلم عبدالرحمن کورکی (مهابادي)*
علي خامنئي يسعى إلى توحيد نظامه في هذه الانتخابات – في حرب الدعاية بين الفصائل اللامتجانسة ظاهريًا حول الدورة الـ 12 من انتخابات رئاسة الجمهورية في نظام الملالي، قسّم الحرسي محمد باقر قاليباف، وهو نفسه كان مرشحًا لمنصب رئاسة جمهورية الملالي، المجتمع الإيراني إلى أقلية حاكمة نسبتها 4 في المائة وأغلبية محكومة نسبتها 96 في المائة. والآن، هل بقي هذا التقسيم على ما هو عليه بعد مرور 4 أعوام أم أنه قد تغير؟!
وفيما يلي نبذة مختصرة حول التطورات التي حدثت في هذه الفترة:
– اندلاع سلسلة من الانتفاضات والاحتجاجات الشعبية أكبرها انتفاضتي يناير 2018 ونوفمبر 2019، هزتا الأرض تحت أقدام النظام بشدة وبثتا في جسده رعشة الإطاحة.
– زيادة عدد معاقل انتفاضة المقاومة الإيرانية بين الشعب في جميع أرجاء البلاد وتلقى دعمًا وحماية كبيرة من الشعب، وقامت بدور منقطع النظير لا يخفى على أحد في تشكيل الانتفاضة وقيادتها.
– فرض المجتمع الدولي أشد العقوبات في التاريخ على نظام الملالي اللاإنساني، وتقول المصادر الرسمية الغربية أن الهدف من هذه العقوبات هو تجفيف مصادر ثروات هذا النظام الفاشي.
– انهيار الوضع الاقتصادي لنظام الملالي، مما أدى إلى أن وصل سعر صرف النقد في ظل نظام الملالي إلى أدنى مستوياته وأصبح الناس أكثر فقرًا.
– الإجحاف والتعسف في قمع – أي الشدائد، حسبما يقول قاليباف – الشعب وزيادة حالات الاعتقال والتعذيب والإعدام إلى درجة ارتكاب مذبحة المنتفضين في نوفمبر 2019 بشكل وحشي وحجب الاتصال بالإنترنت ومقتل أكثر من 1500 شخص، لا سيما الشباب الإيراني.
– قيام نظام الملالي بإشعال الحروب وافتعال الأزمات في المنطقة التي كادت أن تشعل شرارة الحرب ووصلت إلى ذروتها بهلاك الحرسي المجرم قاسم سليماني، الرجل الثاني في النظام الفاشي.
– تصاعد انتفاضتي الشعبين العراقي واللبناني ضد نظام الملالي وعملائه ولا تزالان مستمرتين وتمثلان حبلًا مرهقًا بشدة على رقاب هذا النظام في أراضي بلادهم.
– تعمُد تحطيم الطائرة المدنية الأوكرانية مما أودى بحياة 176 شخصًا، وهذه قضية مرفوعة ضد نظام الملالي الآن على الصعيد الدولي.
– وضع حد للعبة الإصلاحيين وإغلاق هذا المنهج الواهي الذي لا أساس له من الصحة، والدليل الدامغ على ذلك والذي لا يمكن إنكاره هو الشعار الشعبي في انتفاضة يناير 2018، “انتهت اللعبة يا إصلاحيين ويا أصوليين”.
– عزلة نظام الملالي دوليًا ومعاناته من مأزق إيجاد حل لما حل به من قضايا دولية، ومن بينها قضية الاتفاق النووي والملف النووي وقضية التفاوض مع أمريكا وكذلك قضية مجموعة العمل المعنية بالإجراءات المالية FATF وتصاعد حرب الذئاب الحاكمة في إيران.
– وغيرها من التطورات
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هو : هل ازدادت القاعدة الاجتماعية لنظام الملالي بعد هذه السنوات القليلة أم تراجعت؟ من المؤكد أن رد أي فرد واع ومنصف سيقول قد تراجعت بشدة. إذًا سيكون الاستنتاج الأول هو أن الملالي فرضوا هذا النظام الفاشي اللاشرعي على الشعب.
لكن من الواضح الآن في هذه الفترة من انتخابات مجلس شورى الملالي أن علي خامنئي بعد أن عين الجلاد إبراهيم رئيسي رئيسًا للسلطة القضائية بعد فشله في تعيينه رئيسًا للجمهورية بدلًا من حسن روحاني في الدورة الحادية عشرة، تخطى هذا الأمر لكي يقصي التيار الإصلاحي الوهمي لحسن روحاني ويوحد نظامه ليصبح نظامًا ذو الفصيل الواحد مستعينًا بنقط الارتكاز في السلطة القضائية ومجلس صيانة الدستور. والاستنتاج الثاني هو أن الأقلية الحاكمة البالغة نسبتها 4 في المائة من المجتمع الإيراني قد تفككت الآن وانفصلت عن النظام الفاشي في إطار سقوط قانوني، ومن هذا المنطلق سيؤدي هذا الانفصال إلى زيادة عدم شرعية هذا النظام الفاشي. ولذلك لم يأت تصدر على خامنئي وغيره من زعماء النظام للمشهد السياسي وتسول التصويت من فراغ، ولم يرجع ذلك إلى الشعب الذي يطالب بالإطاحة به ، بل يرجع إلى قوات نظامه المصابة بخيبة الأمل والمتبرمة والآيلة للسقوط.
وبناءً عليه، فإنه بسبب سلسلة التطورات التي حدثت على مدى الـ 4 سنوات الآخيرة، ولا سيما الانتفاضات الشعبية المشار إليها أعلاه التي لم تترك خيارًا للولي الفقيه، على خامنئي سوى أن يبتر ذراعه الإصلاحي للأبد في عملية جراحية مؤلمة، وأن يقبل حقيقة القضية الإيرانية، أي انتفاضة الشعب الإيراني للإطاحة بالديكتاتور. وهذه هي المرحلة الأخيرة من المواجهة بين القوتين المعاديتين، ومن المؤكد أن الشعب الإيراني والمقاومة الإيرانية سيقولون الكلمة الأخيرة وسيطيحون حتمًا بهذا النظام الفاشي، وهذا هو المشهد الذي يبث الرعب في نظام الملالي برمته.
وفي صراعه مع فصيل خامنئي في هذه الدورة من الانتخابات، قال روحاني صراحةً أنه لا توجد انتخابات في إيران، وأن ما يحدث هو عبارة عن تعيينات وشكليات وأنه ليس هناك مبدأ الشورى الذي ينص عليه الإسلام في اتخاذ القرار، بل ينوب واحد فقط عن الجميع في اتخاذ القرار . وهذا يعني أنه أدلي بتصريحات عن غير قصد . تصريحاتٌ كثيرًا ما أعلنت عنها المقاومة الإيرانية صراحةً على مدى الـ 4 عقود الماضية. وحسبما يقول روحاني، فإن إحصاءات الانتخابات السابقة كانت كلها مزيفة ومن فبركة “غرفة فرز الأصوات” التي يتحكم فيها علي خامنئي. كما قال علي خامنئي في رده على روحاني ” أنت أيضًا توليت منصبك بهذه الأرقام المزيفة والألاعيب ” وبناءً عليه، يكون على خامنئي قد أكد أن جميع الانتخابات السابقة في ظل نظام الملالي مزيفة وشعوذة وسخرية بالانتخابات وصندوق الاقتراع تمامًا.
ولجوء نظام الملالي إلى الكذب والإعلان عن أن نسبة المصوتين كبيرة في كل مرة تجري فيها الانتخابات أمر واهي ولا أساس له من الصحة وباطل ومعروف للجميع. وفي خضم صراع الذئاب خلال الأسابيع الأخيرة تم كشف النقاب عن أن نظام الملالي يعتزم هذه المرة أن يعلن عن أن نسبة أصوات الناخبين في هذه الدورة من الانتخابات تبلغ 60 في المائة.
ومن المؤكد أن حرب الذئاب الحاكمة بشأن مسرحية الانتخابات لا علاقة لها بالشعب، ولكنها فتحت عيون الشعب على الحقائق التي تجري داخل النظام الفاشي على لسان الذئاب أنفسهم. وهذا هو السبب في أن رئيسة الجمهورية المنتخبة للمقاومة الإيرانية السيدة مريم رجوي وصفت هذه المسرحية الانتخابية بالشعوذة وبسرقة سيادة الشعب وخيانة للأمة الإيرانية، وأكدت على أن مقاطعة الانتخابات في ظل نظام الملالي واجب وطني على كل مواطن إيراني شريف محب لبلاده ويتوق لرفعتها بين الأمم. كما أضافت السيدة مريم رجوي أن الشعب الإيراني قال كلمته لهذا النظام الفاشي في الانتفاضات الأخيرة وهي ” الإطاحة الحتمية ولا شيء سوى الإطاحة”.
@m_abdorrahman
*کاتب ومحلل سياسي خبير في الشأن الايراني.