الاتحاد من أجل الحرية والديمقراطية والمساواة​

فاطمة الصغيرة من كتاب رحلة العذاب في زنازين الملالي

انضموا إلى الحركة العالمية

فاطمة الصغيرة من كتاب رحلة العذاب في زنازين الملالي-min

فاطمة الصغيرة من كتاب رحلة العذاب في زنازين الملالي

فاطمة الصغيرة

من كتاب رحلة العذاب في زنازين الملالي

بقلم المجاهدة ” هنغامة حاج حسن

 

فاطمة الصغيرة من كتاب رحلة العذاب في زنازين الملالي

لا ! لا أريد أنأموت، لا أريد أن أموت!

بعد دخولي إلى القفص الجماعي بيوم أو يومين جاءت فتاة صغيرة السنوكانت مفعمة بالطاقة

والحيوية فسألتني: هل أنت جئت من القفص (٢٠٩)؟ قلت:نعم! فسألت: هل تعلمين شيئاً عن والدتي،

اسمها (طلعت)؟ فجأة تذكرت قلق (الأمطلعت) عن ابنتها الصغيرة فاطمة! سألتها: هل أنت فاطمة؟

فجأة تعلقت بعنقي واحتضنتني سائلة: هل أنت تعرف أمي؟ هل رأيتها؟ كانت تتكلم باضطراد وتكاد

تخرج من ثيابها فرحًا. كانت تبدو أصغر من سنها بكثير، قلت لها أطلق سراحوالدتك من نفس المكان

وهي كانت قلقة عليك وبالتأكيد تبحث الآن عنك. قالتاعتقلوني بعد يوم واحد من اعتقال والدتي

وأحضروني هنا. إن محققي سيئجداً معي، ويقول سأعدمك! قلت إنه يخطئ! يريد أن يخيفك! وفي

الحقيقة كانتأكثر طفولة من ذلك حتى تريد أن تعدم. كانت متهمة فقط بممارسة الرياضة فيالمدرسة

أو أي كلام كاذب كان من الممكن أن يقوله محقق أحمق.

تعلقت فاطمة بي كثيراً، إذ كانت لا تفارقني وكنت أشعر أنها تريد أن تملأفراغ حاجتها لوالدتها بي،

كانت تتحدث لي وتمازحني وتشكو لي آلامها وتتشاورمعي وكانت تنام بجنبي وتأخذ يدي وتضعها على

صدرها إلى أن تنام، وخلاصةذلك أنها كانت لا تتركني أبداً، أنا أحببتها وكنت أدرك حاجتها وكنت

أحاولمساعدتها، في كل مرة كانت تذهب إلى التحقيق، كانت تخبرني أن المحقق يهددهادائماً، ولكنها

كالمعتاد كانت تستمر بتمرد طفولتها وشغبها في القفص، لأجل هذاكانت الفتيات القريبات منها في

القفص ينادينها بـ(فاطمة موش) وموش في اللغةالفارسية تعني »الفأر«، لأنها كانت كالفأرة صغيرة

وسريعة في الجري وكذلكلأن أسم عائلتها كان قريباً من ذلك (فاطمة موشايي.)

كيف نقلوا فاطمة لإعدامها رمياً بالرصاص

في أحد الأيام كان الوقت قبل الظهر حينما قرؤوا عبر مكبرات الصوتأسماء كل من (زهراء حسامي)

و(فاطمة موشايي) وسجينة أخرى، فور سماعيأسماءهن وخاصة اسم فاطمة هبط قلبي مرة واحدة أثر

الصدمة وتيبس مثلالمصعوقين بالكهرباء، لم أستطع أن أصدق الذي سمعته، نظرت إلى الأخرياتلأرى

هل الذي سمعته كان صحيحًا؟ نعم قد خيم صمت صاخب في السجنلأن الجميع كانوا يعلمون أنهم

سيأخذون أصحاب هذه الأسماء التي قرؤوها إلىالإعدام، فقامت (زهراء) بابتسامة مع الفتيات اللواتي

كن يبكين بصمت وودعتالجميع، كانت زهراء طالبة في كلية العلوم الصناعية وكانت أختًا قوية

وهادئةالأعصاب كانت تضحك دائماً من كلامي ومزاحي وكانت تشجعني باستمرار حتىلا يخيم الصمت

علي وأحاول المحافظة على معنويات الفتيات وعلى هذا الصعيدمارسنا أعمالاً جماعية، ومسابقات

قراءة الشعر الجماعية ومن أمثال هذا، كنتلا أستطيع ان أتقدم، فتقدمت هي وحرّكتني قائلة: لا يحق لك

أن تبكي، فمسحتدموعي وقالت: تذكري يجب أن تضحكي دائماً ولا تتركي الفتيات صامتات، لاتنس هذا

،يجب أن لا يرى العدو بكاءنا، ثم ذهبت.

أما فاطمة…. فقد رأيتها تحمل حذاءها بيدها وتجري بسرعة في حينكانت تمسك بعباءتها بقوة، وجاءت

إلى غرفتنا، وركضت نحوي بسرور كبيروتعلقت برقبتي بتلك السواعد الصغيرة وقالت: سنذهب، نقلنا

إلى سجن (قزلحصار) كنت أتمنى أن تأتي معي أيضا، فحاولت أن أبتسم، قلت نعم ستنتقليإلى سجن

(قزل)، فخرجت من الغرفة وركضت نحو قسم إدارة السجن، لم يعدباستطاعتي أن أذهب خلفها وأنظر

إليها، في لحظة سمعت فقط أصوات بكاءالنساء المتداخلة اللاتي كن ينادينها باستمرار، استندت خلف

الباب إلى الجداروجلست ولم يعد باستطاعتي أن أمنع نشيج بكائي الذي كاد يخنقني، لم أستطعأن

أفهم لماذا أفرغ المحقق الجلاد أحقاده الحيوانية على فاطمة الصغيرة، فيالوقت الذي كانت فاطمة

تركض فيه نحو قسم إدارة السجن، أصابها الشك بسببالصمت والحزن الذي خيم تلك اللحظة على

الفتيات وقبل الوصول إلى باب قسمإدارة السجن عادت ووقفت ونظرت بتمعن إلى السجينات

وانتبهت دفعة واحدةإلى الحقيقة، سمعت في لحظة واحدة صوت صراخها المرعب (لا ! لا أريد

أنأموت، لا أريد أن أموت!) ثم فقدت وعيها وسقطت على الأرض. كانت أصغر منذلك بكثير كي تتهيأ

للموت، أنها لم تشم بعد رائحة الحياة. سحبتها وحوش خمينيبحالتها تلك وهي فاقدة لوعيها وتركوا

وراءهم صراخ النساء وعويلهن اللاتي كنيرددن أسمها ويصرخن:(فاطمة!فاطمة!…….!لا…..!لا…..!) وكنت

أنا أيضاأصرخ في داخلي وسط نشيج ذلك البكاء، لماذا أيها الجلادون تريدون إعدام هذهالفتاة

الصغيرة التي لا ذنب له حتى بموجب قانونكم العائد إلى عهد جنكيز والتتر؟ما الذي فعلته؟ أيها

الجلادون، ما زالت فاطمتي الصغيرة عطشة لمحبة ورعايةوعطف الأم، إلهي لماذا….؟ لماذا……؟.