الاتحاد من أجل الحرية والديمقراطية والمساواة​

لكي نفهم ما يدور في إيران بقلم نزار جاف كاتب عراقي

انضموا إلى الحركة العالمية

لكي نفهم ما يدور في إيران بقلم نزار جاف كاتب عراقي

لكي نفهم ما يدور في إيران بقلم نزار جاف كاتب عراقي

لكي نفهم ما يدور في إيران

 

نزار جاف- كاتب عراقي

 

عندما اعدمت السلطات الايرانية في عهد الشاه أعضاء اللجنة المركزية لمنظمة “مجاهدي خلق”

(MEK) انتابتها نشوة عارمة وفرح غامر بنصر سياسي فريد من نوعه، وهي النشوة ذاتها التي اعترت

الاوساط الحاكمة في عهد جمهورية رجال الدين عندما ارتكبوا مجزرة عام 1988، ضد الالاف من

السجناء السياسيين من أعضاء وأنصار منظمة “مجاهدي خلق” (MEK)، وتكررت هذه النشوة عندما

اقتحموا “معسكر أشرف” في العراق وأبادوا 52 عضوا من أعضاء منظمة “مجاهدي خلق”(MEK)،

وذلك على أثر تلك الرسالة التي أبرقها الارهابي قاسم سليماني، وهو يزف نبأ انتصار قوة مدججة بكل

أنواع الاسلحة ضد أفراد عزل، السؤال الذي يجب أن نسأله: لماذا كل هذه الفرحة الغامرة لنظامين

مختلفين في الشكل، ومتشابهين في الجوهر، ضد تنظيم سياسي لا يمكن مقايسته بهما أبدا، من حيث

القدرات العسكرية والمالية والاعلامية؟

 

هذا السؤال لا يمكن الاجابة عنه بالصورة التقليدية المتعارف عليها، إذ أننا أمام تاريخ يكرر نفسه، ولابد

من سبر غوره حتى نفهم العقدة الاساسية الكامنة فيه، ولا سيما إن كانت هناك قائمة طويلة من

معارضي نظام الشاه، والامر نفسه بالنسبة لجمهورية الخميني، فلماذا تم التركيز على منظمة

“مجاهدي خلق” وحدها واستثناء الآخرين، واعتبار المنظمة العدو الرئيس، اما الآخرون أعداء هامشيون؟

 

منذ أواخر الستينيات وبداية السبعينات من القرن الماضي، كانت الاخبار تنقل أنباء عمليات ثورية

للمنظمة ضد نظام الشاه في طهران وغيرها من المدن مثل ما كانت تنقل أنباء إضرابات واعتصامات

أفراد المنظمة في الولايات المتحدة بخاصة ضد النظام الملكي وزيارة مسؤوليه لواشنطن أو دول

أوروبا، ولاريب أن العالم كله يعرف أن مصير نظام الشاه قد حددته هذه النشاطات من الاساس.

 

اليوم، وبعد كل هذا التاريخ الطويل، نجد أن “مجاهدي خلق” ومن خلال معاقل الانتفاضة التي تقودها

داخل إيران وتنفذ عمليات ثورية ضد النظام الديني، وفي الوقت نفسه هناك نشاطات سياسية لها في

الخارج، من قبيل إضرابات وتظاهرات وإعتصامات ومؤتمرات، وتجمعات ضد ملالي إيران، وبقدر ما كان

نظام الشاه يعاني الامرين من المنظمة، داخليا وخارجيا، فإن الحالة تتكرر مع جمهورية الخميني التي

يبدو أنها لم تتحمل كما تحمل نظام الشاه، وضاقت ذرعا بذلك، فبدأت إجراء اتصالات على أعلى

المستويات لدفع بلدان العالم للتدخل، وإيقاف نشاطات المنظمة السياسية.

 

هل هناك من لا يفهم كيف أن التاريخ يكاد يعيد نفسه، وأن المشاهد تتكرر والصراع يتكرر، أليس ذلك

يعني أن النظامين(الملكي والديني) هما وجهان لعملة واحدة، ويمارسان الممارسات ذاتها من تعذيب

وإعدامات وتصفيات، ومصادرة حريات ومطاردة المناضلين، وبخاصة أعضاء” مجاهدي خلق”، والاهم

من ذلك إن الديكتاتورية نفسها تتكرر مع تغيير طفيف، بجعل العمامة مكان التاج، وجعل الولي الفقيه

مكان الشاه؟

 

“مجاهدي خلق” خلال المواجهة والصراع المرير، كانت تؤكد على نقطة جوهرية واحدة تتمثل في

القضاء على الديكتاتورية والاستبداد، وذلك لا يمكن أن يتحقق إلا بإسقاط النظام، ولذلك فإنها كما

صممت على إسقاط نظام الشاه، فقد عقدت العزم أيضا على إسقاط النسخة الدينية للديكتاتورية

الملكية، والذي لفت النظر أكثر، هو إن المنظمة لم تدع الى إسقاط النظام، الملكي أو الديني واكتفت

بذلك، بل إنها طرحت نفسها بديلا للنظامين من خلال برنامجها السياسي الشامل، ولأنها تمتلك أكبر

قاعدة جماهيرية، ولها شعبية واسعة لا تزال تشكل صداعا لجمهورية الخميني رغم كل الجرائم والمجازر

والتصفيات التي ارتكبتها ضدها، فإنها شكلت خطرا وتهديدا استثنائيا على النظامين.

 

ومن الواضح جدا أن خامنئي ورهطه من رجال الدين في طهران أدركوا غباء فكرة الزعم إن المنظمة قد

إنتهت وتلاشت، وعوضا عن ذلك لجأوا الى أسلوب جديد لم يفكر به سلفهم الشاه، وهو اتباع نهج

تشويه سمعة المنظمة وإسقاطها بكل الطرق، مع طرح بدائل مزيفة لها مع سعي محموم لإيصال كل

تلك التشويهات والتحريفات الى وسائل إعلام مرموقة، وبطرق ملتوية تستخدم فيها كل الوسائل

المباحة وغير المباحة، من أجل تحقيق الغاية والهدف المطلوب.

 

خلال بدايات العقد الماضي وعندما شرعت في كتابة مقالات عن الاوضاع في إيران، وتسليطي الاضواء

على دور المنظمة، ومكانتها في المعادلة السياسية القائمة، جرت اتصالات معي عبر البريد الالكتروني

من شخص صار يرسل لي رسائل معظمها تشهير ودس وتعرض سافر للمنظمة، وطالبني بالكف عن

الكتابة عنهم لكونهم إرهابيين وقتلة، وبعد ذلك طلب مني شخص آخر ينتمي الى منظمة

تدعى”هابيليان” إجراء حوار معه في ما يتعلق بالمنظمة، وفي غمرة مناقشتي له، ولأنني كنت أركز

على الممارسات القمعية الاجرامية للنظام، فوجئت بنشره جانبا مما دار بيننا بصورة إنتقائية محرفة،

تماما كما فعلوا ويفعلون مع المنظمة.

 

يومها علمت ماتمثله هذه المنظمة وماتعنيه بالنسبة لهذا النظام، والذي يجب الانتباه إليه جيدا، هو إن

النظام الايراني ومن أجل خداع الرأي العام العالمي والتمويه عليه، يستخدم أعضاء سابقين طردوا من

المنظمة لأسباب مختلفة، أو إنهم لم يتمكنوا من مواصلة النضال حيث وفرت المخابرات الايرانية لهم

أوكار ومراكز تجمع كي ينجزوا مهمة محددة، وهي النيل من المنظمة بأساليب منحطة أترفع عن

ذكرها، خصوصا وبعد نجاح عملية الانتقال السلمي لثلاثة آلاف من المعارضين الايرانيين من العراق،

وبناء “معسكر أشرف3″، فإن طهران فقدت صوابها، حتى إنها جعلت سفارتها في ألبانيا وكرا مخابراتيا

مهمته الاساسية متابعة كل ما يتعلق بهذا المعسكر، وكيفية النيل منهم وتشويه وتحريف الحقائق من

أجل إيقاف مسيرتهم التي صارت ترعب رجال الدين رغم إنه تفصلهم آلاف الكيلومترات عنهم.

 

قال الزعيم الهندي الخالد:” علينا ان نحارب العدو بالسلاح الذي يخشاه هو، لا بالسلاح الذي نخشاه

نحن”، ليس هناك من سلاح يخشاه النظام الديني في طهران سوى الدعوة للحرية والتأكيد على ذلك،

لأنه يعلم جيدا ان الحرية الحقيقية تعني سقوطه، تماما كما حدث مع سلفه الشاه، ولأن الطرف الذي

يدعو للحرية هو “مجاهدي خلق”، أو البديل السياسي ـ الفكري له، فإن نظام أطروحة”الحكومة

الاسلامية”الواهية للخميني لا يخشى أحدا كما يخشى منظمة “مجاهدي خلق”!

السياسة