ما السبب وراء الارتفاع الجنوني للأسعار ونسب التضخم في إيران ؟ – يعتقد خبراء اقتصاديون أن إيران هي الدولة الوحيدة في العالم التي شهدت معدلات تضخم مكونة من رقمين لأكثر من أربعة عقود متتالية. الأمر الذي أدى إلى الانتشار السريع للفقر وتدمير الهياكل الاقتصادية والاجتماعية.
وبحسب صحيفة همدلي اليومية الحكومية في 10 أكتوبر / تشرين الأول “الإحصاءات الاقتصادية تجاوزت حدود الكارثة”.
وفقًا لتقرير صادر عن صحيفة وطن إمروز الحكومية في 10 أكتوبر / تشرين الأول. فيما يتعلق جزئيًا بزيادة السيولة الإيرانية. “وفقًا لآخر تقرير للبنك المركزي، تجاوز حجم السيولة 39 ألف تريليون ريال (حوالي 140 مليار دولار). ويشير هذا الرقم إلى زيادة بنسبة 40 بالمائة في حجم السيولة مقارنة بالعام الماضي”.
أدت هذه الكمية من السيولة إلى ارتفاع أسعار المنتجات التي يحتاجها الناس، وأصبحت العديد من المواد الغذائية مثل اللحوم الحمراء والدجاج وحتى البيض والحليب ومنتجات الألبان الأخرى باهظة الثمن بالنسبة للكثيرين في جميع أنحاء البلاد.
فيما يتعلق بدور الحكومة في زيادة نسب التضخم، نشرت صحيفة دنيا اقتصاد الحكومية مقالاً جاء فيه: “إن النمو الكبير والحاد في القاعدة النقدية في الاثني عشر شهرًا التي سبقت منتصف صيف هذا العام متجذر في التمويل الحكومي التضخمي غير الصحي. هذه الإجراءات تفرض نتائجها باهظة التكلفة على المجتمع على هيئة نسب مرتفعة من التضخم، حيث تجاوز معدل التضخم في الأشهر الأخيرة نسبة 40 بالمائة.”
وفقًا لتقرير نشرته صحيفة همدلي اليومية الحكومية في 10 أكتوبر / تشرين الأول “صرّح رئيس اتحاد تجار الأجهزة المنزلية مؤخرًا: في الظروف الحالية، الحد الأدنى للمبلغ المطلوب لشراء ثلاجة إيرانية هو 240 إلى 250 مليون ريال (حوالي 860 إلى 893 دولارًا أمريكيًا)، بينما تجاوز سعر البوتجازات الإيرانية في السوق أكثر من 70 مليون ريال (حوالي 250 دولارًا). في مثل هذه الظروف، لن يتمكن الناس من شراء أجهزة منزلية إيرانية الصنع”.
ومن ناحية أخرى، فإن التضخم المتفشي في البلاد، جعل من المستحيل على الفقراء استئجار منزل.
وفي مقال نشرته صحيفة همدلي اليومية بعنوان “كم أصبح الإيجار أكثر تكلفة مؤخرًا؟” “وفقاً للإحصاءات، ارتفعت إيجارات المنازل بنسبة 24.7 بالمائة هذا الصيف مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وشهدت الأسر التي مددت إيجاراتها زيادة بنسبة 46.9 بالمائة في إنفاقها اليومية”.
بالإضافة إلى دور السيولة والمشاكل الاقتصادية الأخرى في زيادة التضخم وارتفاع الأسعار، تلعب الشركات التابعة للحكومة أيضًا دورًا رئيسيًا في ارتفاع الأسعار.
نشرت صحيفة ستاره صبح الحكومية اليومية مقالاً بعنوان “الشركات تتنافس على رفع الأسعار” جاء فيه: “وفقاً لمركز الإحصاء الإيراني، ارتفع سعر 40 سلعة أساسية بنسبة 100٪ منذ العام الماضي.
من بين السلع المنزلية، سجل الزيت النباتي الرقم القياسي بنسبة 141 بالمائة. بينما سجل الجزر زيادة بنسبة 140 بالمائة، والمشروبات الغازية بنسبة 132 بالمائة، والزبدة المبسترة بنسبة 121 بالمائة، والقشدة بنسبة 120 بالمائة، والدجاج بنسبة 119 بالمائة، والحمص بنسبة 112 بالمائة في المرتبة الثانية إلى السابعة على التوالي. وفقًا للجدول المنشور، زادت أسعار الحليب بنسبة 83 بالمائة، والأرز الأجنبي والأسماك المعلبة بنسبة 79 بالمائة، والسلمون واللبن والبيض بنسبة 77 بالمائة. بينما جاءت الزيادة في أسعار الجبن بنسبة 74 بالمائة، والفطر بنسبة 71 بالمائة، والشاي الأجنبي بنسبة 69 بالمائة، والكيزان بنسبة 67 بالمائة. كان ماسبق مجرد أمثلة للعديد من السلع والعناصر الأخرى المهمة التي شهدت أعلى زيادة في الأسعار في العام الماضي. نصف الأسواق الإيرانية مملوكة حصريًا لشركة واحدة أو أكثر، وقد أثرت هذه الشركات على الشركات الصغيرة من خلال خلق الإيجارات.”
بحسب صحيفة ستارة صبح اليومية، صرّح الخبير الحكومي علي قنبري في 10 أكتوبر / تشرين الأول، أن”التضخم العام ومنافسة الشركات على الأسعار وتقلبات العملة وانخفاض قيمة العملة الوطنية هي أهم الأسباب وراء ارتفاع أسعار السلع الأساسية للمواطنين”.
الحقيقة هي أنه من أجل التعامل مع هذا الوضع الحرج، يجب على الحكومة أولاً التوقف عن طباعة الأوراق النقدية غير المدعومة، وتحويل رؤوس الأموال السائلة إلى الإنتاج، الأمر الذي أصبح صعبًا للغاية بل ومستحيلًا.
في الوضع الحالي، تم تدمير إنتاج البلاد بشكل كبير، وتعتبر رؤوس الأموال السائلة أحد الأسباب الرئيسية لهذا التدمير بالإضافة إلى عدم وجود سبب لاستخدامها في الإنتاج.
يعد استقرار سوق الصرف الأجنبي أيضًا أحد طرق منع ارتفاع التضخم، هناك بعض الحالات التي ترفع فيها الحكومة عن عمد سعر الصرف الأجنبي من أجل تعويض عجز الميزانية.
في وقت سابق، أقرّ محمود واعظي، رئيس ديوان الرئيس السابق حسن روحاني، بأن الحكومة ترفع سعر الصرف بشكل كبير من أجل تغطية عجز الإنفاق والميزانية.
بحسب وكالة أنباء الطلبة الإيرانية شبه الرسمية في 27 فبراير/ شباط 2020. “على المستوى الاقتصادي، سعر صرف الدولار في إيران ليس 250 أو 2700 ألف ريال (سعر صرف الدولار الآن حوالي 280 ألف ريال). اتخذنا مثل هذه الإجراءات حتى نتمكن من إدارة اقتصاد البلاد حتى يقول الأعداء اليوم أن أقصى حالة من الضغط قد فشلت!”
وبما أن سبب وراء هذا الوضع الحرج هو النظام الفاسد، فهو لا يريد ولا يستطيع تصحيح الوضع الراهن. الحقيقة هي أن محاربة الفساد في نظام يكون قائده الأعلى مثالاً للفساد هو مجرد مزحة.
لقد ضغط النظام على البلاد والشعب حتى أخرجوا آخر ريالاتهم، واليوم ليس لدى الشعب ما يخسره. وهذا هو السبب وراء استمرار الاحتجاجات في جميع أنحاء البلاد على الرغم من قمع النظام وانتشار فيروس كورونا وغيرها من عشرات القضايا الأخرى. يتلاعب النظام بادعاءات مزدوجة حول محاربة الفساد. إنها مسألة وقت فقط قبل أن تنفجر تلك السياسات في وجه النظام.