ما هي خصائص المظاهرات الأخيرة في إيران؟
بقلم: النقيب المهندس ضياء قدور
ما هي خصائص المظاهرات الأخيرة في إيران؟ – في الأسبوع الحالي، اشتعلت موجة جديدة من المظاهرات والاحتجاجات الشعبية داخل إيران، منتشرةً مثل النار في الهشيم في أكثر من ١٧ محافظة إيرانية، لتستمر حتى يومنا هذا.
هذه الموجة الاحتجاجية تعتبر استمراراً للانتفاضة التي اشتعلت في شهر نوفمبر من العام الفائت ٢٠١٩، والتي كانت أضخم وأقوى موجة شعبية غاضبة شهدها نظام الملالي منذ الحركة في عام ٢٠٠٩، وذلك نظراً لكل المقاييس، بدءً من عدد شهدائها الذي وصل لأكثر من ١٥٠٠ شهيد (كشفت المقاومة الإيرانية عن أسماء نصفهم)، وانتهاءً بحملات الاعتقال الواسعة التي طالت أكثر من أثني عشر ألفاً من المنتفضين من مختلف المحافظات الإيرانية.
أكثر ما يلفت الانتباه في هذه الموجة الشعبية الغاضبة والواسعة، هو معدل و مغزى الشعارات المنددة بالنظام وقادته الرفيعين، والتي صرخ بها المتظاهرون من طلاب جامعيين ومواطنين محتجين.
أولاً: أكثر من ٥٠% من شعارات المحتجين استهدفت خامنئي، المرشد الإيراني بالدرجة الأولى، والمؤسسة المعنية بحفظ النظام الإيراني (قوات الحرس) بالدرجة الثانية.
أي أن هذه الشعارات استهدفت حقيقةً نظام الملالي بأكمله، لأنها استهدفت زعيمه وكذلك مؤسسة قوات الحرس اللذان يمثلان نظام ولاية الفقيه بأكمله.
من الشعارات التي رددها المتظاهرون كان « بالمدافع والرشاشات يجب قتل القائد» أو «دكتاتورية الحرس تمثّل داعش في إيران»، وهناك عشرات الشعارات من هذا القبيل.
ثانياً: بعد الفشل الذريع الذي مني به الجهاز الدعائي لنظام الملالي في تصوير الهالك قاسم سليماني على أنه بطل أسطوري، وذلك بعد مقتله مع عدد من مرتزقة الملالي في غارة أمريكية في العراق، حاولت البروباغاندا الملالية استغلال جنازة هذا الهالك لحشد وتجييش عناصر النظام في جميع أنحاء البلاد من قوات الحرس وقوات الباسيج وشبيحة وغيرهم، للإظهار بأن النظام ما يزال يحظى بقاعدة شعبية داخل إيران.
لكن هذه المظاهرات الضخمة والواسعة وجهت ضربة قاصمة للجهاز الدعائي في نظام الملالي، وأبطلت مفعول هذه المحاولات المستميتة واليائسة، عندما أقدم المتظاهرون على حرق صور الهالك قاسم سليماني في الشوارع أمام مرأى ومسمع من العالم كله، منادين بشعارات أذهلت العالم، وعبَّرت عن مدى الوعي الشعبي العالي للشبان المنتفضين ومعاقل الانتفاضة كمحرك ومنظم أساسي للانتفاضات الشعبية داخل إيران.
شعار “سليماني قاتل، وقائده أيضا قاتل” بيَّن عن انكشاف وانفضاح آخر أوراق نظام الملالي التي كانت تستر عورته، وأظهر بشكل جلي لا بس فيه أن هناك هدفاً مشتركاً تسعى إليه كل شعوب المنطقة على مختلف أعراقهم ودياناتهم ومذاهبهم، بمن فيهم الشعب الإيراني المضطهد، ألا وهو الخلاص من أصل الشر والخبث والإرهاب في المنطقة المتمثل في نظام الملالي، وذلك بعيداً عمَّا كانت تروج له البروباغاندا الملالية داخل إيران وخارجها.
ثالثاً: الشعار الآخر اللافت للانتباه من بين شعارات المنتفضين كان شعار “الموت للظالم، سواء كان الشاه أو، خامنئي”، الأمر الذي عبَّر عن أمرين اثنين:
الأول هو أن الشعب الإيراني المنتفض يرفض كل من نموذجي النظام الشاهي و الملالي على حد سواء، يرفض النظام الشاهي بشكله العلماني، والنظام الملالي بشكله ومظهره الإسلامي، كونهما نظامين دكتاتوريين قمعيين لم يلبيا رغبات وتطلعات الشعب الإيراني في الديمقراطية والحرية والكرامة، ما يدفعنا للبحث عن بديل ديمقراطي لنظام الملالي الذي يعيش في مراحله الختامية، وهذا البديل الديمقراطي موجود ومتاح ومتثمل في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية ومنظمة مجاهدي خلق الإيرانية، ورئيستهم المنتخبة السيدة مريم رجوي.
أما الأمر الثاني والأهم فهو، أن هذا الشعار أشار لتيَّقن الشعب الإيراني وإيمانه في أن نظام الملالي ساقط لا محالة، وأنه سيلاقي نفس المصير الذي لاقاه نظام الشاه في إيران عمَّا قريب.
أما الميزة الأخرى لهذه المظاهرات، فقد تمثلت في الحضور النسائي الواسع خلال هذه المظاهرات.
وعلى الرغم من استشهاد أكثر من ٤٠٠ امرأة إيرانية من بين ١٥٠٠ شهيد في انتفاضة نوفمبر ٢٠١٩، لكن ذلك لم يمنع النساء الإيرانيات من التواجد، وبشكل مكثف وواسع في المظاهرات، لا كمحتجات عاديات، بل كن في صدارة المظاهرات وقيادتها، وكذلك في طليعة ترديد الشعارات الغاضبة.