الاتحاد من أجل الحرية والديمقراطية والمساواة​

مجاهدو خلق في بداية عامهم السادس والخمسين

انضموا إلى الحركة العالمية

مجاهدو خلق في بداية عامهم السادس والخمسين

مجاهدو خلق في بداية عامهم السادس والخمسين

مجاهدو خلق في بداية عامهم السادس والخمسين – نعيش الآن الذكرى السنوية الـ 56 لتأسيس منظمة مجاهدي خلق الإيرانية، وهي منظمة كان لها تأثير مصيري حاسم على جميع التطورات السياسية والاجتماعية في إيران على مدى العقود الـ 5 الماضية ومازالت مؤثرة، بشهادة العدو قبل الصديق. لذا من المستحيل دراسة التاريخ المعاصر لإيران ونتجاهل دور هذه المنظمة الفريد.

منظمة ولدت في خضم صراعات طاحنة

عندما لم تكن منظمة مجاهدي خلق قد اختارت لنفسها اسمًا حينذاك، برز نجمها اجتماعيًا نتيجة لتلقيها ضربة قوية من جهاز استخبارات الشاه (السافاك)، حيث نجح السافاك في سبتمبر 1971 في اقتحام جميع مقرات التنظيم واعتقال معظم أعضائه وكوادره في هجوم مفاجئ وقام بتجميع التنظيم.

وكان كل شيء شاهد على أن هذه الحركة لم يقو ساعدها بعد، وخُنقت في مهدها دون أن تتاح لها فرصة القيام حتى بعملية واحدة. بيد أن مجريات الأحداث تبين أن مجاهدي خلق حولوا هذه الضربة إلى نقلة سياسية واجتماعية وإلى ضربة مدمرة لهيكل نظام الشاه بمقاومتهم البطولية في السجون والدفاع الرائع لأعضاء المنظمة وفداء وتضحية المؤسسين وجيل من قادتهم.

ومن المثير للدهشة أنه بعد 6 سنوات فقط من إراقة الدماء في ساحة “تشيتكر” للرمي، تدفقت الفيضانات وطوت صفحة نظام الشاه، حسبما قال سيد محمود طالقاني الذي أطلقت عليه منظمة مجاهدي خلق الإيرانية لقب “الأب طالقاني”.

وتكررت هذه الحادثة عدة مرات بعد سبتمبر 1971 وخلال الـ 50 عامًا الماضية، وهذه ظاهرة مدهشة حيث بيّنت كيف أن كل ضربة سياسية وعسكرية رفعت من شأن مجاهدي خلق أكثر فأكثر وأصبح الأمر بمثابة قاعدة. وعبر زعيم المقاومة الإيرانية السيد مسعود رجوي عن هذه القاعدة، قائلًا: ” إن التضحية هي مفتاح الديمومة”.

وفسر ذلك بمزيد من التفصيل في بيان آخر، قائلًا: “إن كل تضحية وموت أحمر يفتح للأتباع الإيديولوجيين والسياسيين لحسين بن علي نافذة على الحياة المزدهرة المتطورة”.

إن هذا البيان الذي يبدو ملحميًا وأيديولوجيًا بحتًا من الوهلة الأولى يعتمد على ممارسة سياسية وعسكرية واجتماعية مستمرة عمرها 50 عامًا يمكن دراستها مرحلة بمرحلة وخطوة بخطوة من الجانب السياسي البحت.

دراسةٌ أجراها الباحثون والنخب السياسية من أمثال لينكولن بلومفيلد والبروفيسور ساشا شيهان وأمثالهم وتوصولوا إلى نتائج موحدة.

وهي خبرات من شأنها أن تكون منارة لأي تيار سياسي وثوري، بشرط أن يكون التيار المعني قد وضع حجر أساسه الأول على الصدق والتضحية.

وليس هناك مجال في هذا الموجز لسرد تاريخ هذه السنوات الـ 55 (بدءًا من ضربة عام 1971 فصاعدا)، حتى ولو بسرد قائمة بالأحداث فقط، نظرًا لأنه كانت تحدث كل يوم معركة شرسة وغير متكافئة مع القوى الطاغية الضخمة.

وكان من الممكن أن يسفر أي انتهاك للمبادئ عن عواقب وخيمة وربما مدمرة. أما من ناحية كيف تغلب مجاهدو خلق على هذه العواصف المدمرة ولم ينجوا منها فحسب، بل أصبحوا مجموعة أكثر تماسكًا ومقاتلين أكثر شراسةً؛ فهذا لغز لم يُحل بعد.

وهذه هي الحقيقة التي يجب أن تُروى بوصفها تجربة فريدة لنضال الشعب الإيراني؛ لجيل الشباب الذين دائمًا ما يتعرضون خلال هذه السنوات العديدة لقصف الدعاية العبثية وطوفانًا من أكاذيب وافتراءات نظام الملالي؛ لتكون منارة لهم في طريقهم.

الطريق المليء بالدم

والجدير بالذكر أن منظمة مجاهدي خلق الإيرانية عاشت كل الـ 55 عامًا من عمرها، باستثناء عامين ونصف بعد الثورة المناهضة للشاه، في السجون تحت التعذيب أو في المنفى تحت القصف العسكري والسياسي للنظام المتخلف وحلفائه الاستعماريين.

وأخيرًا مضت تلك السنتين والنصف من النشاط العلني في صراع سياسي ضد خميني . صراع كان ينطوي في كل خطوة وكل يوم فيه على خطر شنيع ومؤامرة معقدة تتربص بمجاهدي خلق، نظرًا لأن خميني كان نافذًا الصبر وفي عجلة من أمره للقضاء على أنشطة مجاهدي خلق وحياتهم السياسية في أسرع وقت ممكن.

ومن جانبهم كان مجاهدو خلق يسعون إلى تأخير المواجهة ضد خميني ونظامه ولو ليوم آخر، لأنهم كانوا يعلمون من خلال الممارسة والخبرة على مدى عامين ونصف من النضال السياسي أنه قد ثبت أن يومًا واحدًا من العمل العلني يساوي 10 سنوات من العمل السري.

بيد أن خميني أيضًا كان يدرك ذلك جيدًا، حيث كان يرى بوضوح انفصال قواته المخدوعه وانضمامهم إلى مجاهدي خلق أفواجًا أفواجا، على الرغم من كل الضغوط التي مارسها على مجاهدي خلق والضرب بالهراوات والتشويه والاغتيالات والإغلاقات والاعتقالات والقتل، لدرجة أن منظمة مجاهدي خلق الإيرانية أصبحت خلال عامين ونيف من العمل السياسي الواعي القوة السياسية المعارضة الأكثر انتشارًا، حيث بلغ عدد أعضائها وأنصارها والمتعاطفين معها ما لا يقل عن 500,000 فردًا . وعلى الرغم من كل القيود، وصل توزيع صحيفة مجاهدي خلق إلى ما يربو عن 500,000 نسخة.

إلى أي مدى يستمر النضال السلمي وما هو الثمن؟

إن النضال العلني والسياسي له قيمة كبيرة ويعتبر فرصة عظيمة، ولكن بشرط التمسك بالمبادئ والأصول الأخلاقية السياسية والأيديولوجية.

ولكن عندما تتعرض هذه المبادئ للخطر والضرب بها بعرض الحائط، فإن رد فعل مجاهدي خلق الدائم هو ” هيهات منا الذلة” اتباعًا لحكمة زعيمهم التاريخي حسين بن علي (عليه السلام).

وهذا هو السبب في أن مجاهدي خلق رفضوا دستور ولاية الفقيه، وأعلنوا ذلك بملء فيهم، على الرغم من أنهم كانوا يعلمون الثمن الباهظ والدموي الذي سيدفعونه جراء رفضهم.

وتمثل أول رد فعل لخميني على هذا الرفض التاريخي لدستور ولاية الفقيه ؛ في إقصاء مسعود رجوي من الترشح لانتخابات رئاسة الجمهورية.

أما إذا كان دستور ولاية الفقيه يعني الاستبداد تحت غطاء الدين، وإذا كان معاديًا للديمقراطية ومعاديًا للإسلام ويرمي إلى انتزاع حق الشعب في السيادة، فلا يجوز الاكتفاء بعدم الخضوع له فحسب، بل يجب رفضه ومحاربته مهما كان الثمن.

كما أنه إذا كان خميني قد دمر آخر جسيمات الحرية الناجمة عن الثورة المناهضة للشاه تحت حوافر مواشيه واستعد لفرض استبداده القروسطي على الشعب الإيراني، فلم یعد يليق بمجاهدي خلق بوصفهم فدائيي الشعب الإيراني التخلي عن خوض الحرب غير المتكافئة التي فرضها عليهم خميني وعلى الشعب الإيراني، خشية أن يكتبوا في التاريخ أن الشعب الإيراني أدار ظهره لرجعيٍ متعطش للدماء يدعى خميني، ظهر من سراديب الموتى التاريخية المظلمة، وتركه يفعل في البلاد ما يشاء.

وهنا تكمن كرامة الشعب وليكن ما يكون ثمن الدفاع عنها. وخلاصة القول إن مجاهدي خلق لم يسعوا إلى الوصول إلى السلطة.

وقد تكرر هذا مرارًا وتكرارًا في كل أزمة حتى يومنا هذا، بدءًا من السجون وغرف التعذيب وصولًا إلى مذبحة عام 1988، ومن كشف النقاب عن الهدف من الحرب الإيرانية – العراقية التي أشعلها خميني، ورفع راية السلام في معمعة ضجة حرب خميني وتحطيم آلة خميني الحربية في ساحات المعركة مع جيش التحرير.

ومن الملحمة الوطنية الأيديولوجية للضياء الخالد وصولًا إلى استهداف معسكرات مجاهدي خلق في أفظع قصف في التاريخ، ومن الانقلاب الرجعي الاستعماري المشترك في 17 يونيو للقضاء على المقاومة الإيرانية و مؤامرة لتسليم السيدة مريم رجوي لجلادي طهران، ومن الصمود على مدى 14 عامًا خالي الوفاض في مواجهة القتلة عملاء النظام الإيراني العراقيين المرتزقة الذين كانوا يلبون أوامر خامنئي والمجرم الهالك قاسم سليماني وصولًا إلى مذابح 27 و 28 يوليو 2009 و 8 أبريل 2011 و الأول من سبتمبر2013 حتى الحصار اللاإنساني والهجمات الصاروخية.

وعندما كانوا يخيرون كل فرد من مجاهدي خلق على حدة في كل هذه الحالات بين الموت واقفًا مرفوع الرأس أو العيش راكعًا ذليلًا وبين الإلقاء به وسط النيران أو الإقامة في شاطئ الأمان، كانوا يختارون الخيار الأول بحسم وبلا أدنى تردد. وهذا هو سر الديمومة والتضامن والصلابة المذهلة التي تحلت بها منظمة مجاهدي خلق الإيرانية وتجاوزها جميع العواصف والمؤامرات؛ شامخة مرفوعة الرأس.

وأوضح السيد مسعود رجوي هذه الحقيقة، قائلًا: ” إذا وجهت لي نفس السؤال، فسأقول لك أولًا وقبل كل شيء، إن الهدف السامي المنقوش على شاهد قبر كل مجاهد هو الذي لعب دورًا مصيريًا حاسمًا، وبعد ذلك، لم نتواني على الإطلاق عن اتباع الخطوط السياسية و النضال بقوة ضد العدو الرئيسي تحت أي ظرف من الظروف ولم نحيد عنها. ولطالما سحقنا العدو الرئيسي في حل كل مشكلة ومعضلة وفي التصدي لكل التقلبات، ثم ندلي بكلمات الحق والتضحية حتى يتم تطهير مجاهدي خلق وتثقيفهم وإعدادهم لدفع الثمن”.

الشرط الضروري لأي ثورة

إن ما ذكرنا بدءًا من التمسك بالمبادي والاستعداد للتضحية ودفع الثمن وصولًا إلى رفض المصالحة مع الفاشية الدينية الحاكمة في إيران وأنصارها الاستعماريين كأساس لديمومة مجاهدي خلق سيكون ناقصًا ومضللًا إذا لم نشر إلى الشرط اللازم له (الشرط اللازم لأي ثورة)، وهو قيادة هذه الحركة التي رفعت تراث العرق الحنيف من حافة الانقراض إلى هذه المكانة الفريدة، ومن معلم ومرشد هذا الجيل المغسول بالدماء.

ولا شك في أنه لولا قيادة مسعود رجوي لانفرط عقد منظمة مجاهدي خلق الإيرانية وانقرضت في الممر الأول من هذا الطريق الصعب وفي التصدي لفتنة اليسار الانتهازي في عام 1975، وفي جميع النقاط المحورية والأعاصير التي كان كل منها كافيًا لتفكيك ليس حركة معارضة فحسب، بل لتفكيك حكومة ونظام مستقر أيضًا.

نعم، لقد سلك مجاهدو خلق هذا المسار خطوة بخطوة بتوجيه من مسعود رجوي حتى عام 1985، وفي هذه الفترة اندلعت ثورة أخرى من قلب هذه المنظمة ومن فكر مسعود رجوي.

ثورة مع الشعب وباسم السيدة مريم رجوي لتصل بمجاهدي خلق والحركة الثورية الإيرانية إلى القمة. وحسبما قال القاضي الفرنسي: فليأتي من يعادي مجاهدي خلق ليغير الجغرافيا السياسية القائمة على القهر والتمييز وعدم المساواة. نعم، كانت ثورة السيدة مريم رجوي ملحمة عظيمة ومدهشة وأكثر روعة بتلاحم الرجال والنساء للإطاحة بنظام الملالي وانتصارًا لقضية حرية الشعب الإيراني، لكي يحقق الإيرانيون كل ما يتطلعون إليه بترك المجاهدين الأهل والزوجة والأبناء والتضحية بكل غال ونفيس.