الاتحاد من أجل الحرية والديمقراطية والمساواة​

من سيحسم الامر لصالحه، الشعب أم النظام؟2-2

انضموا إلى الحركة العالمية

من سيحسم الامر لصالحه، الشعب أم النظام؟ (2 ـ 2)

من سيحسم الامر لصالحه، الشعب أم النظام؟2-2

بقلم – نزارجاف

المصدر- إیلاف

من سيحسم الامر لصالحه، الشعب أم النظام؟ لفتت نظري کثيرا مقولة للمفکر الايراني الراحل الدکتور علي شريعتي يقول فيها:” مشكلتنا في الثورات أننا نطيح بالحاكم ونبقي من صنعوا ديكتاتوريته لهذا لا تنجح أغلب الثورات، لأننا نغير الظالم ولا نغير الظلم.”

وعندما نقوم بسحب هذه المقولة على الواقع الايراني، فإننا نجد إن الذي حدث في إيران بعد الاطاحة بنظام الشاه إنه قد جاء نظام ديني إستبدادي ليخلفه في الحکم وکأن حاصل تحصيل الثورة الايرانية هو کما القول المأثور: وبعد جهد جهيد فسر الماء بالماء! ذلك إن الاساس الذي ثار الشعب ضده وهو الظلم المتجسد في ديکتاتورية الشاه قد بقيت مستمرة في الظلم الذي تجسد في ديکتاتورية الملالي الذي خلفوه، وإن منظمة مجاهدي خلق التي کانت السباقة في الانتباه لهذه الحالة المشبوهة عندما وصفتها بأنها عملية إستبدال التاج بالعمامة وهو وصف دقيق ومعبر.


قبل أن ندخل في تفاصيل الاجابة عن السٶال الذي طرحناه في القسم الاول من مقالنا( من سيحسم الامر في إيران لصالحه في النتيجة، الشعب الايراني أم نظام ولاية الفقيه الذي فرضه الخميني على الشعب الايراني؟) فإنني أجد من المناسب جدا طرح سٶال مهم وهو؛ هل تمکن نظام ولاية الفقيه من تحقيق ماکان يطمح الشعب الايراني إليه وثار من أجله؟ الحقيقة التي لايمکن للنظام الديني المتطرف التهرب منها أبدا هو إن الشعب الايراني الذي ثار من أجل الحرية فإنه اليوم إنتفض ثلاثة مرات ويواصل إحتجاجاته التي تتضاعف کل عام ليس من أجل الحرية فقط بل ومن أجل الخبز أيضا، والذي يثير التهکم هو أن يخرج منظروا النظام ليعترفوا علنا بأن النظام کتجربة سياسية قد فشل وعليه أن يبحث عن مخرج له وهو إعتراف يأتي بعد أن باتت الاوضاع الداخلية أشبه ماتکون بصفيح ساخن للنظام مع عزلة دولية تتزايد وتترك آثارا وتداعيات سلبية على النظام، أما المشهد الايراني حاليا فإنه فمن جهة صراع بين جناحي النظام ومن جهة الدعوة لتغيير النظام الرئاسي الى برلماني وازاء ذلك إعترافات رسمية بأن الاحتجاجات الشعبية ضد النظام قد تضاعفت وإن الازمة العامة للنظام باتت خانقة ولاتجد لها مخرجا ونشاط سياسي ـ تعبوي نشيط مستمر ومتواصل تقوده زعيمة المعارضة الايرانية، مريم رجوي، وکل هذا يحدث بعد 4 عقود من حکم هذا النظام، وهو يعني بأن النظام ليس لم يحقق ماقد کان يطمح الشعب الايراني إليه وثار من أجله بل وقد زاد الطين بلة وجعل اليوم أسوأ من البارحة بکثير.

کما إن المعارضة الايرانية الرئيسية أي منظمة مجاهدي خلق تتبع طرقا مختلفة في مواجهتها ضد النظام وحتى تقوم بإنتهاج اساليب وطرق جديدة غير مسبوقة بهذا الصدد، فإن نظام ولاية الفقيه أيضا يقوم بالتمادي في طرقه واساليبه الملتوية والمشبوهة من أجل التشبث بالحکم والبقاء والاستمرار رغما عن رغبة وإرادة الشعب ومن هنا فإن ماکشف عنه كشف سيمون واتكينز، الصحفي المتخصص في الشؤون الاقتصادية والمالية الذي كشف لأول مرة عن تفاصيل الاتفاقية الإيرانية الصينية لمدة 25 عاما، عن جوانب أخرى من الاتفاقية في مقاله الأخير على موقع أويل برايس. يوضح لنا الاسلوب المفضل لهذا النظام وهو سياسة الحديد والنار حيث ذکر هذا الصحفي قائلا بهذا الصدد:” بالتزامن مع المرحلة التالية من الصفقة بين طهران وبكين، والتي ستركز على الانتشار الواسع لمنشآت التجسس والحرب الإلكترونية الصينية، خاصة بالقرب من ميناء جابهار، وتنفيذ خطة رقابة ومراقبة شاملة للشعب الإيراني. سيبدأ التحكم والمراقبة في الصين في الأسبوع الثاني من شهر نوفمبر بتركيب حوالي 10 ملايين كاميرا CCTV في سبع مدن مكتظة بالسكان في إيران وحوالي 5 ملايين كاميرا CCTV في 21 مدينة أخرى في إيران، سيتم توصيلها جميعًا مباشرة بأنظمة المراقبة الحكومية الصينية الرئيسية. إنه يمكّن بكين من التحكم في سلوك الأفراد بعد جيل من خلال الجمع بين بيانات المراقبة والرصد وكذلك البيانات المسجلة على المستويات المحلية والوطنية والإقليمية.”، وبطبيعة الحال فإننا إذا ماتذکرنا بأن الاتفاق الصيني مع النظام الايراني قد أثار غضب وسخط الشعب الايراني بعد توضح إن النظام قدم فيه تنازلات غير مسبوقة للصين تجعل من إيران رهينة بيد الصين، ونتساءل؛ هل سيتمکن النظام الايراني من ضمان أمنه وإستقراره بهذه الطريقة التي تشبه بصورة أو أخرى الطريقة التي إتبعها النظام السوري من أجل البقاء فجعل من نفسه مجرد دمية أو أراجوز تتلاعب به الايادي الاجنبية!

السٶال هو؛ هل سيتمکن ملالي إيران من التحکم بالشعب من خلال کاميرات المراقبة وإنهاء مشاعر الرفض والکراهية المتزايدة لديه ضدهم؟ مالذي ستغيره کاميرات المراقبة من الواقع الايراني؟ الصين مع کونه نظام قمعي لکنه يوفر الخبز والعمل ومتطلبات الحياة الاساسية للشعب فهو لم يتمسك بالقمع لوحده کما يفعل ملالي إيران، فهم يکتمون على أنفاس الشعب ويسرقون لقمة عيشه ومن ثم يطالبونه بالصبر والدعاء بالفرج!! “تلك إذا قسمة ضيزى”، هذا ماينطبق على مايفعله النظام الايراني مع الشعب، وهو مايسمح بأن تکون أرضية الصراع والمواجهة ضده متوفرة على الدوام أو بتعبير أکثر دقة فإنه بمثابة شرخ کبير في جدار النظام يتوسع مع الزمن حتى سيفضي الى إنهيار النظام تلقائيا في النتيجة النهائية.

مشکلة النظام الايراني لاتکمن في فرض نظام بوليسي صارم عليه بمساعدة خارجية مشبوهة، بل إنها تکمن في نقاط أخرى يتهرب النظام منها لعدم إستطاعته التصدي لها وحسمها، فالنظام الايراني ولکي يحسم الامور لصالحه فإنه يحتاج لأن يوفر فضاءا نسبيا من الحرية وأن يقوم بتحسين الاوضاع المعيشية ويوفر المتطلبات الاساسية للشعب ويضمن الخدمات العامة وأن يقضي تماما على منظمة مجاهدي خلق، وهو يعلم جيدا مدى الترابط الجدلي بين هذه النقاط ولاسيما وإن إنتفاضة ديسمبر2017، ونوفمبر 2019، کانتا عبارة عن معادلة کالتالي:


(قمع + فقر + غضب ورفض للنظام + مجاهدي خلق)، وهذه المعادلة إعترف بها المرشد الاعلى بعد 13 يوما من الصمت تجاه إنتفاضة ديسمبر2017، ومن دون شك فإن النظام الايراني وفي ضوء الاوضاع والتطورات الحالية يقبع على أرضية أقل مايقال عنها متزلزلة وهو في کل الاحوال لايمکن أبدا من أن يحسم الامور لصالحه بهذا الاسلوب الذي يذکرنا بالبيت الشعري المأثور للشاعر أبو نٶاس:
فقل لمن يدعي في العلم فلسفة حفظت شيئا وغابت عنك أشياء.