ممثلة المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية في ألمانيا د. بلورتشي لـ«الجزيرة»:
نظام الملالي سيستمر في الجريمة والخداع والدجل
نظام الملالي سيستمر في الجريمة والخداع والدجل – ما لا تعرفه عن صراع القوى الداخلية في إيران بين القوى الوطنية والقوى الموالية للولي الفقيه المجندة لأطماعه، وأبعاد الهزة التي سببها مصرع قاتل سليماني لخامنئي، وطبيعة الذعر الذي يعيش فيه النظام الإيراني ويخفيه وراء تصريحاته العنترية.. تفاصيل دقيقة وعميقة حول الشأن الإيراني كشفت عنها الدكتورة معصومة بلورتشي ممثلة المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية في ألمانيا لجريدة «الجزيرة»:
* ما صحة الخلاف الحاد بين الجيش الإيراني والحرس الثوري، وهل هناك بالفعل تطورات داخل صفوف نظام الولي الفقيه؟
– يجب التأكيد على أن نظام ولاية الفقيه قام بتعيين كافة القادة والسلسلة التراتبية للجيش من عناصر قوات الحرس المخلصين المطيعين لخامنئي، وبهذا الشكل قام بالسيطرة بشكل تام على كل مفاصل الجيش، مستخدماً كلا القوتين العسكريتين أي قوات الحرس والجيش للقمع في الداخل ونشر الحروب في الخارج.
وبالطبع، هناك العديد من القوات والأفراد والموظفين في الجيش يعارضون قمع الناس وقتلهم، ولا ينفذون أوامر قادتهم بقمع الناس وقتلهم، ويتمردون عليها، ولهذا السبب تم القبض على بعض هؤلاء الموظفين وسجنهم وتعذيبهم.
وعلى هذا الصدد تم إرسال رسالة مهمة من قِبل المتحدث باسم منظمة مجاهدي خلق الإيرانية إلى المجندين وأفراد وموظفي الجيش الإيراني خلال انتفاضة نوفمبر الماضي.
ودعت هذه الرسالة الجنود والموظفين بالجيش إلى حمل أسلحتهم واستهداف قوات الباسيج والحرس الثوري، وأخذ أماكنهم ومناصبهم بدلاً من قتل الناس.
كما دعت الرسالة إلى المسارعة للانضمام إلى جبهة الشعب وطالبت أفراد القوات الجوية بتعطيل طائرات العدو ومعداته، والتحالف مع الشبان الثوريين وشهداء الثورة الإيرانية الجديدة، وأن يهبوا للعون ومساعدة الجيش الجائع والعاطلين عن العمل.
فيجب أن يحل أفراد الجيش الوطني محل قوات الحرس الثوري وقوات الباسيج.
(والإجابة على إطلاق النار ضد الشعب وشباب الوطن، هو النار بالنار).
* هل لاحظتِ تخبط النظام الإيراني بردود أفعاله بعد مقتل قاسم سليماني؟
– تمسك خامنئي منذ فترة طويلة بنظريته القائلة: إن الحرب لن تشتعل ولن نتفاوض أيضاً، وبناءً على هذه النظرية التي كان يظن من خلالها أن الحرب لن تقوم، استمر بإشعال الفتن الإقليمية من خلال عميله ووكيله المنفذ قاسم سليماني، واستمر أيضاً في تدخلاته السافرة ومطامعه التوسعية بشدة، (وضرب المنشآت النفطية في أرامكو أحد الأمثلة على ذلك).
ولهذا السبب، عندما تم القضاء على قاسم سليماني الذي كان الشخص الحقيقي الثاني في النظام الإيراني، لم يكن هذا الأمر في حسبان خامنئي مطلقاً، مما أصابه الارتباك والفوضى بشكل شديد، واستندت السياسة الخارجية لهذا النظام إلى إستراتيجية (دفاعية – إرهابية) تقوم على تصدير الإرهاب والخطف واحتجاز الرهائن وخلق الأزمات ونشر الحروب من أجل خلق هيمنة وهمية كاذبة، وهذه السياسة كانت عبارة عن استعراض لسُلطة جوفاء لإخضاع أطرافها وإجبارها على الاستسلام.
وانتفاضات الشعب العراقي والشعب اللبناني هزت العمق الإستراتيجي للنظام الإيراني القائم أساساً على الإرهاب ونشر ثقافة الارتزاق في هذه البلدان.
وبمقتل قاسم سليماني الذي كان رمزاً لهذه القوة والهيمنة الجوفاء والفارغة والكاذبة للنظام في المنطقة، ورأى العالم كله كيف استعراض القوة وهذا لم يكُن له أي أساس وكم كان استعراضاً أجوف باطل.
وبهذا وقع نظام ولاية الفقيه في فوضى ومأزق حقيقي بعد مقتل قاسم سليماني، وهذا المأزق ناجم عن السياسة الأمريكية الجديدة، التي أجبرت خامنئي على اختيار ما بين إما البقاء في العراق أو سوريا، وإما دفع الثمن الباهظ بالاصطدام مع أمريكا، أو أن يلم بساطه، ويعود للاصطفاف على خط وجبهة (كرمنشاه وهمدان وطهران)، كما تحدث سابقاً.
بالطبع، فإن نتيجة وضع هذا الخط والجبهة داخل البلاد في مواجهة الشعب كان انتفاضة نوفمبر، أي أنه أصبح من الواضح إلى أي مدى غدى النظام مهتزاً وهشاً وغير متزن أمام موجات الشعب الهائجة والغاضبة لدرجة أن النظام استطاع مؤقتاً الحفاظ على حياته فقط من خلال القتل الجماعي وذبح الشعب المضطهد، لكن الولي الفقيه المتخلف يعلم جيداً أن ما حدث ليس النهاية، وأن العاصفة الأكثر رعباً ستكون بانتظاره.
* مُنذ اغتيال قاسم سليماني وإيران تلوح بالانتقام.. فَهل باعتقادك سيكون هناك حرب عسكرية مباشرة بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية؟
– نظام الملالي لا يملك القدرة على مواجهة الولايات المتحدة أبداً، والتهديدات التي يطلقها كانت تهديدات فـــارغــة وجـوفــاء، لم يكن لها أي دعـــم عسكري.
النظام يخشى مواجهة الشـعب الإيراني قـبل كل شيء، هذا الأمر يعني له السقوط الحتمي، وهذا أعظم خوف وذعر بالنسبة له، ولهذا السبب ينشغل بأي هدف آخر، يلهيه عن قمع الشعب الإيراني، وبعيداً عن أي الحسابات العسكرية لا يرغب النظام في الحرب ويبتعد عنها.
خامنئي قال سابقاً: إن الولايات المتحدة لا تريد الحرب، ونحن أيضاً لا نريد الحرب، ولكن غيّر موقفه الآن ويقول صراحةً: (إننا نريد الحرب)، والهجمة الصاروخية التي نفذت على قاعدة عين الأسد الأمريكية في العراق أظهرت للجميع أنها كانت استعراضاً هزلياً ساخراً، وكانت الحكومة العراقية قد أَطلَعت الولايات المتحدة على تفاصيلها، والصواريخ التي أُطلقت فيها كانت بدون حشوات متفجرة، والهجوم هذا قد تم إبلاغ قاعدة العدو به قبل تنفيذه، في حين لم تبلغ به أنظمة الدفاع الجوي الخاصة بالنظام.
بالإضافة إلى الأمر الذي أدى لكارثة وجريمة حرب هو إسقاط قوات الحرس الثوري للطائرة الأوكرانية التي كانت تحمل على متنها 176 راكباً وقُتلوا جميعاً، فَأبعاد هذه الجريمة كبيرة لدرجة أنه تم التستر عليها لعدة أيام من قِبل النظام، مدعياً أنها سقطت نتيجة عطل فني، ولكن نتيجة الضغوطات الشعبية في الداخل، والضغوطات الدولية أجبر النظام بالاعتراف بها، لكنه لم يعلن حتى الآن عن الحقيقة كاملة، (لأنه يخشى من كشف محتويات الصندوق الأسود)، ويقول صراحة إنه لا يملك القدرة على قراءة محتويات هذا الصندوق ولا يستطيع أن يسلمه لدولة يمكنها فك تشفيره والاطلاع على محتوياته.. لكنه لا يقول لماذا يتصرف بهذا الشكل الغريب.
لذلك، بالنسبة لنظام يعاني من كل هذا الضعف والهوان والهشاشة، من الواضح جلياً أن الحرب ليست متوقعة.
وهنا يجب التأكيد على هذه النقطة بأنه بطبيعة الحال إذا أردنا التحدث عن الحرب، يجب القول إن نظام ولاية الفقيه هذا هو الذي شن الحروب منذ سنوات على الشعب الإيراني أولاً، وعلى شعوب المنطقة من سوريا والعراق حتى اليمن، وسياسات الاسترضاء الغربية هي ما دفعته ليكون أكثر جرأة في شن تلك الحروب.
والآن ومع تراجع هذه السياسة قليلاً وظهور علامات الحزم في مواجهة النظام الخبيث، أصبحت سياسة نشر الحروب والسياسة العدوانية للنظام محدودة نوعًا ما.
* هناك أنباء تُشير على إفلاس النظام الإيراني نتيجة العقوبات الاقتصادية مما أدى إلى سخط شعبي وتظاهرات؟
– بالضبط هكذا. تركز العقوبات بشكل أساسي على المؤسسات القمعية والتوسعية ومؤسسات إثارة الحرب الخاصة بنظام الملالي، ولا سيما قوات الحرس والمؤسسات التابعة للولي الفقيه، التي استولت على جميع الجوانب الاقتصادية للبلاد.
ينفق هذا النظام كل دخله وثروات البلاد على نشر الحروب والقمع، ليتمكن من حماية حكمه المشؤوم؛ ولا يفكر أساساً في رفاهية وراحة الشعب الإيراني.
لم يكُن نتاج حكم الملالي الاستبدادي الذي امتد لأربعين عامًا سوى الفقر والبؤس للأغلبية الساحقة من الشعب الإيراني، ولهذا السبب سعى المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية منذ بداية تأسيسه للمطالبة بفرض عقوبات شاملة خاصة النفطية والعسكرية منها: نظام الملالي، وقوات الحرس فهي الجهاز المحوري لأعمال الإكراه والقمع العسكري، والدينامية أو القوة الدافعة لقوات الحرس وروحها المهيمنة، من تصدير للتخلف والرجعية والحروب المبنية على نظرية الولاية العالمية،
وقوات الحرس وهي الأداة الرئيسة لأعمال الكبت والإكراه وقتل الشعب لحماية وحفظ نظام ولاية الفقيه.
لذا فقد شددت العقوبات على هذه الأجهزة القمعية وحروب النظام وإرهابه، والشعب يرحب بها، ويطالب بفرض عقوبات أشد وأقسى على هذا الجهاز.
وليس من المستغرب أن الشعب الإيراني نادى مواجهاً الملالي بشعار «عدونا هنا» أي نظام ولاية الفقيه.
* طالب الشارع الإيراني باستقالة خامنئي ومنهم هتفوا «لا حل إلا باستقالة خامنئي» ولا يمكن يتم أي تغيير إلا بإسقاطه.. فما نسبة نجاح هذه المطالب ؟ وهل ستدعمها المقاومة الإيرانية ؟
– عرف الشعب الإيراني كل أنواع البؤس والألم والمعاناة نتيجة حكم الملالي وعلى رأسهم الولي الفقيه خامنئي، ومرشد هذا النظام.
اليوم بعد مرور 40 عاماً، يعلم كل متابع للشأن الإيراني، أن مؤسسة ولاية الفقيه هي علة كل العلل (سبب كل مرض)، وهي الأساس الرئيسي للمشكلات الحالية في إيران، ودون زوالها، من غير المرجح أن تتحرك إيران نحو السعادة والرفاه».
وهذا ذات الشيء الذي أشار إليه الشعب المنتفض في انتفاضاته، مؤكداً في شعاراته على أنه حان الوقت لكي ترحل يا سيد علي (خامنئي)، ومن بين الشعارات الشعبية الأخرى التي نودي بها ضد خامنئي، يمكن الإشارة لعدد من الشعارات أدناه التي تبين ماهية وطبيعة أهداف ومطالب الشعب:
(الموت لمبدأ ولاية الفقيه، نحن لم نقتل لنقدم تنازلات ونمجد المرشد القاتل، الموت للظالم سواء كان شاهاً أم مرشداً، الموت للإرهابي الموت للدكتاتور، خامنئي قاتل وولايته باطلة، اسمع يا خامنئي لسن أمة ولسنا عصابات)، ومنها رأينا كيف ركزت الشعارات الشعبية على شخص خامنئي بصفته العامل الأساسي في المشكلات.
وفي النهاية نريد التأكيد على أن المقاومة الإيرانية لا تدعم فقط سقوط نظام ولاية الفقيه بكل أجهزته فحسب، بل منذ البداية خلال 40 عاماً من نضال هذه المقاومة وتقديمها لأكثر من 120 ألف شهيد كان هذا هدفها الأول.
120 ألف شخص من أغلى أبناء هذا الشعب، تم ذبحهم في عام 1988، من بينهم 30 ألف سجين من مجاهدي خلق، بفتوى واحدة من خميني.
المذبحة لا يزال مرتكبوها من (خامنئي حتى رئيسي وروحاني وقاليباف) قابعين على كراسي الحكم، ولم يُقدموا للعدالة حتى الآن، ولا تزال جرائمهم مستمرة خلال هذه السنوات، حيث إن في شهر نوفمبر 2019 شهدنا استشهاد أكثر من 1500 محتج في هذا الدرب على يد نظام ولاية الفقيه، وطالما أن نظام الملالي يحكم في إيران، ستستمر الجريمة والخداع والدجل، والسبيل الوحيد لخلاص الشعب الإيراني ودول المنطقة هو الإطاحة بهذا النظام.