انتفاضة الشعب العراقي والفشل الحكومة العراقية في قمعها
انتفاضة الشعب العراقي والفشل في قمعها
انتفاضة الشعب العراقي والفشل الحكومة العراقية في قمعها – منذ بداية انتفاضة الشعب العراقي، اتخذ نظام الملالي إجراءات لمنع استمرارها وانتشارها. ولهذا السبب، ابتداءً من أيام الأربعين الحسيني، بذل قصارى جهده لإساءة استخدام حداد الشعب على الإمام الحسين واستغلاله لتحقيق الأهداف المنشودة. وللقيام بذلك، قام بإنفاق الكثير من الأموال من جيوب الشعب الإيراني لتعبئة كل القوى، حتى أن روحاني قال في اعترافه بحجم التعبئة: “تم نقل 300ألف شخص عن طريق الجو ونقل 300ألف شخص بالقطار، وسافر 3ملايين ونصف المليون إلى العراق “. إلا أن كل هذه الإجراءات باءت بالفشل، وبدأت المرحلة الثانية من الانتفاضة العراقية في أوائل شهر نوفمبر. وعندما شعر نظام الملالي بخطورة الأمر وإمكانية امتداد الانتفاضة إلى إيران وخطر الإطاحة؛ لجأ إلى استخدام كل الإمكانيات الممكنة لقمع الانتفاضة العراقية بواسطة قواته بالإنابة في العراق.
وبدأت الحكومة العميلة في العراق في مراقبة الأخبار وحجب الإنترنت كلما اندلعت الاشتباكات، تنفيذًا لأوامر أسيادهم في طهران. ثم اصطدمت مع بعض وسائل الإعلام المحلية والأجنبية التي لديها صحفيون في العراق. حيث اقتحم مسلحون مكاتب العديد من وسائل الإعلام وأغلقوا عددًا من القنوات الإخبارية. وشوهدت سيارات رش المياه العملاقة في شوارع بغداد. كما تم استخدام الغاز المسيل للدموع وغيره من معدات تفريق المتظاهرين. “(موقع فرارو، 6 أكتوبر 2019)
عظمة ساحة التحرير والمطعم التركي (جبل أحد) وجسر الجمهورية
وبطبيعة الحال، هذا كان ما غطته وسائل إعلام نظام الملالي لهذا الموضوع. ولكن الجزء الأهم فيه هو القمع السافر وقتل الناس في الشوارع العراقية بالرصاص الحربي، وإطلاق رصاص الغاز المسيل للدموع على رؤوس وعيون الشباب العراقي. وفي هذا القمع الوحشي، استخدمت جميع أنماط القمع السابقة، مثل قيام القناصة بإطلاق النار من فوق أسطح المنازل واختطاف البشر وإغلاق الشوارع بحواجز إسمنتية ضخمة وبث الرعب في قلوب المواطنين. إلا أن كل هذه الممارسات البربرية لم تؤثر على عزم الشعب على إجراء تغييرات أساسية. وسكبت رسالة خامنئي في 30 أكتوبر البنزين على غضب الشعب وأدت إلى تصاعد الثورة والمزيد من توجهها نحو المحتل الفعلي للعراق.
الانتفاضة العراقية – فشل الخطة الوهمية للحكومة العراقية لتضليل الانتفاضة
مع بداية الانتفاضة، بدأ إطلاق مناورات سياسية وإجراءات خادعة داخل الحكومة العراقية لتضليل الشعب المنتفض. ففي أحد الأيام الأولى من الانتفاضة أي في 5 أكتوبر أطلقت الحكومة العراقية مناورة سياسية وأعلنت أنها ستنفذ الإصلاحات تلبية لمطالب المتظاهرين. وجاءت هذه الإصلاحات الوهمية للحكومة العراقية تقليدًا لأكاذيب الوعود الوهمية لأسيادهم في إيران، وتشتمل على حزمة دعم مكونة من 17 وعدًا خادعًا، على النحو التالي:
– بناء مائة ألف وحدة سكنية موزعة بين المحافظات
– منح إعانة لمدة ثلاثة أشهر لـ 150 ألف عاطل عن العمل
– إنشاء أكشاك في المناطق التجارية في بغداد والمحافظات في غضون ثلاثة أشهر لتوظيف العاطلين عن العمل
– إجراء تدريب فصلي لتأهيل العاطلين عن العمل
– منح قروض منخفضة الفائدة للشباب الذين يحضرون هذه الدورات
– إعفاء بعض المزارعين من دفع إيجار الأراضي الزراعية المملوكة للدولة
– إعداد قائمة بالأسر المحرومة والمستحقة وتقديم إعانة لـ 600 ألف أسرة.
– منح بعض الحقوق والامتيازات لعائلات الضحايا
– تقديم الخدمات والعلاج المجاني للمصابين في الاحتجاجات
ومن البديهي، بالنسبة لبلد غني مثل العراق، الذي يعد واحدًا من أكبر الدول المصدرة للنفط وأحد أغنى الدول في العالم، لو كان هناك نية حقيقية لعمل شيء يخدم مصلحة الطبقات الفقيرة لحدث ذلك منذ سنوات عديدة وما كان وصل الأمر إلى ما نحن فيه. ولا ننسى أنه تم سرقة مئات المليارات من الدولارات من ثروات الشعب العراقي في عهد المالكي، ولم يعرف بعد إلى أي البنوك تدفقت.
لم ينخدع الشعب العراقي بهذه المناورة المضحكة ولم تهدأ نيران الانتفاضة.
الانتفاضة العراقية – تجاوز يوم صعب
تزامنًا مع القمع في الشوارع، أرسل نظام الملالي، قاسم سليماني، إلى العراق من وراء الكواليس للاستفادة من تجاربه في قمع الانتفاضات داخل إيران وسوريا؛ لقمع الانتفاضة في العراق. وكان أول اتجاه سياسي لنظام الملالي هو عدم الخضوع لمطالب المتظاهرين باستقالة حكومة عبد المهدي، ويبدو أنه نجح في إقناع الأحزاب العراقية بمساندة حكومة عبد المهدي وقمع المظاهرات والاحتجاجات بأي ثمن.
وقد تجاوزت الانتفاضة العراقية أخيرًا أصعب أيام القمع، في 9 نوفمبر وهو اليوم الذي اتفقت فيه الأحزاب على قمع المظاهرات. وقبل ذلك بيومين، ادعى النظام أنه أخمد الانتفاضة، في حين أن صدى طلقات الرصاص كان يدوي حول ساحة الخلاني في بغداد، وعاش النظام أحلامًا مليئة بالأماني طويلة الأجل، بقوله «حيث أن المراقبين اعتبروا التناقص الملحوظ في عدد المتظاهرين والهدوء العام في بغداد يرجع إلى الإرهاق وعودة العديد من المتظاهرين إلى عملهم ومنازلهم، وكذلك استياء الرأي العام من المظاهرات والفوضى التي عمت النظام والحياة الطبيعية للمواطنين، خاصة في أعقاب محاولة البعض في القيام بإضراب إجباري في العاصمة خلال اليومين الماضيين». (وكالة “إيرنا” للأنباء، 7 نوفمبر 2019) وكذب المراسلون المزورون التابعون للنظام وقالوا: ” تفيد التقارير عن استقرار الأوضاع وأن الهدوء يعم العاصمة وميناء أم قصر ومدينة البصرة”. في حين أنه لم يتم تشييع بعد شهداء البصرة والمدن الجنوبية الأخرى. (صحيفة “آفتاب نيوز”، 8 نوفمبر 2019)
وقامت القوات العميلة للنظام عمليًا ببذل كل ما في وسعها للقمع ومنع الحشد للمظاهرات وفتح الجسور المغلقة في بغداد، ولكن صمدت الانتفاضة واستمرت أنباء الاحتجاجات والاعتصامات والإضرابات ترد من كل مكان، على الرغم من حجب الإنترنت والاتصالات.
وبسبب كثرة الاشتباكات في ساحة الخلاني ببغداد التي لم تسمح للقوات القمعية بالاقتراب من ساحة التحرير ومظاهرات الثوار في الناصرية ومظاهرات وإضرابات الشباب والطلاب في البصرة والمظاهرات الضخمة في النجف واستمرار المظاهرات في ميسان وكربلاء، وغيرها من المظاهرات. ووصل الأمر لدرجة أن بعض وحدات الشرطة أيضًا انضمت إلى المظاهرات ورفعوا الأعلام العراقية على المركبات العسكرية لدعم مظاهرات الشعب .
انجازات الشعب العراقي
إن أهم مؤشر وإنجاز لهذه الانتفاضة بالنسبة للشعب العراقي هو وحدته في مواجهة الصراع الرئيسي لبلاده، أي تدخل نظام الملالي . حيث أن الشعارات التي تطالب بطرد نظام الملالي من العراق نسمعها تقريبًا في جميع المحافظات المنتفضة. وفي الحقيقة، لم يكن هناك أي محلل سياسي قبل بضعة أشهر يعتقد أن المجتمع العراقي يختزن بداخله هذا القدر الكبير من كراهية نظام الملالي. إذ كانت مشاهد ضرب الشباب العراقي لصور خامنئي وسليماني بالنعال أمرًا مذهلًا.
بعد ذلك تجاوز الشعب العراقي جميع الأحزاب التابعة للنظام أو حتى أولئك الذين تصالح معهم بعدما لعبوا دور الوسيط في تدخل نظام الملالي في العراق لسنوات عديدة. ومثلما رُفع شعار “يا إصلاحي يا أصولي، كفي وانتهى الأمر”، وهذه إحدى النتائج الرئيسية لانتفاضة يناير 2017، رفعت شعارات مماثلة أيضًا في العراق، مثل “لا مقتدى ولا هادي، حرة تظل بلادي”. وهذا دليل على رغبة الشعب العراقي في التخلص من جميع الأحزاب الفاشلة البالية لإحداث ثورة ديمقراطية.
استقرار الانتفاضة ووصولها إلى ذروتها
تزامنًا مع يقظة الشعب العراقي، دخل العنصر الدولي في الحركة، فبالإضافة إلى منظمات حقوق الإنسان مثل منظمة العفو الدولية، التي دعت في وقت سابق، اضطرت الولايات المتحدة والأمم المتحدة إلى التدخل. اتصل الرئيس الأمريكي بعبد المهدي، ودعا المتحدث الصحفي باسم البيت الأبيض الحكومة العراقية إلى وقف العنف ضد المحتجين. والتقت ممثلة الأمم المتحدة لمساعدة العراق بالسيد السيستاني ثم تصدع جدار مقاطعة الأخبار التي فرضت في بداية الانتفاضة ورأى المجتمع الدولي إرادة الشعب العراقي في التخلص من الأحزاب الفاسدة التابعة للنظام.
والنتيجة هي أن الانتفاضة العراقية قد تجاوزت العديد من المسارات الصعبة بدماء شبابها الفدائيين، ومن المؤكد أن الدماء ستراق وسنشهد ثورة ديمقراطية متألقة في آفاق العراق الجديد. وهذه الثورة كابوس للجلادين المعممين الحاكمين في إيران ومقدمة لتدمير قصرهم الاستبدادي.