هل تقرر إنهاء الاحتجاجات العراقية بالعنف “مهما كان الثمن”؟
بغداد تغلق مكاتب 9 محطات فضائية
هل تقرر إنهاء الاحتجاجات العراقية بالعنف “مهما كان الثمن”؟ – اندبندنت-يتداول نشطاء تسريبات عن اجتماع شارك فيه كبار القادة السياسيين، بمعية رجال الدين، في منزل زعيم تيار الحكمة عمار الحكيم في بغداد، انتهى إلى اتفاق بإنهاء حركة الاحتجاج التي تشهدها البلاد منذ الشهر الماضي، حتى إذا لزم الأمر استخدام العنف “مهما كان الثمن”. وتقوم الخطة على استمرار ضغط قوات مكافحة الشغب على المواقع التي اختارها المعتصمون في بغداد والمحافظات لنصب خيامهم، والتضييق على طرق وصول المتظاهرين إلى ساحات الاحتجاج، وهو ما دخل حيز التنفيذ في بغداد، منذ ظهر السبت.
موافقة مشروطة
ونقلت “اندبندنت عربية” عن نشطاء في بغداد قولهم إنهم تلقوا تسريبات تشير إلى إمكانية تنفيذ سيناريو فضّ الاحتجاجات بالقوة، مستشهدين باقتحام قوات مكافحة الشغب ساحة التظاهرات الرئيسة في مدينة الناصرية، مركز محافظة ذي قار جنوب العراق، في وقت مبكر من فجر الأحد 24 نوفمبر (تشرين الثاني)، لتفريق المتظاهرين بالعنف، ما تسبب في سقوط قتلى وجرحى، واعتقال العشرات.
وقالت مصادر محلية “عدد القتلى في عملية اقتحام ساحة الحبوبي وسط الناصرية بلغ ثلاثة”، لكن نشطاء تحدثوا عن سقوط ثمانية قتلى. ويشير هذا السيناريو إلى موافقة مشروطة من المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني، على تفريق المتظاهرين، شرط عدم التورط في بحر من الدماء.
ويقول مراقبون إن تعمد الحكومة العراقية التشكيك في أرقام ضحايا حركة الاحتجاج التي تعلنها جهات رسمية وغير رسمية، يمثل غطاء للمضي في قتل المزيد من المتظاهرين، في ظل الحصيلة المفزعة التي كشفت عنها منظمات حقوقية، لافتة إلى أن قتلى التظاهرات العراقية منذ أكتوبر (تشرين الأول) بلغ 600، أما عدد الجرحى فحوالى 17 ألفاً.
ما هو رأي الصدر؟
يتضمن هذا السيناريو أيضا موافقة الزعيم الشيعي مقتدى الصدر، الذي يشكل أنصاره أحد أهم أعمدة ساحات التظاهر في العراق. وأفيد بأن ممثلين عنه حضروا اجتماع منزل الحكيم، وأقروا الخطة التي اتفق عليها ساسة ورجال دين لإنهاء التظاهرات العراقية “مهما كلف الثمن”. ويقول نشطاء إن خروج المتظاهرين الصدريين من ساحات الاحتجاج، ربما يضعفها، ويسهل القضاء عليها، مع خشية من أن يحدث هذا الأمر بشكل مباغت، أو وفق خطة متفق عليها.
مجرد حرب نفسية
في هذا الوقت، قلل متظاهرون في ساحة التحرير وسط بغداد من قيمة هذه التسريبات، وأكدوا أنهم يتلقون مثلها منذ أسابيع، ويؤكدون أنهم مستمرون في التحرير جنباً إلى جنب مع الصدريين، الذين يتولون مهام كبيرة داخل الساحة، كانت لها الدور الأبرز في إدامة زخم الاحتجاجات. ويعتقد نشطاء “مدنيون” في بغداد، أن الصدر حليف موثوق، “ولا يمكن أن يسلم رقبة الاحتجاجات العراقية للإيرانيين، الذين يريدون قمعها بسرعة، خشية تأثيرها على وضعهم الداخلي، مثلما حدث أخيراً”.
وبالنسبة لهؤلاء، فإن هذه محض حرب نفسية تستهدف تخويف المتظاهرين لمنعهم من الوصول إلى ساحات الاحتجاج، مؤكدين أن السيستاني يقف إلى جانبهم، وقد حذر السلطات الحاكمة من الاستغراق في الدماء.
إغلاق مكاتب عدد من القنوات التلفزيونية
وتأتي هذه التطورات، بالتزامن مع قرار لافت لهيئة الإعلام والاتصالات، وهي سلطة تابعة للدولة، مختصة بتنظيم شؤون البث الفضائي والإذاعي، يقضي بإغلاق وإنذار 14 محطة تلفزيونية محلية وأجنبية، يبدو أن تغطياتها للاحتجاجات أغضبت الحكومة العراقية. وقال مرصد الحريات الصحافية، وهو منظمة غير ربحية في بغداد، إن “قوات الأمن في العراق تلقت أوامر من السلطات الحكومية بوقف عمل تسع محطات تلفزيونية بارزة محلياً ودولياً، وإنذار خمس أخرى بسبب تغطيتها الاحتجاجات الشعبية في مدن جنوب ووسط العراق”.
ونقل المرصد عن صحافي يعمل في هيئة الإعلام والاتصالات قوله “مجلس الأمناء برئاسة أشرف الدهان ناقش، الثلاثاء الماضي، توصيات حكومية متصلة بشؤون الإعلام، وناقش كذلك تقرير الرصد الفني الخاص بأداء القنوات الفضائية وبيان خرقها مواد لائحة قواعد الترخيص الإعلامي، وأوصى المجلس الإدارة التنفيذية باتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحقها وهو “الغلق والإنذار”.
وقال مرصد الحريات الصحافية إنه اطلع “على وثيقة مرسلة من هيئة الإعلام والاتصالات إلى مكتب رئيس الوزراء ووزارة الداخلية توصي القوات الأمنية بمنع 14 مؤسسة إعلامية عراقية وأجنبية بارزة من العمل في مناطق متفرقة من البلاد بما فيها إقليم كردستان”.
لائحة التعاميم
وتنص لائحة التعاميم، أن على المؤسسات الإعلامية “الامتناع عن بث أي محتوى يحرض على العنف”، وذلك من دون توفير أدلة إرشادية واضحة على ما يشمله تعريف العنف والتحريض عليه.
وعملت هيئة الإعلام والاتصالات في السنوات السابقة على إلزام المؤسسات الإعلامية بالتوقيع على لوائح لضوابط وصفت بالقيود الجديدة من قبل المنظمات الدولية، والضوابط التي وضعتها الهيئة تمنحها سلطات غير محدودة في وقف البث الإعلامي وإغلاق المؤسسات الإعلامية ومصادرة المعدات وسحب التراخيص وإنزال الغرامات الكبيرة على المؤسسات الإعلامية وتقديم قوائم بأسماء جميع الموظفين والمعدات، وفقا للمرصد.
مهاجمة قنوات فضائية
وأوضح المرصد انه في “اليوم السادس من الشهر الماضي، هاجم مسلحون ملثمون تابعون للحكومة العراقية، قنوات فضائية، واحرقوا جزءاً من مقر قناة “دجلة” وحطموا معدات تابعة لقناة “NRT عربية” واقتحموا مكتب “العربية” و”العربية الحدث” وسرقوا معدات شركة المرجان للإنتاج التلفزيوني، واغلقوا كل مكاتب القنوات قسراً، بعد سلسلة تهديدات طالت وسائل إعلام عدة، في محاولات لإسكات الإعلام الذي قام بتغطية الاحتجاجات”، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن الحكومة اتخذت “خطوات لإغلاق بعض المواقع الإلكترونية الإخبارية والاجتماعية، على خلفية الاحتجاجات الواسعة التي يشهدها العراق، وقطعت الإنترنت بالكامل. وقامت شركة الاتصالات والبريد المملوكة للدولة بحجب بعض مواقع التواصل الاجتماعي في الرابع من أكتوبر، بما في ذلك فيسبوك وتويتر”.