الانتفاضة وحجب الإنترنت والمزيد من قلق نظام الملالي
الانتفاضة وحجب الإنترنت والمزيد من قلق نظام الملالي – لقد أظهرت تجربة انتفاضة يناير 2018، أنه عندما تشتعل نيران الغضب والكراهية العامة تجاه نظام الملالي الظالم، فإنها سرعان ما تمتد إلى أقصى مناطق في البلاد. لذلك كان من الواضح أن النظام سيتخذ أي إجراء لمواجهة انتشار الانتفاضة إلى المدن الأخرى، لكن هذه المرة الإمكانيات الهائلة المتفجرة في المجتمع وانتشار الانتفاضة غير المسبوق حيث شملت أكثر من عشرات المدن منذ الساعات الأولى فاجأت نظام الملالي وبثت فيه الرعب لدرجة أنه أسرع إلى حجب الإنترنت وتعطيل نظام الاتصالات العامة من أجل قطع اتصال الثوار ببعضهم البعض.
ولم ننسى أن رئيس جمهورية النظام، روحاني، كان قد قال في يناير من العام الماضي منتقدًا حجب الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي، قائلًا : ” وزير الاتصالات لن يحجب الإنترنت “.
وأضاف بطريقته العبثية المعهودة قائلًا: «هل هنا عيب في أننا نرى أن هذا الجهاز تحت تصرفنا ونأمر بفلترته وقتما نشاء؟ نعم، حجبنا الإنترنت، ماذا ستفعلون ببرامج كسر الحجب؟ وماذا ستفعلون بالبرامج الجديدة لكسر الحجب؟».
وتلاحظون أنه عندما يتعلق الأمر بالحفاظ على النظام، فإن عملاء نظام الملالي المنتمين إلى ولاية الفقيه لا حدود لهم في الافتراء وتشويه سمعة الغير، ولا يترددون في قمع الحريات، ومن بينها حرية الحصول على المعلومات.
قطع شبكة الإنترنت الأكثر تعقيدًا
وصف ألب تاكر، وهو فني ومدير شبكة “نت بلوكس” لمراقبة أنشطة الإنترنت حجب الإنترنت في إيران بأنه الانقطاع الأكثر تعقيدًا في الشبكة، وكتب في 16 نوفمبر 2019 في تغريدته على تويتر: إن انقطاع شبكة الإنترنت يعتبر أحد الحالات الأكثر تقعيدًا التي واجهناها نظرًا لتعطيل أكثر من 300 شبكة. واستغرق إغلاقه 24 ساعة فقط. ويبلغ حجم الاتصالات الوطنية الآن حوالي 5 في المائة إلى جانب عدد قليل من خطوط الاتصال مع العالم الخارجي”.
وفي نفس اليوم، قالت شبكة “نت بلوكس” لمراقبة أنشطة الإنترنت، في إحدي تغريداتها مشيرةً إلى الفوضى في وضع الإنترنت: “نتيجة لاستمرار الاحتجاجات الأخيرة في إيران، أصبحت البلاد بأكملها الآن على وشك أن تشهد انقطاعًا كاملًا في الإنترنت، وأن معدل الاتصال بالإنترنت يصل إلى 7 في المائة من المعدل الطبيعي في الظروف العادية”.
إذا نظرنا إلى حجم الضرر الناجم عن انقطاع الإنترنت، سوف ندرك مدى رعب نظام الملالي من انتشار الانتفاضات. حيث ذكر موقع “الحركة الطلابية” في آذربيجان في 18 نوفمبر 2019، نقلًا عن شبكة “نت بلوكس” لمراقبة أنشطة الإنترنت: ” إن انقطاع الإنترنت في إيران يكلف البلاد 375 مليون دولار يوميًا”.
وفي هذا الصدد قال وزير الاتصالات في نظام الملالي، آذري جهرمي، في رده على أحد المراسلين: “من المؤكد أن انقطاع الإنترنت قد كبد الأعمال التجارية والمواطنين أيضًا الكثير من الخسائر، ولكن مجلس الأمن القومي يرى أن الحفاظ على أمن البلاد له أهمية كبيرة”. ( وكالة “إيسنا” للأنباء، 18 نوفمبر 2019 )
الإنترنت أم المشكلة الأمنية
هناك تسهيلات كثيرة في معظم البلدان الديمقراطية، لكسب العلم والتكنولوجيا المتقدمة واستخدامها في تقدم المجتمع حتى يتمكن المواطنون التمتع بالإنترنت بسهولة أكبر . ولكن على العكس من ذلك، نجد أن الحكام الرجعيين في إيران لو كانت تسمح لهم المحظورات الإدارية والاقتصادية والتجارية وغيرها لكانوا يرفضون انتشار الإنترنت أساسا.
من الواضح أن ما يبرر طريقة تفاعل نظام الملالي مع الإنترنت هو طبيعته الرجعية. فلم ينكر الملالي على الإطلاق أن الإنترنت يمثل مشكلة أمنية بشكل أساسي. نتذكر أن الرجعيين الحاكمين، منذ بداية ظهور الإنترنت، بدأوا تذمرهم من الفضاء الإلكتروني، حيث حاولوا منعه عن عامة الشعب ولاسيما الشباب بوضع قيود واللجوء إلى الترهيب والقمع بشكل هستيري، لدرجة أن معظم ممثلي خامنئي في صلوات الجمعة حذروا من استخدام عامة الشعب للإنترنت للحيلولة دون تفشي الفساد.
فقد عبر علم الهدي عن رعبه من الفضاء الإلكتروني في صلاة الجمعة في مشهد في 25 يناير 2019 قائلًا: “إن الفضاء الإلكتروني والشبكات الاجتماعية قد أرهق الجميع”.
وفي اليوم نفسه، شدد حميد شهرياري، رئيس مركز الإحصاء وتكنولوجيا المعلومات في سلطة الملالي القضائية، عندما تصدر المشهد لإلقاء خطبة قبل خطبتي الجمعة في طهران، على ضرورة استخدام أسلوب الشرطي – الديني للسيطرة على الفضاء الإلكتروني، قائلاً: “نحن ننادي بضرورة إدارة الفضاء الإلكتروني، وأن يقوم رجال السياسة بتصفيته بشكل صحيح”.