ميليشيات الحشد تلوح بحمام دم في العراق دفاعا عن إيران
ميليشيات الحشد تلوح بحمام دم في العراق دفاعا عن إيران – قوات الأمن العراقية تقتل 29 محتجا بالرصاص الحي بعد إحراق القنصلية الإيرانية في النجف، بينما جدد الصدر دعوته للحكومة ‘الفاسدة’ للاستقالة محذّرا من أن عدم استقالتها يعني نهاية العراق.
میدل ایست اونلاین
بغداد/النجف – توعدت الميليشيات الشيعية العراقية التي تدين بالولاء لإيران اليوم الخميس بـ”قطع يد” التي تمتد للمرجعيات والعتبات، فيما تأتي التهديدات على اثر اقتحام متظاهرين للقنصلية الإيرانية في النجف وإضرام النار فيها في مؤشر على تحول أكثر ثقلا ضد النفوذ الإيراني في العراق.
وتسوق تلك الميليشيات لرواية استهداف علي السيستاني أعلى مرجعية في العراق لتبرير العنف المسلط على المحتجين وأيضا بحثا عن ذريعة لحملة قمع أشدّ دفاعا عن المصالح الإيرانية.
ولا توجد أي مؤشرات تشير إلى أن الاحتجاجات قد تستهدف السيستاني أو العتبات المقدسة لدى الشيعة في النجف وكربلاء، لكن إضرام النار في القنصلية الإيرانية في النجف دفع الميليشيات الموالية لإيران للتلويح بمواجهة عنيفة للقضاء على الحراك الشعبي العابر للطائفية والمندد بالنفوذ الإيراني.
وفي مؤشر على أن المزيد من العنف يلوح في الأفق، قال أبومهدي المهندس القائد العسكري للحشد الشعبي الذي يضم جماعات مسلحة ومعظم فصائله القوية على صلة وثيقة بإيران، إن الحشد سيستخدم كامل قوته مع من يحاول الاعتداء على آية الله العظمى علي السيستاني أعلى المراجع الدينية الشيعية في العراق والمقيم في النجف.
وقال في بيان نُشر على الموقع الإلكتروني للحشد الشعبي “سنقطع اليد التي تحاول أن تقترب من السيد السيستاني”.
وفي سياق غير بعيد عن هذه التهديدات، قال قيس الخزعلي الأمين العام لحركة عصائب أهل الحق إحدى أقوى الميليشيات العراقية الموالية لإيران في تغريدة على توتير “كل من يعتقد أنه يمكن أن يمس شي من سماحة السيد السيستاني فهو واهم أشد الوهم. أبناء المرجعية من انتصر على أكبر قوة ظلامية موجودون بالميدان وجاهزون”.
وليست هذه المرة الأولى التي تهدد فيها فصائل موالية لإيران المحتجين العراقيين الذين نددوا بالنفوذ الإيراني وأحرقوا أو داسوا أو ضربوا بالأحذية صورا لرموز إيرانية مثل الجنرال قاسم سليماني قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري وأيضا المرشد الأعلى في إيران علي خامنئي.
وأصدر رجل الدين الشيعي النافذ مقتدى الصدر دعوة جديدة للحكومة التي وصفها بـ”الفاسدة”، للاستقالة بينما حذر من أضرموا النار في القنصلية الإيرانية بأنهم يخاطرون بالتعرض لرد عنيف من السلطات.
وقال الصدر في بيان نشر على حسابه على تويتر “لا توفروا لهم غطاء يكون سببا في إنهاء ثورتكم وأبعدوا المقدسات ومحافظاتها ومرجعياتها عن ذلك قدر الإمكان فهذا ما سيدفع الفاسدين في الداخل والخارج إلى ما لا يحمد عقباه”، مضيفا “لو لم تستقل الحكومة فهذه بداية نهاية العراق”.
وقال فنار حداد الزميل الباحث بمعهد الشرق الأوسط في جامعة سنغافورة الوطنية إن الحكومة قد تستخدم حرق القنصلية الإيرانية ذريعة لحملة أشد صرامة.
وأضاف “الجانب السلبي من وجهة نظر المحتجين هو أن هذا قد يعزز الرواية الحكومية أن المحتجين متسللون ومخربون ولا يقصدون خيرا”.
وقال إنه “يبعث برسالة إلى إيران، لكنه يفيد أيضا أشخاصا مثل المهندس بإتاحة ذريعة لشن حملة وتصوير ما حدث على أنه تهديد للسيستاني”.
ونادرا ما يتحدث السيستاني في الشؤون السياسية لكن تأثيره هائل على الرأي العام لاسيما في جنوب العراق حيث يتركز الشيعة. وسبق أن استغل السيستاني صلاة الجمعة في الأسابيع الأخيرة لحث الحكومة على تطبيق إصلاحات حقيقية والتوقف عن قتل المتظاهرين.
وقتلت قوات الأمن العراقية بالرصاص عشرات المحتجين اليوم الخميس بعد ما اقتحم متظاهرون القنصلية الإيرانية خلال الليل وأضرموا النيران فيها فيما قد يمثل نقطة تحول في انتفاضة على السلطات المدعومة من طهران.
ولقي ما لا يقل عن 29 شخصا مصرعهم عندما فتحت القوات النار على متظاهرين أغلقوا جسرا في مدينة الناصرية الجنوبية قبل فجر يوم الخميس كما تجمع المحتجون في وقت لاحق عند مركز للشرطة. وقالت مصادر طبية إن عشرات أصيبوا أيضا بجروح.
وقتل أربعة آخرون في العاصمة بغداد حيث أطلقت قوات الأمن الذخيرة الحية والطلقات المطاطية قرب جسر على نهر دجلة. وقتل متظاهران آخران خلال النهار في اشتباكات وقعت في مدينة النجف.
وفي الناصرية تحدى آلاف المشيعين حظرا للتجول ونزلوا للشوارع للمشاركة في جنازات قتلى الاحتجاجات.
وشكلت لقطات مصورة للمحتجين وهم يهللون خلال الليل بينما كانت ألسنة اللهب تستعر في القنصلية تغيرا مذهلا بعد سنوات شكل فيها النفوذ الإيراني لدى الشيعة في الدول العربية عاملا مهما في المشهد السياسي في الشرق الأوسط.
وحولت إراقة الدماء التي تلت ذلك اليوم إلى أحد أكثر الأيام عنفا منذ بدء الانتفاضة في بداية أكتوبر/تشرين الأول.
وتحولت القنصلية الإيرانية في النجف وهي مدينة تضم مزارات شيعية مقدسة وهي أيضا مقر المرجعية الشيعية، إلى أنقاض متفحمة، فيما اتهم المحتجون وأغلبهم من الشيعة، السلطات العراقية بالعمل ضد شعبها للدفاع عن إيران.
وقال محتج شهد إشعال النار في القنصلية إن قوات الأمن فتحت النار في محاولة لمنع المتظاهرين من إحراقها، مضيفا رافضا نشر اسمه “كل شرطة الشغب في النجف وقوات الأمن بدأت إطلاق النار علينا وكأننا نحرق العراق كله”.
وقال محتج يدعى علي في النجف “إحراق القنصلية ليلة أمس كان عملا شجاعا ورد فعل من الشعب العراقي.. لا نريد الإيرانيين”، مضيفا “سيكون هناك رد انتقامي من إيران أنا واثق من ذلك، ما زالوا هنا وستواصل قوات الأمن إطلاق النار علينا”.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية عباس موسوي اليوم الخميس إن الحكومة العراقية مسؤولة عن حماية قنصلية إيران.
ونقل التلفزيون الرسمي عن موسوي قوله “الحكومة العراقية مسؤولة عن حماية المراكز والبعثات الدبلوماسية لديها… طهران تستنكر بقوة هذا الاعتداء وتطالب باتخاذ إجراءات مسؤولة وحازمة ومؤثرة من قبل الحكومة العراقية في مواجهة العناصر المخربة والمعتدية”.
وقالت وكالة الجمهورية الإسلامية الإيرانية للأنباء إن موظفي القنصلية الذين تم إجلاؤهم من المبنى قبل قليل من اقتحامه “سالمون وبخير”.
وانتهجت السلطات حتى الآن العنف لإخماد الاضطرابات وقتلت المئات بأعيرة نارية وبالقنابل المسيلة للدموع وطرحت في ذات الوقت مقترحات لتنفيذ إصلاحات سياسية وصفها المحتجون بأنها هامشية وشكلية.
ورفض رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي الدعوات التي تطالبه بالاستقالة حتى الآن. وعقد اجتماعات مع سياسيين بارزين بحضور قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني منوطة بالقوات والجماعات التي تعمل لصالح طهران في الخارج.
وذكر بيان للجيش أن السلطات شكلت “خلايا أزمة” في عدة محافظات في محاولة لاستعادة النظام.
وجاء في البيان “تم تشكيل خلايا أزمة برئاسة السادة المحافظين. تقرر تكليف بعض القيادات العسكرية ليكونوا أعضاء في خلايا الأزمة لتتولى القيادة والسيطرة على كافة الأجهزة الأمنية والعسكرية في المحافظات ولمساعدة السادة المحافظين في أداء مهامهم”.
والاحتجاجات التي بدأت في بغداد في الأول من أكتوبر/تشرين الأول وامتدت إلى المدن الجنوبية هي أصعب تحد يواجه الطبقة الحاكمة التي يهيمن عليها الشيعة وتسيطر على مؤسسات الدولة منذ الاجتياح الأميركي عام 2003 الذي أسقط حكم صدام حسين.