ایران .. كيف تسببت الانتفاضة في ضرب نظام الملالي وهددته بالانهيار؟
ایران .. كيف تسببت الانتفاضة في ضرب نظام الملالي وهددته بالانهيار؟ -لا شك أن النظام الإيراني أصبح يعيش وضعاً صعباً للغاية، بعدما جردته الانتفاضة من جميع أسلحته، وكشفت حجمه الحقيقي، وبات يعاني كالفأر المذعور، من الثبات القوي الذي أظهره المتظاهرون، بينما لجأ النظام إلى لغة الإسكات بالقوة، عبر الرصاص والتصفية، لكنه لم ينجو من تلك اللعنات، التي أظهرت هشاشته.
تاريخ سرقة السلطة
ومنذ البدایة استولی نظام الملالي المعادي للإنسانیة على دفة الحکم باغتصابه السلطة من الشعب بواسطة الحیل والنفاق، نتيجة لذلك لم يحقق أبداً الانسجام والتآلف مع المجتمع الإيراني ومطالب الشعب الإيراني طيلة أربعة عقود من حکمه، بل لم يستطع تحقيق الاندماج والانسجام بین مكوناته أیضاً.
اللعنات تلاحقهم والفرقة تضربهم
رؤساء النظام هم المثال البارز علی هذه الحقیقة، إذ إنهم نبذوا من الأوساط السیاسیة للنظام الفاشي ولحقتهم اللعنة أینما توجهوا، علی الرغم من ولائهم الشدید لخامنئي وإخلاصهم له.
الأمر نفسه ینطبق علی “روحاني” الرئیس الحالي للنظام، فبینما تبقّی حوالي سنتین من فترة رئاسته، إلّا أنه یتعرّض لضغوط متواصلة من الزمرتین المتنافستین داخل النظام، سواء زمرة الإصلاحیین المراوغین الذین یتهمونه بالتقاعس أو زمرة المحافظین التابعة لخامنئي الذین وصموه بالکذب والخیانة.
الانتفاضة تخنق النظام
وتشير الحقائق إلى أنّ العامل الأساسي الذي زاد من حدة الضغوط على “روحاني” هو انتفاضة نوفمبر العظیمة، حيث تمّ تكثيف الهجوم علی “روحاني “منذ فترة طويلة، خاصة بعد تأثير الضغط الهائل للعقوبات وتراجع مبيعات النفط لدی النظام إلی حافة الصفر، مما تسبب بالغلاء ودفع بالأوضاع الاقتصادیة إلى حد الاختناق.
روحاني في مرمى النيران
كما تزايدت حدة المساءلة المستمرة له من قبل عصابة خامنئي حول أسباب فشل المعاهدة النوویة وفشل التفاوض مع الولایات المتحدة.
لكن بعد انتفاضة نوفمبر التي دفعت النظام برمته إلى حافة السقوط، اتخذ الهجوم علی “روحاني” بعداً آخر، حیث بذلت عصابة الولي الفقیه قصاری جهدها لشنّ أعنف الهجمات علیه اعتماداً علی کافة الحیل والدعایات، لتظهره علی أنه هو السبب الرئیسي وراء جمیع المصائب، وتنسب لحکومته البائسة أسباب تعالي صوت ناقوس الخطر الذي دقّ في کافة أرجاء النظام المتهالك.
الحكومة تمر بأسوأ وضع
وأوضحت صحيفة وطن امروز الحكومية، “أن حكومة روحاني تمر في إيران بأسوأ وضع يمكن أن تكون عليه حكومة ما، مشيرة إلى أن روحاني هو رئیس ترید الغالبية العظمى من المجتمع، حتى أولئك الذين صوتوا لصالحه، التخلّص منه”.
غرق النظام
كما اعترف إمام الجمعة في مدینة “ورامین” بأنّ النظام على وشك الغرق في بحر الغضب الشعبي، بدلاً من التستّر علی الموضوع وقصر الوضع المتأزّم علی حکومة “روحاني”، مشيرا إلى أن إرشادات القائد في هذه المرحلة، أنقذت سفینة الثورة من الغرق»، بحسب “وکالة مهر 13 دیسمبر 2019”.
وضع متدهور
وقد يتبادر إلى الذهن سؤالاً وهو لماذا لا یستقیل “روحاني” من منصبه؟، لكن علی الرغم من أنّ “روحاني” کبقية قادة النظام، يسعى للحافظ على منصبه وسلطته ومصالح عصابته، إلا أنه مطّلع علی أوضاع النظام المتدهورة أكثر من أي شخص آخر، ویدرك جیداً معاناة النظام خاصة عقب انتفاضة نوفمبر.
التفاوض مع أمریکا
کما أنه يعلم أنّ بسبب هيمنته واستشعاره للتهديد الذي یحیط بالنظام في حال قبول التفاوض وتأکیده المستمر علی أنّ «التفاوض هو سم، والتفاوض مع أمریکا هو سم مضاعف» فهو لن یسمح له بفتح باب التفاوض مع أمریکا والتشبّث بدعم الغرب، إذن لماذا لا يستقيل روحاني؟ لماذا یتحمّل کل هذا الذّل والضغط والإهانة؟ولماذا لا یقوم حتى بتقلیص ضغوط العصابة المسیطرة عن طریق طرح موضوع الاستقالة؟
عدم السماح بالاستقالة
كما أن “روحاني” یعلم أنّ الولي الفقیه یمرّ بأوقات عصیبة ولن یسمح له بالاستقالة أبداً لکنه قد یکون قادراً علی کسب بعض الامتیازات الداخلیة، من خلال استخدام ورقة التهدید هذه أي “الاستقالة” .
الأوضاع حرجة لا تحتمل
ویمکن أن نجیب بأنّ، “روحاني” علی الرغم من أنه یدرك أن وضع النظام متدهور علی کافة الأصعدة، لكنه أولاً أحد أهم الشخصيات القمعیة والمجرمة في هذا النظام الدیکتاتوري وأکبر معممي النظام في أجهزة الأمن، ويعرف أن النظام قد وصل إلى مرحلة حرجة لا یمکن معها طرح موضوع الاستقالة، مما قد یؤدي إلی اندلاع شرارة أخری في المجتمع.
انهيار النظام
ثانياً، روحاني يعرف أنّ هذا التوازن الهشّ للنظام قد یتلاشی بسبب طلب استقالته، وسيؤدي إلى انهيار المزيد من القوى الحاکمة، الأمر الذي قد ينتهي أیضاً باندلاع شرارة جدیدة، ويكمن العامل الثالث في أنه على دراية تامة بتاريخ النظام ومصير الرؤساء السابقين.
النظام في مراحله الأخيرة
كما يعرف أن نهاية معارضته لجهاز ولایة الفقیه خامنئي، سيكون مصير أسود في نهاية المطاف، مصير يفوق الحبس والعزلة وحظر الظهور الإعلامي والخطابي وما إلى ذلك، حيث أن النظام لم يعد النظام السابق، وقد حانت المرحلة الأخيرة من عمر هذا النظام الطاغي، وبالتالي ستکون قوانین وقرارات هذه المرحلة أكثر عنفاً وصعوبةً من جميع المراحل السابقة.
روحاني خائن في هذه الحالة
ولهذا حذّرت وكالة “فارس” للأنباء من أنّ: «استقالة روحاني يمكن أن تلحق أضراراً خطيرة بالسلطة» قائلة: «إذا استقال روحاني، فقد يتمّ إدانته واتهامه ومقاضاته قانونیاً بناء علی استقالته».
كما اعتبرت أن استقالته ضرباً من الخيانة: «هذا فعل خطير للغاية ویمکن اعتباره نوعاً من الخیانة ومحاولة الإطاحة بالثورة».
عدم السماح لروحاني
وفي 17 ديسمبر، أشارت صحيفة “جهان صنعت” الحکومیة إلى واقع الظروف الحرجة الراهنة للنظام واستحالة استقالة “روحاني” وقالت: «لا تسمح السلطة والقيادة باستقالة روحاني لأن الظروف السائدة في البلاد لا تسمح للحكومة بمواصلة العمل مع النائب أو المجلس الرئاسي».
تصدع ضخم
وفي نفس اليوم، نوّهت صحيفة “جوان” الحکومیة بالتصدع الإقليمي للنظام وخلصت إلى خطر تهالك النظام قائلة: «استقال رئيسا وزراء العراق ولبنان وسط الاضطرابات في البلدین، مما غذّی عدم الاستقرار والفوضى. هل هذا الطیف في أعقاب المؤامرة الأمريكية سیؤدي إلی نفس الوضع في إیران؟».
الانتفاضة تحدث أثراً فعالاً
ويتضح أنه قد تغيّر مسار حرب الذئاب الحاکمة داخل النظام، وفي أعقاب انتفاضة نوفمبر العظیمة، بات جمیع قادة ومسؤولي النظام یتبادلون الاتهامات بالجملة محاولین إلقاء اللوم علی الطرف الآخر فيما یتعلق بارتفاع أسعار البنزين الذي أدّی إلی اندلاع الانتفاضة، لكن الشعب الإيراني قد وقف علی حقیقة مسرحیة تراشق الاتهامات هذه وتخطّی هذه المرحلة الهزلیة.
النظام موحول
ومن هذا المنطلق فإنّ استقالة “روحاني” نفسها مسألة فرعیة، أما القضیة الرئیسیة فهي أنّ النظام یفتقر إلی آلیات ناجعة تنقذه من هذا المأزق، وأنه محکوم بالسقوط الحتمي سواء مع “روحاني” أو بدونه. وکل شيء عدا ذلك هو حرب إعلامية وبروباغندا سياسية کاذبة یروّج لها النظام الديكتاتوري المتهالك والآیل إلی السقوط لا أکثر.
حتمية السقوط
هذا بالإضافة إلى أنّ انتفاضة نوفمبر قد أظهرت النزاع الرئیسي داخل النظام أي حتمیة السقوط أمام الرأي العام علی أکمل وجه، إلی درجة أن القضايا والأخبار الأخرى مثل حوادث الانتخابات التشریعیة، ذهاب “روحاني” إلی اليابان وماليزيا، ومحاولة إثارة حماس الرأي العام حول قضیة التفاوض، والنزاع حول التصديق أو عدم التصديق على قرار مجموعة العمل المالي الدولیة (FATF) وغیرها من القضایا باتت هامشیة لا تؤثر على أهمية الموضوع الرئیسي.
الكراهية في أعلى مستوى
ونتيجة لهذا النزاع الأساسي القائم داخل کوادر النظام، أقرّت وسائل الإعلام الحکومیة بأنّ كراهية الشعب للنظام قد وصلت إلى أعلى مستوياتها، وهو ما اعترفت به صحیفة فرهیختکان، 16 دیسمبر 2019، التي أكدت أن “شعبية حسن روحاني بعد ارتفاع أسعار البنزین قد تراجعت إلی حد العدد المفرد، إن لم نقل إلی حد الصفر”، وهذا بالطبع مصیر جمیع الأجهزة المستبدّة والسلطویة والمنعّمة في المراحل النهائیة من حیاتها.