الإطاحة بولاية الفقيه من الآن فصاعدًا مسؤولية إنسانية ووطنية
وعامة تقع على عاتق صانعي المستقبل
الإطاحة بولاية الفقيه من الآن فصاعدًا مسؤولية إنسانية ووطنية – تذكر حتى يوم 11 نوفمبر من العام الحالي لتدرك إلى أي مدى كانت الإطاحة بولاية الفقيه ممكنه، وإلى أي مدى كنت تعتقد أن تندلع انتفاضة فجأة بمثل هذه القوة والروعة وتغير المجتمع بأكمله.
والسؤال الواقعي هو : هل يمكن لمجتمع أن يتغير فجأة بدون مقدمات في غضون أيام قليلة؟
هل كان أحد يعتقد أن تجتاح الانتفاضة 199 مدينة إيرانية فجأة بهذه السرعة؟
وهل هناك فرق بين الناس قبل الانتفاضة والناس بعد الانتفاضة؟ وما هو الفرق؟ وهل هناك فرق بين النظام قبل الانتفاضة والنظام بعد الانتفاضة؟ وما هو الفرق؟
ربما يمكن أن ندعي فيما يبدو، على سبيل المقارنة أن الانتفاضة قد نجحت مثل الانتفاضات السابقة ووجهت بعض الضربات للحكومة ثم استطاع المجرمون قمعها.
لكن إذا نظرنا إلى الأمر من كل جوانبه، يمكننا أن ندرك جيدًا مراحل التطور في الإطاحة بالحكومة في الانتفاضات الأخيرة، التي استطاعت بالمشاركة المنظمة والقوية أن توجه ضربات حاسمة لحكم ولاية الفقيه في المجال السياسي والاقتصادي والاستراتيجي.
ضربة الانتفاضة لمركز ثقل الحكومة
من الواضح جيدًا الآن أنه لم يكن هناك توازن قوى بين الشعب والحكومة فيما مضى، وأن جميع عناصر اتخاذ القرار في الحكومة متفقين على أن “هذه المرة تختلف عن المرات السابقة”.
هذا الاختلاف يجعلهم في حالة من الذعر والارتباك. إذ تصرخ الفصائل الحاكمة بشكل غير مسبوق، ويبدو أنهم قد تمردوا ضد بعضهم البعض والقضاء على بعضهم البعض. فأنظر إلى أي مدى وصلت ضربة الانتفاضة.
في البداية نذكر بعض النقاط الأساسية التالية:
أولًا: لم يُبقي الملالي بعد 38 عامًا مجالا لأي منظمة أو حزب يمكنه متابعة التطلعات الاجتماعية والسياسية للشعب. على عكس المجتمعات المتحضرة التي تتبنى الأحزاب والمنظمات والجماعات السياسية من الطبقات الاجتماعية.
ثانيًا: لا توجد أي نقابة أو اتحاد مستقل في نظام الملالي للتعبير عن المطالب النقابية للعمال والموظفين.
ثالثًا: يجب على أي شخص يناضل من أجل الحرية أن يقبل الحرمان من أي حقوق قانونية.
رابعًا: إن ثمن المعارضة القانونية للنظام وحتى النقد السياسي لخامنئي هو الحرمان من الحياة والعمل والمستقبل والتعرض للحكم بالسجن. وهذا هو الثمن الذي دفعه وما زال يدفعه المواطنون الإيرانيون ولاسيما النساء والشباب. ثمنٌ دمر العديد من الأسر والأرواح.
خامسًا: كان التيار القوي لسياسية الاسترضاء التي اتبعتها الحكومات الأجنبية والشركات التابعة لها مع الملالي من العقبات الصعبة أمام الشعب الإيراني ورواده في الكفاح من أجل الحرية والحق في الحياة. وفي ضوء سياسية الاسترضاء تمكن نظام الملالي من توسيع هيمنته الأيديولوجية والسياسية في سوريا والعراق ولبنان واليمن.
لذا بات السعي وراء تحقيق المطالب السياسية والاجتماعية أمر صعب للغاية ومنهك في مجتمع يعيش في ظل هذه العوامل المصيرية.
ولقد قامت الحكومة بعمل جعل كل مواطن منتميًا للحكومة بمفرده، وليس عن طريق ممثليه في الأحزاب والمنظمات والنقابات والاتحادات.
وهنا يتجلى العمل العظيم الذي قدمته انتفاضة نوفمبر 2019.
لأن المواطنين، قاموا من منطلق وعيهم التاريخي وخبرتهم السياسية بتنظيم إنجازاتهم لمواجهة الحكومة ودخلوا مجال العمل الاجتماعي.
فالفزع والارتباك الذي تشعر به حكومة الملالي في وجدانها وأنسجة وجودها في أعقاب هذه الانتفاضة هو نتيجة النضج التاريخي والسياسي للمجتمع الإيراني.
معنى النضج السياسي
منذ 20 يونيو 1981 فصاعدا كان المشهد السياسي الإيراني ينحصر في توازن القوى بين الحكم والمنظمات والأحزاب والجماعات التي تتصارع مع الحكم.
وكان الحكم يملك الترسانة العسكرية؛ ويلجأ إلى سجن المواطنين وإعدامهم واغتيالهم وارتكاب المذابح في حقهم.
ومع ذلك، لم يتوقف النضال والصمود والمقاومة يومًا ضد هذا النظام الفاشي، إذ قام الشعب بملاحم بطولية مذهلة.
وأصبح هذا الصمود والملاحم من أساسيات الإدراك النسبي للأجيال الشابة وشكلت البنية الأساسية للانتفاضات خلال العقود الثلاثة الماضية.
وعلى الرغم من كل هذا المجد التاريخي والإنساني والوطني الذي تجسد في الحرب ضد حكم ولاية الفقيه، إلا أن توازن القوى السياسي كان بين الحكم والمنظمات والجماعات على مستوى عال، وكانت منظمة مجاهدي خلق هي محور هذا الصراع.
إن ما تم في انتفاضة نوفمبر 2019، ليس سوى أن المجتمع قام بانتفاضة استمرارًا للانتفاضات السابقة وواصل طريق رواد الحرية على مدى 38 عامًا بطريقة جديدة وشهد الحكم برمته ذلك.
إن توازن القوى حدث بين مجتمع ذو سيادة بالإضافة إلى الوضع السابق.
ودخل جيل جديد منظم في معركة مباشرة وجها لوجه مع نظام الملالي.
وشاهدنا في الأحياء والشوارع والسجون والمدن جرائم نظام الملالي التي قُرأت وسُمعت في الصحف والإذاعات والمواقع الإلكترونية وذكريات السجناء السياسيين.
واتجهت الأجيال بعد 20 يونيو 1981 ويوليو 2009 ويناير 2017 إلى مواجهة جلادي ولاية الفقيه في عقد الثمانينيات بنوعية جديدة من المقاومة.
ويتشابك الآن مسار وخبرة رواد الكفاح من أجل الحرية على مدى 38 عامًا مع مسار وخبرة الأجيال الصاعدة الحالية وترتبط مع بعضها البعض في طريق مشترك.
هل هذا هو التطور المصيري؟
لقد حدث الوعي التاريخي والنضج السياسي في الهيكل السياسي للمجتمع الإيراني.
وبناءً عليه، فإن الإطاحة بولاية الفقيه ستكون من الآن فصاعدا، مسؤولية إنسانية ووطنية وعامة تقع على عاتق الأجيال الإيرانية الصاعدة التي تبني المستقبل.
إن الأجيال التي عاصرت جميع فصائل وزمر الحكومة أطلقت انتفاضة نوفمبر 2019 وأوجدت آفاقًا مختلفة تمامًا عن ذي قبل بهذه الانتفاضة.
وبناءً عليه، يمكن كل يوم من الآن فصاعدا، معرفة المزيد بسبب خوف وارتباك عناصر صنع القرار في الديكتاتورية.
ونحن نواجه من الآن فصاعدًا، نظامًا أكثر تفككًا من أي وقت مضى، وأي تغيير من شأنه أن يؤثر بالسلب على مصيره.


