“عملية قمع كورونا” أم الرعب من شرارة الانتفاضة؟
“عملية قمع كورونا” أم الرعب من شرارة الانتفاضة؟ – لخصت لافتة مثبتة على جسم سيارة شرطة لرش المياه سوداء اللون كل ما نريد أن نقوله في جملة واحدة : “عملية قمع فيروس كورونا”.
“عملية قمع كورونا”
” قيادة الوحدات العسكرية الخاصة التابعة لقوات الشرطة الإيرانية “
في البداية عندما نقرأ الجملة لا نصدق أن ما نراه حقيقي أو أنه مزحة أو مزيج منهما أو لا هذا ولا ذاك.
فمن الصعب أن نجد علاقة بين عملية القمع وكورونا. ففلسفة وجود قوة قمعية مثل الوحدات العسكرية الخاصة التابعة لقوات الشرطة الإيرانية لم تكن ولا تزال سوى قمع الاحتجاجات والانتفاضات، وهي تذكر الشعب الإيراني بعنف وبربرية نظام ولاية الفقيه.
قمع كورونا بالهراوات
إن العقل البسيط الذي لا يعرف هذا النظام ولم ير لصوصية هذه القوات البربرية في التعامل مع المواطنين العزل قد يُخدع من الوهلة الأولى ويعتقد أن الشغل الشاغل لهذا النظام الفاشي هو احتواء فيروس كورونا ومكافحة هذا الوباء، ولكن من الواضح جيدًا بالنسبة لأولئك الذين يعلمون حيل وخدع هذا النظام أن هذه الخطوة جديدة وانتهازية شريرة تحت غطاء كورونا لتواجد القوات القمعية في شوارع طهران وغيرها من المدن.
إن إحضار سيارات رش المياه والسيارات المدرعة وارتداء البدل القاتمة المضادة للرصاص والخوذات والدروع والهراوات، والتقاليد اليزيدية لا جدوى منه في المساعدة على احتواء كورونا. ويقولون إنهم جاءوا من أجل القمع وأن لا هدف من عمليتهم هذه سوى أن يقولوا للمواطنين أن نظام الملالي لم يسقط بعد، ونحن متواجدون للسيطرة على أي احتجاجات.
نعم، لقد جاءوا من أجل القمع، لذلك قاموا بتثبيت لافتة القمع على سياراتهم ومعداتهم، ولكن تكمن انتهازيتهم وعبثهم في أنهم كتبوا على اللافتة كلمة كورونا ولكنهم يريدون قمع شيء آخر . واتخذوا من كورونا هراوة لكي يمضوا قدما في عملية قمع الشعب الإيراني.
وبطبيعة الحال، فإن إجراء السلطة هذا ليس نتيجة للسيطرة على الأوضاع وأنه متخذ من موقف القدرة، بل على العكس، إذ إن ذلك يدل على عمق رعب السلطة من الانتفاضات الشعبية.
ففي أي مكان في العالم يكافحون الوباء بالهراوات والدروع؟ إذ أنهم يذهبون إلى الشوارع ومفترق الطرق والأماكن التي من المحتمل أن تندلع فيها الانتفاضة، وليس لمكافحة الوباء
قوات حرس نظام الملالي مصدر كورونا في إيران
إن الوحدات العسكرية الخاصة التابعة لقوات الشرطة الإيرانية ليست هي التي تنفذ السياسة القمعية فحسب، بل إن حكومة الملالي وضعت قوات حرس نظام الملالي في حالة الطوارئ أيضًا للقيام بهذا الدور القمعي خشية من انفجار الغضب الشعبي.
وبالعودة إلى أحداث فيضان أبريل 2019 واستعراضها مرة أخرى سندرك جيدًا أن قوات حرس نظام الملالي هي السبب الرئيسي في كارثة الفيضان الوطنية في إيران، وقام بمناورة مدعية توصيل المساعدات للمناطق المنكوبة بالفيضان، وشاهدنا في تلك المرحلة أن هذه القوات انتشرت بالمدرعات في شوارع شيراز، والسبب في تواجد هذه القوات ليس سوى الخوف من الانفجار الاجتماعي والاستعداد لمواجهة الإثارة الشعبية.
وانتشرت فضيحة الحكومة الآن في جميع أنحاء العالم. ويعلم الجميع أن شركة ماهان للطيران التابعة لقوات حرس نظام الملالي هي التي فتحت الطريق لكورونا من الصين إلى إيران. وأدى التستر على وجود الفيروس وجعله أمرًا أمنيًا والتظاهر بأن الأوضاع عادية وأن كل شيء على ما يرام إلى سرعة تفشي هذا الوباء في إيران. حتى بعد انتهاء مسرحية الانتخابات ودار الحديث حول المطالبة بحجر قم صحيًا، إلا أن قادة نظام الملالي ومن بينهم حسن طائب، قائد جهاز الاستخبارات في قوات حرس نظام الملالي رفضوا حجر قم صحيًا. وبالتالي، فإن قوات حرس نظام الملالي صدّرت إلى المدن الإيرانية الأخرى فيروس كورونا الذي جلبته من الصين إلى إيران.
فرض الأحكام العرفية وحظر التجول بحجة النكبة بفيروس كورونا
وتريد قوات حرس نظام الملالي الآن اقتحام المدن بحجة مساعدة المصابين بفيروس كورونا وفرض أحكام عرفية لم يتم الإعلان عنها. وفي هذا الصدد، أعلن الحرسي سلامي، عن استعداد قوات حرس نظام الملالي لتقديم أي نوع من المساعدات للأجهزة والمؤسسات في مكافحة فيروس كورونا والحيلولة دون تفشي هذا المرض على نطاق واسع”. ( خبرآنلاين، 24 فبراير 2020)
كما أنه أثناء فيضان أبريل تم إرسال قوات حرس نظام الملالي بحجة تقديم المساعدات للمناطق المنكوبة بالفيضان، وتم تشديد الإجراءات الأمنية العسكرية في هذه المناطق تحسبًا لاندلاع الانتفاضة.
وانتقد الحرسي جعفري، القائد السابق في قوات حرس نظام الملالي بشدة في حملة دعائية صاخبة طريق سكة حديد جرجان – اين تشه برون في شمال مدينة آق قلا في ثلاث نقاط. وهذا هو المسار الذي وصف قائد مقر خاتم الأنبياء التابع لقوات حرس نظام الملالي، في ذلك الوقت، الحرسي عباد الله عبد اللهي في 15 ديسمبر 2014 إنشاءه بأنه أول رقم قياسي في البلاد. وهذه الخطوة التي تبنتها قوات حرس نظام الملالي هي السبب الرئيسي في الفيضان والدمار، والأمر مكشوف للشعب الإيراني ويدعو للسخرية لدرجة أنه يستدعي للذهن المثل التالي:
“يقتل القتيل ويمشي في جنازته”
خوف نظام الحكم من الانفجار الاجتماعي في قضية كورونا
هذا ولا تقتصر إجراءات نظام الملالي للسيطرة على المجتمع ومنع اندلاع الانتفاضة على “عملية قمع كورونا” ودخول قوات حرس نظام الملالي في حالة الطوارئ فحسب. بل كثيرًا ما نجد بعض العبارات في الأدب الإعلامي للحكومة هذه الأيام مثل: الحرب النفسية مع كورونا و”الخوف من كورونا” و”فيروس الإشاعات” و”فيروس أكثر خطورة من كورونا” وغير ذلك من العبارات. فعلى سبيل المثال، تحدث ملا حكومي يدعى مير مجيد سيد قريشي، الذي يشغل منصب ممثل خامنئي في جامعة طهران للعلوم الطبية، عن الحرب النفسية. وقال: ” نحن نحتاج اليوم إلى الصحة النفسية بالإضافة إلى معالجة قضايا الصحة الفردية في مواجهة أزمة كورونا، حيث أن المجتمع اليوم من الناحية النفسية أكثر انشغالًا بقضية كورونا”. (وكالة ” تسنيم ” للأنباء، 1 مارس 2020)
إن إنشاء قواعد مختلفة لقوات حرس نظام الملالي والجيش، ونشر قوات الشرطة في الشوارع بحجة مكافحة فيروس كورونا، والإعلان أيضًا عن إرسال 300 ألف فريق من قوات الباسيج تحت ستار الكشف عن كورونا لتفقد المنازل يدل بوضوح على رعب النظام الحاكم من ردود الفعل الاجتماعية – التي لا يمكن احتواؤها – على فشل نظام الملالي في مكافحة تفشي مرض كورونا.
وكتبت إحدى الصحف الحكومية مشيرة إلى نيران غضب الشعب التي سوف تحرق الأخضر واليابس في نظام الملالي: عندما يثور الناس لن يكن لديهم فرق بين الموت والحياة . فالناس وصلوا إلى درجة الانفجار. ففي الفترة الأخيرة تمادى المسؤولون في الكذب على الشعب. وعندما يثور المواطنون المطحونون سوف يحرقون الأخضر واليابس، ولن يستطع أحد أن يقف أمام غضبهم”. (صحيفة “جهان صنعت”، 1 مارس 2020)
لهذا السبب، تراجع وزير الصحة عن خطة التجوال من منزل إلى منزل بعد 24 ساعة من التبجحات، وقال مساعده : ” ليس من المقرر أن نذهب إلى المنزل للبحث عن المريض. ونحن نكتشف الأشخاص المشتبه في إصابتهم بفيروس كورونا عن طريق يو بي اس و الأنظمة الإلكترونية”. (موقع “رويداد” 24، 3 مارس 2020)
كلمة الشعب وأبنائه الثوار
إن حديث الشعب الإيراني مع النظام القروسطي وعناصره القمعية المختلفة يتجسد في النصيحة الحكيمة لسعدي في الباب الرابع من كتابه جلستان في قصة الشاعر المنحوس وشيخ المنصر:
“لا أنتظر منك خيرًا، فلا داعي أن تؤذيني”
بدلًا من إرسال العصي والهراوات والدروع والهراوات والخوذات والمدرعات وسيارات رش المياه وقوات الباسيج والمخبرين وقوات الشرطة إلى شوارع طهران وغيرها من المدن، لا تقفوا في وجه الشعب الغاضب وأسرعوا في حفر قبوركم، فأنتم السبب الرئيسي في جلب فيروس كورونا وتفشيه في البلاد والسبب في الفيضان والفقر والتضخم والبطالة وآلاف الفيروسات، وهذا الشعب يعرف كيف يتعامل مع من تسببوا في شظف عيشه وتعاسته. ولا مفر لحكم ولاية الفقيه من الانفجار الاجتماعي الحتمي.