ميليشيا النجباء.. ذراع إيران الجديد بديلا عن حزب الله في العراق
ميليشيا النجباء.. ذراع إيران الجديد بديلا عن حزب الله في العراق – مع اتساع نفوذ الميليشيات المسلحة الموالية لإيران في العراق، فإن إيران وبعد مقتل قائد فيلق القدس الإيراني “قاسم سليماني” ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي “أبو مهدي المهندس” بغارة جوية قرب مطار بغداد الدولي، يبدو أنها تعمل على تدوير دور الميليشيات في العراق، إذ تعمل إيران في الوقت الحالي على تهيئة دور أكبر لميليشيا النجباء مع تكليف كتائب حزب الله بمهام أخرى.
كيف بدأت القصة؟
منذ بداية التظاهرات الشعبية في العراق، تصاعدت حدة استهداف القواعد الأمريكية في العراق ليبلغ مجموع الاستهدافات أكثر من 15 استهدافا شمل القواعد العسكرية والسفارة الأمريكية ببغداد.
يشير تقرير أمني لموقع (Just security) الأمريكي إلى أن إيران تعمل على إعطاء دور أكبر لميليشيا النجباء في العراق على حساب ميليشيا حزب الله، إذ يقول كاتب التقرير “كريسبن سميث” إنه وبعد مقتل قائد فيلق القدس الإيراني “قاسم سليماني” وقائد ميليشيا كتائب حزب الله نائب رئيس هيئة الحشد “أبو مهدي المهندس” في غارة أمريكية، فإن كتائب حزب الله فقدت قائدها وعددا من مسلحيها بفعل الضربات الجوية التي سبقت الاغتيال.
ويؤكد الكاتب على أن واشنطن لم تدع ميليشيا حزب الله بعد الاغتيال، إذ عملت على وضع الأمين العام لحزب الله “أحمد الحميداوي” على لائحة الإرهاب، وباتت جميع تحركات القادة العسكريين والميدانيين تحت المراقبة، لذلك وجدت إيران أن ميليشيا حزب الله لم يعد بمقدورها القيام بذات الدور الذي كانت تحظى به فيما سبق، بحسب التقرير.
وعن البديل الذي سيخلف حزب الله في دوره، يؤكد الكاتب على أن إيران وجدت في ميليشيا النجباء خير بديل مجهز وقادر على القيام بذات الدور، إذ أنها وجهت عشرات التهديدات للوجود الأمريكي في البلاد، مشيرا إلى أن اختيار ميليشيا النجباء جاء بسبب عدم مقدرة ميليشيات أخرى على القيام بذات الدور، إذ أن ميليشيات مثل العصائب وكتائب الإمام علي لديها مصالحها السياسية والاقتصادية الكبيرة التي لا تريد أن تخسرها بقيامها بهذا الدور، فلكل من الفصيلين الأخيرين تمثيل نيابي ومكاتب اقتصادية ومافيات تعمل داخل البلاد.
لماذا النجباء؟
تختلف ميليشيا النجباء عن غيرها من الميليشيات في أن لديها نفوذا خارج العراق أيضا، يقول الخبير الأمني “إبراهيم خليل” إن للنجباء دور كبير في سوريا من خلال مشاركتها مع قوات النظام السوري في قتال المعارضة، فضلا عن أن قائد ميليشيا النجباء “أكرم الكعبي” كان أول من التقى قائد فيلق القدس الإيراني الجديد “اسماعيل قآني”، إضافة إلى لقاءاته المتكررة مع الأمين العام لحزب الله اللبناني “حسن نصرالله”.
ويضيف إبراهيم، أن اضطلاع الحشد الشعبي بدور كبير في السياسة العراقية وتولي العديد من قادة الحشد ومناصريهم لمسؤوليات كبيرة في الوزارات الحكومية ساعد كثيرا الميليشيات على الوصول إلى معلومات كبيرة من بينها معرفة حركة الطيران الحربي الأمريكي والمسير في العراق، وكان العديد من قادة النجباء يحصلون على معلومات دقيقة من سلطة الطيران المدني في العراق، بحسب إبراهيم.
ويختتم إبراهيم حديثه لوكالتنا بالإشارة إلى أن الأحداث التي أعقبت بدء التظاهرات الشعبية في العراق غيرت الخارطة السياسية والأمنية في البلاد، وازداد الأمر بصورة مطردة بعد مقتل سليماني والمهندس ثم فشل “محمد توفيق علاوي” في نيل ثقة البرلمان لتشكيلته الوزارية، مشيرا إلى أن الخلافات الشيعية الداخلية تكاد تصل إلى مرحلة النزاع المسلح، ما يعني أن إيران كانت مدركة للوضع المقبل في العراق، وبالتالي بدأت باستخدام البدائل المتاحة، بحسبه.
سياسيا، يؤكد المحلل السياسي “رياض الزبيدي” على أن إيران لن تتخلى عن العراق مهما كلفها الثمن، وأن إنهاء وجودها في العراق يعني نهاية النظام السياسي (نظام الملالي) فيها، لافتا إلى أن العراق بات طوق النجاة لإيران من أزمة العقوبات الاقتصادية والعسكرية المفروضة عليها.
وعن احتمالية تولي ميليشيا النجباء مهام ميليشيا حزب الله في العراق، يشير الزبيدي إلى أن إيران وبعد خسارة “محمد توفيق علاوي” حظوظه في الظفر بمنصب رئاسة الوزراء، فإنها تيقنت أن أي دور إيجابي للتيار الصدري لن يكون في العراق في صالحها 100% على اعتبار أن للتيار الصدري خصومات كبيرة سياسية وأمنية مع مختلف الكتل السياسية وأذرعها المسلحة، وبالتالي بات التعويل الإيراني على المعسكر القديم المتمثل بتيار المالكي، إذ أن الأخير يتمتع بعلاقات قوية مع مختلف الفصائل المسلحة، بحسبه.
من جهته يرى الصحفي العراقي “غزوان الآغا” أن جميع السيناريوهات في العراق باتت ممكنة بعد أن شهدت مختلف الكتل السياسية تفككا غير مسبوق باستثناء الكتل الكردية، وبالتالي فإن تولي الفصائل المسلحة لأدوار جديدة في العراق أمر ليس مستغربا.
ويضيف الآغا، أن الأسابيع القادمة ستكشف عن مدى التطورات السياسية والأمنية التي سيعيشها العراق، لافتا إلى أن ملفا كبيرا بات يثقل الجانب الإيراني الآن ويتمثل بانتشار واسع النطاق لفيروس كورونا الذي بات يشكل تهديدا أمنيا وقوميا لإيران.
ويختتم الآغا حديثه بالتأكيد على أن أزمة وباء كورونا قد يؤجل من خطط إيران قليلا ريثما تتضح الصورة النهائية للوباء وللوضع السياسي في العراق، بحسبه.
أما الخبير الأمني “حسن العبيدي” فيرى أنه وعلى الرغم من أن النفوذ الإيراني في العراق لا يزال مستمرا وقويا، إلا أن واشنطن أيضًا بات لديها نفوذ متصاعد في العراق، وبالتالي، فإن وضع الميليشيات الآن يختلف كليا عما كان عليه الوضع قبل التظاهرات العراقية التي بدأت في الأول من تشرين الأول/ اكتوبر الماضي.
ويضيف العبيدي أن واشنطن وباستهدافها لسليماني والمهندس، فإنها بذلك تكون قد غيرت قواعد اللعب في العراق من النعم إلى الخشن، وباتت الميليشيات المسلحة تحسب ألف حساب للرد الأمريكي بعد أن تبين لها أن استهداف المصالح الأمريكية يعد خطا أحمرا بالنسبة لواشنطن.
ويعتقد العبيدي أن واشنطن قد تعمل على تغذية الصراع بين الفصائل المسلحة وتشجيعه، وبالتالي تعمل على جعل النفوذ العسكري للميليشيات يتلاشى داخليا ويأكل بعضه بعضا، لكن الخلاص من سطوة الميليشيات بشكل نهائي قد لا يكون في المدى المنظور، بحسب العبيدي.
هو دور كبير تعمل إيران على تهيئته لميليشيا النجباء، بعد أن عملت واشنطن على تقزيم دور كتائب حزب الله في العراق من خلال الضربات الجوية والاغتيالات والعقوبات.
وكالة يقين