لماذا يرفض الملالي الحاكمون في إيران فرض الحجر الصحي؟ ما الذي يخشونه؟
بقلم: مهدي عقبائي
عضو المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية
لماذا يرفض الملالي الحاكمون في إيران فرض الحجر الصحي؟ ما الذي يخشونه؟ – في مقابلة تلفزيونية أجرتها الشبكة الحكومية الثانية لنظام الملالي مؤخرا مع نائب وزير الصحة حريرتشي، سأله مراسل عن فضيحة فيروس كورونا التي أصبحت عالمية، وعن وجهة نظره من الحجر الصحي، فقال “ما زلت لا أؤمن بالحجر الصحي واری أنه ينتمي إلى العصور الوسطى”؟
وفي الوقت الذي اعترف فيه حسن نصر الله بأن نظام الملالي يوفر المواد الغذائية وحتى الألبسة الداخلية لقوات حزب الله، كجزء من مسؤولية النظام، يؤكد حريرتشي في جوابه بكل وقاحة على أنه ليس من مسؤولية النظام تأمين الغذاء للشعب ويقول:
“انظروا.. الحجر الصحي الذي يتحدثون عن أن الصين قامت به.. الصين قامت بمنع الدخول والخروج للمدينة، وقامت قوات الشرطة بوضع الطعام أمام البيوت، وقامت بتأمين المتطلبات الأولية.. من وجهة نظر عملية وتطبيقه نحن نعتقد أن هذا الأمر غير قابل للتطبيق، وليست مسؤوليتنا أن نقوم به”.
وفي تتمة حديثه يقول: ” إذا كان هناك شخص يستطيع أن يقوم بذلك، إذا كان يتحمل المسؤولية، نعم إذا قال أن تغلقوا المدن، وكل يوم قوموا بوضع الأرز والكباب (تشلو كباب الطبق الإیرانی المفضل) وبعده قوموا بوضع الدجاج والأرز، إذا كان هناك مثل هذا الشخص، تفضلوا لنستفيد من ، حتى لو كان غير علمي”.
من ناحية أخرى ، فإن التصريحات التي أدلى بها الرئيس الأعلى لحريرتشي، روحاني في المقر الاقتصادي لكورونا، يمكن التفكير والتأمل فيها أيضًا. حيث عارض روحاني أي حجر صحي قائلاً: “ليس لدينا شيء اسمه الحجر الصحي على الإطلاق. ويشاع أن هناك بعض المتاجر وبعض أعمال الحجر الصحي في طهران أو بعض المدن”.
ثم يقول روحاني ممنناً الناس: “الجميع أحرار في أعمالهم ونشاطهم”.
إن الحجر الصحي في هذه الأيام يتم مناقشته بشدة بين قادة نظام الملالي، والحديث عنه متناقض تمامًا.
في حين يقول روحاني أنه ليس لدينا حجر صحي، أعلن الحرسي باقري، بصفته رئيسًا للمقر الذي تم إنشاؤه فيما يتعلق كورونا، عن الخطوة الأولى لإغلاق المتاجر والشوارع والطرق، وأكد أن ذلك سيتم خلال ٢٤ ساعة القادمة.
كما أشار “نمكي” وزير الصحة إلى ضرورة فرض الحجر الصحي، قائلاً إنه بينما يسافر الناس، ستفقد السيطرة وسيتعطل النظام الطبي. وينصح الناس بعدم البقاء خارج المنزل إذا كنت ترغب في الابتعاد عن كورونا.
ويكشف “عابدي” أحد أعضاء برلمان الملالي عن سبب هذه التناقضات ويقول: “الحجر الصحي جيد ، لكن لا يمكننا تطبيقه. الحجر الصحي يريد أدوات ليست لدينا”.
وتجدر الإشارة إلى أنه وفقًا لقواعد منظمة الصحة العالمية ، إذا عملت الحكومة على فرض الحجر الصحي على مجموعة من الناس، فإنها ملزمة بتوفير احتياجاتهم.
وينطبق الشيء نفسه على دول مثل الصين وكوريا الجنوبية وإيطاليا التي تم فرض الحجر الصحي فيها.
لكن سر كل هذا التناقض والتخبط والاختلال داخل نظام الملالي هو أن هذا النظام القائم على منظومة الفساد والسرقة لثروات وأموال الشعب لا يريد أبداً ولا يستطيع البتة دفع نفقات على رفاه وسلامة شعبه، ولا يمكنه ابدا الاستسلام لمتطلبات الحجر الصحي.
رسميا لا يمكنه تحمل أعباء فرض الحجر الصحي، لكن قوات الحرس والذراع العسكري للنظام التي تخشى من الثورة والانتفاضة الشعبية، توصي الشعب حتى بالإجبار أن يبقوا في منازلهم.
الكلمة الأخيرة قالها أحد أعضاء برلمان الملالي ويدعى محمد قمي حيث تحدث صراحة عن الحكم العسكري العرفي وقال: “يجب الإعلان عن الحكم العرفي، الشعب لا يصغي للتوصيات والترجي”.
في الواقع، هذا هو الحل الوحيد للنظام لمواجهة كورونا وأي مشكلة أو أزمة أخرى.
إن النظام الذي جلب كارثة كورونا على رؤوس أبناء الشعب، لا يمكنه إنكار هذه الحقيقة، هم يخشون بشدة من ردة الفعل الشعبية ومن خلال ما يسمى بالإجراءات الاحترازية يسعى لفرض الحكم العرفي في المدن.
في الوقت الذي لا يريد النظام دفع أي قيمة، ويخشى من الانفجار الاجتماعي يحاول الاستفادة من أزمة كورونا وتطبيق الحكم العرفي لكبح احتجاجات الطبقات المحرومة والتنصل من تأمين متطلبات طبقات الشعب المختلفة، ويسجنها في بيوتها.
إن عدم وضع أي اعتبار لسلامة الشعب يأتي في الوقت الذي قدرت فيه ثروات الولي الفقيه خامنئي بـ ٢٠٠ مليار دولار، في حين يعيش العديد من أفراد الأمة الإيرانية تحت خط الفقر بسبب الأوضاع الاقتصادية المزدرية، وذلك بعد أربعين عاما على الحكم المشؤوم للملالي.
كما تقدر ثروة أبناء وبنات خامنئي بمليارات الدولارات المودعة في مصارف فنزويلا وإنجلترا وسوريا.
بغض النظر عما ينفقه النظام على حزب الله و المجموعات والعصابات الإرهابية الأخری في دول المنطقة والتي تصل لأرقام فلكية، يتم تقديم سنويا ما بين ٦٠ ألا ١٠٠ مليون دولار كدعم مالي لحزب الله فقط، كذلك يتولى خامنئي الإشراف على منظمة “هيئة تنفيذ أوامر الامام” التي يصل معدل أصولها لـ ٩٥ مليار دولار، أين هذه الأموال الآن حتى ينفقوها على سلامة وصحة الشعب الإيراني الذي يموت الآلاف من أبنائه في الشوارع، كم هي رخيصة حياة الشعب الإيراني بالنسبة الملالي؟!
نعم، إن النظام الذي ألقى فيروس كورونا على حياة الشعب الإيراني لا يعير أي قيمة لحياة الإنسان ووجوده،
وليس على استعداد لدفع أي قيمة مقابل ذلك، ولكن لأنه يخشى بشدة من غضب وكراهية الشعب الإيراني.
ان النظام يسعى لعرض المسرحيات المكشوفة والسخيفة مثل تقديم المساعدة والإعانات التي تشبه وضع قطرة ماء في جحيم الفقر والجوع.
حتى أنه لا يقدم تكلفة ومصاريف يوم واحد لأسرة واحدة، وكل ما يسعى له هو الحفاظ على نفسه وسلطته المشینة من نيران جحيم الثورة وانتفاضة الجماهير المضطهدة، لكن تخبطات وحيل هذه الدكتاتورية الآلية للسقوط لن تنجيها من السقوط الحتمي، وكما قال زعيم المقاومة الإيرانية السيد مسعود رجوي في رسالته:
“الشيخ مثل الشاه يريد التصدي لبركان غضب وانتفاضة الشعب بالحكم العرفي، أبناء إيران لا يستسلمون لكورونا ولاية الفقيه، ويرفضون السكوت والخمود والصمت”.