صوت عدّاد الانتفاضة یرتفع وسط استراتيجية الإبادة الجماعیة بفیروس كورونا
صوت عدّاد الانتفاضة یرتفع وسط استراتيجية الإبادة الجماعیة بفیروس كورونا – بينما لا یزال فیروس كورونا یحصد الأرواح حول العالم دون العثور على علاج له، تبذل جميع الحكومات في کافة أنحاء العالم قصاری جهدها لاحتواء الفيروس والقضاء عليه، وخصّصت احتياطيات بلادها الاستراتيجية والميزانيات الضخمة من أجل الحفاظ علی أرواح المواطنين وسلامتهم.
لكن خلافاً لإرشادات منظمة الصحة العالمية وتجارب الحكومات بشأن مکافحة کورونا، یتّخذ نظام الملالي إجراءات معاكسة تماماً، لا بل إنه کان السبب الرئیسي في نشر الفیروس في کافة أرجاء البلاد.
ولم یحصل ذلك سهواً بل جاء تباعاً لسیاسة إجرامیة انتهجها النظام الإیراني بشکل متعمّد. إذ إنّ خامنئي قد انتهز “الفرصة” لمنع أي عصیان مدني واندلاع انتفاضة شعبیة من خلال تحقیق أکبر خسائر بشرية ممکنة بفیروس كورونا باعتباره “نعمة إلهیة”، بینما یعلو صوت عدّاد الانتفاضة في مسامعه یومًا بعد یوم.
وکان خميني أیضاً قد وصف الحرب بأنها “نعمة إلهية”، سعى بموجبها إلى إقصاء جميع القوى السياسية والمعارضة من المشهد السياسي الإيراني. لهذا السبب، أعلن المشاركة في الحرب “أوجب الواجبات”، وواصل الحرب الخیانیة مع العراق لمدة 8 سنوات. وأطلق آنذاك مجموعة من الشعارات المخادعة واللاوطنیة منها «فتح القدس عن طریق كربلاء» و«استمرار الحرب حتى القضاء علی الفتنة في العالم»، في حین لم تکن الفتنة هاجسه قطّ، بل کل ما کان یشغله هو الحفاظ علی سلطته الغاشمة لا أکثر.
انطلاقاً من هکذا إستراتيجية لاوطنیة ولاإنسانیة، زجّ خميني بمليون إیراني في أتون الحرب، نتیجتها کانت مليوني معاق وجريح و4 ملایین نازح.
لفهم طبیعة خميني المجبولة علی الدجل ومعاداة الإنسانية ومحاولاته الإجرامية للحفاظ على النظام بأي ثمن، يكفي أن نستذکر ما قاله في الأشهر الأخيرة من الحرب عندما قال: «إذا استمرت هذه الحرب لمدة 20 سنة أخرى، فسوف نستمر. سنستمر في الحرب حتى بقاء آخر منزل في طهران».
لم یعر خمیني أرواح الناس –کباراً وصغاراً- اهتماماً قط، فقد کان یرسل آلاف الطلاب إلى الجبهات لاستخدامهم كجنود بصلاحیة مؤقتة. بحسب وزارة التربیة والتعلیم في نظام خمیني، أرسل الأخیر 440 ألف طالب إلى الخطوط الأمامية أي إلی حقول الألغام خلال الحرب.
وبعد عطلة تحویل السنة الإیرانیة (النوروز) لهذا العام وفي خضم أزمة کورونا، قرّر خامنئي وروحاني -علی غرار سیاسات سلفهما- استئناف الأنشطة الاقتصادية في البلاد بأي ثمن کان دون الأخذ بالتحذیرات والنصائح.
فقد حذّر “عليرضا زالي”، رئیس المرکز الوطني لمکافحة كورونا في طهران، من هذا القرار المتعجّل، وقال في السابع من أبريل: «سنواجه في الأسبوع القادم عدداً أكبر من المصابین. أي تسرّع سيضعنا في أزمة جديدة».
وفي بيان، أعربت منظمة النظام الطبي في البلاد عن قلقها بشأن رفع القيود المفروضة على حركة المرور وإعادة فتح الشرکات والأعمال قائلة:
«ستُهدر كل جهود الناس والسلطات والطواقم الطبية إذا لم یتمّ أخذ المستلزمات العلمیة والتنفیذیة لهذ المشروع بعین الاعتبار، وستكون هناك تهديدات خطيرة لظهور موجة جدیدة من المرض».
وکان “تيدروس أدهانوم”، مدیر عام منظمة الصحة العالمية، قد حذّر الدول في وقت سابق «من الرفع المتسرّع لإجراءات العزل المتّخذة للحدّ من تفشّي وباء کورونا، لأنه سيؤدي إلى تراجع أكثر حدة في اقتصاد البلدان وعودة قاتلة للوباء».
لكن لماذا یصرّ خامنئي وروحاني على تنفيذ هذا القرار علی الرغم من الحجم الهائل لتحذيرات مسؤولي المستشفيات وأعضاء مجلس الشوری ومختلف المسؤولين الحكوميين مما یدلّ علی أنه قرار خاطئ مائة في المائة وینذر بحدوث کارثة إنسانیة مروّعة تعرّض المجتمع برمته إلی خطر الإبادة؟
في 13 أبريل، حذّرت صحيفة “جهان صنعت” الحکومیة في مقال لها بعنوان «ضیاع الحکومة بين الخبز والحیاة»، من وقوع كارثة إنسانية كبرى في البلاد ستحصد أرواح الشعب الإیراني وتؤثر علی العالم کله.
وكتبت الصحيفة:
«یعیش 32 ملیون من أصل 85 مليون نسمة إیرانیة في الضواحي، ويقدّر عدد سكان طهران ممن یعیشون بالضواحي الآن بنحو 11 مليوناً. تفتقر الجهات الحكومية الرسمية إلى خطة واضحة وفعالة، وفي وضع یفتقر إلی رؤیة واقعیة حول مسألة کورونا ووضع شرائح المجتمع الفقیرة، حوّلت حكومة جمهورية إيران الإسلامية قضیة کورونا إلی مشکلة أمنیة».
وحذّرت هذه الصحیفة الحکومة متساءلة: «هل الحكومة التي اختارت “الخبز” من بین ثنائیة “الخبز والحیاة” تعلم بتبعات قرارها؟ هل يعرف النظام أنه إذا استمرت السياسات الحالية، فإنّ حصیلة المصابین في البلاد ستصل إلى عدد لا یمکن تصدیقه؟»
بالطبع، يدرك خامنئي وروحاني تبعات هذا القرار الإجرامي والمعادي للوطن، واتّخذاه بملء إرادتهما وبوعي کامل. لأن أزمة كورونا بالنسبة لخامنئي هي “فرصة” و”نعمة إلهیة” تماماً کما وصف خمیني الحرب بأنها “نعمة إلهیة”. يريد خامنئي، الضغط علی الغرب لرفع العقوبات عن نظامه من خلال استراتيجية زجّ الجماهیر العریضة في مذبحة کورونا.
الیوم بات واضحاً لدی الجمیع أنّ خامنئي یمتلك الأموال والأصوال الکافیة لمواصلة الحجر الصحي لبضعة أشهر أخری وتوفير سبل المعيشة للناس في الحجر الصحي. لكنه لا یعتبر هذا الأمر مهما ولا یقیم وزناً لأرواح الشعب، لأن هاجسه الوحید هو الخوف من الانتفاضة والإطاحة بالنظام لیس إلّا.
هو يدرك جيداً أنّ العقوبات لن ترفع عن نظامه حتی يتخلى هو عن مشروع صنع قنبلة ذرية والتدخّل في شؤون دول المنطقة. یعلم أن العقوبات الدولیة ستستمر وسينهار اقتصاد بلاده.
ومن المؤكد أنه في ظل الأزمة الاقتصادیة الخانقة وتدهور الوضع المعیشي لملايين الفقراء في البلاد، ستتأجج نيران الانتفاضة من جدید، وسیثور جيش الجياع وسینتزع “فرصة” بقاء النظام من قبضته.
لهذا ينبغي القول إنّ خامنئي يعلم جیداً بأنّ القنبلة الاجتماعية الموقوتة ستعمل في اللحظة الموعودة. بناءً علی ذلك یضاعف ولي فقیه النظام مجهوده من أجل الحفاظ علی قواته القمعیة ودعمها في سبیل قمع الشعب، وتکثیف العمل علی المشروع النووي وصناعة الصواريخ.
هو في الحقیقة یسعی جاهداً إلی تحویل کورونا إلی “فرصة” تضمن بقاء النظام وتمنع سقوطه من خلال زجّ الشعب في أتون كورونا، لكن الشعب الإيراني وقادة المقاومة يسعون إلی قلب المعادلة ودحر عدوین في آن واحد هما “كورونا” و”نظام ولایة الفقیه”، وتسجیل أكبر ثورة یشهدها تاريخ إيران تطیح بذلك النظام الکهنوتي.
وها هو صوت عدّاد القنبلة الاجتماعية الموقوتة یعلو أکثر من أي وقت مضى.