لعب فيه أکثر من تنسيق
سعاد عزيز
لعب فيه أکثر من تنسيق
قبل فترة، وعندما وافق الرئيس الايراني حسن روحاني على قرار المجلس الأعلى للأمن القومي، برفع
الإقامة الجبرية عن زعماء مايسمى بالحركة الخاضعين للإقامة الجبرية منذ 8 سنوات، وتم تسليط
الاضواء عليها بصورة ملفتة للنظر مع بقاء موقف المرشد الأعلى للنظام الإيراني علي خامنئي، من
ذلك الامر يشوبه الغموض مع الإيحاء بأن إحتمالات رفع الاقامة الجبرية عنهم واردة، فإن الذي کان
يجب أخذه بنظر الملاحظة والاعتبار هو إن هذه القضية المنسية نوعا ما قد تم دفعها للأضواء في
غمرة تصاعد المواجهة الامريکية ـ الايرانية بما قد رأت أوساطا سياسية من إنه قد يکون بمثابة ورقة
تستخدمها طهران من أجل العبور من هذه المرحلة الصعبة جدا الى الضفة الاخرى.
توحيد صفوف أجنحة النظام وحتى بروز روحاني الذي کان يعرف بقطب الاعتدال والاصلاح ليس کأحد
صقور النظام وانما أکثرهم تشددا، عندما دعا الى غلق مضيق هرمز وعدم السماح لبلدان الخليج
بتصدير النفط من المضيق، إنما کان بمثابة الاعلان عن مرحلة تتسم بالعديد من المواصفات التي
تجعلها مختلفة تماما عن المراحل السابقة، إذ إن نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية وفي خضم
مواجهاته على مختلف الاصعدة ووضوح کونه يعاني من ضعف، لم يجد بدا من أن يرص صفوفه في
مواجهة الاخطار والتهديدات التي تحدق به وقد شرع بالتفکير في کل مامن شأنه أن يخدم النظام
ويحفظه من الاخطار والتهديدات المحدقة به من کل جانب، وإن قضية الافراج عن زعماء الحركة
الخضراء الإيرانية المعارضة، هو شئ من هذا القبيل.
رفض المرشد الاعلى للنظام، قرار المجلس الأعلى للأمن القومي، برفع الإقامة الجبرية عن زعماء
الحركة الخاضعين للإقامة الجبرية منذ 8 سنوات، قد جاء بعد فترة زمنية مناسبة جدا من”عرض”هذه
القضية من أجل إستغلاله للعب مع الغرب عموما والولايات المتحدة خصوصا، وهو أيضا يأتي بمثابة
إمتداد للعبة نفسها على أمل حدوث ثمة تأثير في الموقف الامريکي بشکل خاص، إذ يبدو إن طهران
لازالت مقتنعة بأن لعبة الاجنحة والاختلافات فيما بينها من الممکن أن تأتي بثمار، لکن المشکلة إن
خصمهم هذه المرة ليس أوباما الذي کان مستعجلا في أمره من أجل إجراء صفقة الاتفاق النووي، وانما
هو ترامب الذي يفکر بعقلية تاجر إحتکاري ولايهمه شئ غير مقدار الربح الذي يحققه في الصفقة.
اللعب الجاري في طهران، لعب فيه أکثر من التنسيق بين الاجنحة المتضادة بعد أن وجدت بأن النظام
يواجه أخطارا مصيرية ليس من الخارج فقط وانما من الداخل أيضا والذي يشکل الخطر والتهديد الاکبر
عليه، خصوصا بعد أن صار شعار إسقاط النظام هو الرائج في خضم الاحتجاجات الشعبية السائدة ضد
الحکم القائم، والاخطر من ذلك بالنسبة للأوساط السياسية الحاکمة، إن خصمهم اللدود منظمة
مجاهدي خلق هي من باتت تقف خلف الاحداث والتطورات الداخلية بإعتراف النظام نفسه.