أم الفضائح لنظام الملالي
نزار جاف
أم الفضائح لنظام الملالي- عندما تأسس نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية، فإنه کان من المنتظر أن يٶسس هذا النظام لمرحلة وعهد جديد على أنقاض النظام الديکتاتوري السابق للشاه، وکان المنتظر قيام حالة جديدة بحيث تصبح قدوة وأسوة حسنة کنظام سياسي ـ فکري ـ إجتماعي لبلدان العالمين العربي والاسلامي بشکل خاص ولبلدان العالم الثالث بشکل عام. ومع إن أحداث وتطورات دموية مأساوية ومحاکمات صورية جرت أعادت للأذهان ماقد جرى من أحداث وتطورات سلبية رافقت بدايات الثورتين الفرنسية والروسية، وکان التصور السائد بأن تلك الامور السلبية مرحلة الفوران والانفعال العاطفي الذي يرافق إنتصار الثورات عادة، وهي تخفت وتنتهي في النتيجة ليهيمن الخط والمسار الاساسي للثورة على الاحداث والتطورات، ولکن لم يحدث شئ من ذلك وإنما تبين بوضوح وبعد 4 عقود من تأسيس هذا النظام إن تلك البداية الدموية المأساوية التي رافقت الثورة الايرانية صارت هي بمثابة الخط العام لهذا النظام.
الحقيقة المهمة جدا والتي لامناص من ذکرها والاشارة إليها، هي إن التيار الديني المتطرف في الثورة کان هو الذي يقف بصورة أو أخرى وراء تلك الاحداث والتطورات سواء کفعل أو کرد فعل وإن المحاکمات الصورية والکارثية التي کان يجريها آية الله خلخالي، والتي کانت محاکمات قرووسطائية قلبا وقالبا الى جانب حملات الاغتيالات والتصفيات التي جرت على عجالة وصولا الى ماجرى بحق النساء وأحداث مدينة سنندج الدموية والتصريحات والمواقف المتطرفة ضد الأنظمة العربية والاسلامية، کلها قد شکلت المحتوى والمضمون الحقيقي لنظام الجمهورية الاسلامية الايرانية کما يراه ويعرفه العالم اليوم، ومع إن هذا النظام حرص کثيرا على إخفاء هذا المضمون والتغطية عليه، لکنه فشل فشلا ذريعا في ذلك وکان ذلك أمر لابد منه ولسبب بسيط وواضح وهو إن هذا النظام يسعى ويريد التعامل في هذا العصر بفکر ومنطق واسلوب العصور الوسطى.
ومن هنا فقد کان منتظرا ومتوقعا حدوث ماقد حدث وأن يبدر مابدر عن هذا النظام من ممارسات وأمور وقضايا سواء بحق الشعب الايراني نفسه أم تجاه شعوب المنطقة والعالم، وأن يبدو واضحا بأن أي تطور يمکن وصفه بإيجابي لم يحدث بعد تأسيس نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية بل کان وبإختصار شديد الانتقال من السئ الى الاسوأ، فقد کان نظام الشاه سيئا ولکن هذا النظام هو الاسوأ ذلك إن التغيير الذي تحقق بعد تأسيس هذا النظام کان بمثابة عملية إنتقال من نظام ملکي ديکتاتوري الى نظام ديني إستبدادي، ومن هنا فإنه لم تکن هناك أية بداية جديدة بالمعنى الحرفي للکلمة في قيام هذا النظام وإنما کان إمتدادا لما کان سائد ولکن بصورة أکثر سوءا وإن هذا النظام قد جسد تماما ماکان يعنيه الکاتب الامريکي فرنسيس سکوت فيتزجيرالد، عندما قال:” القوة لا تعني القدرة على مقاومة الاشياء بل تعني ايضا القدرة على البدء من جديد.” فلا جديد في هذا النظام أبدا إذ کان هناك جديدا أتت به کل الثورة الفرنسية وکذلك الروسية أما الذي نجم وتداعى عن الثورة الايرانية على يد هذا النظام فإنه لم يکن کذلك أبدا، وإن نظرة على کافة الأوضاع المختلفة للشعب الايراني في ظل هذا النظام وبعد 4 عقود من حکمه تٶکد وتجسد ذلك بوضوح وخصوصا من قضيتين مهمتين ظلتا تشکلان معا أکبر عقبتان کأدائتان بوجهه، أولهما؛ الحرية والديمقراطية التي حاول النظام الملکي الالتفاف عليها وإفراغها من من مضمونها الحقيقي بطرق واساليب تحافظ وتضمن أصله الديکتاتوري، إذ أن نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية وکما قد صار واضحا فإنه يسعى بنفس الاتجاه ولکن مع ملاحظة إن الذين يطالبون بالحرية والديمقراطية الحقيقية وليس المحدودة والمکبلة بالسلطات المطلقة للولي الفقيه، يعتبرون محاربين ضد الله! والقضية الثانية تجلت في الموقف من منظمة مجاهدي خلق التي يبدو واضحا بأن العداء القطعي الذي کان قائما بينها وبين النظام الملکي، قد ورثه نظام ولاية الفقيه مع ملاحظة إن الاخير قد طور کثيرا من أساليب المواجهة والصراع ضد المنظمة وجعلها أکثر دموية وحتى منافية للقوانين، حيث إذا ماکان نظام الشاه قد قام بإعدام قادة المنظمة في 25 أيار1972، من جراء محاکمة صورية معروفة سلفا نتائجها، فإن نظام الخميني قام بإعدام 30 ألفا من السجناء السياسيين من أعضاء وأنصار المنظمة بمحاکمات غير قانونية أصلا ولم تکن تستغرق سوى بضعة دقائق! وإن نظام الشاه الذي کان يقوم بإستخدام الکثير من المظاهر البراقة لأجل التغطية على جرائمه وممارساته القمعية غير إن نظام ولاية الفقيه إستخف حتى بتلك المظاهر بل وحتى إنه يتفاخر بإرتکابه الجرائم والمجازر ويدافع عنها ويبررها کما هو الحال بالنسبة لمجزرة عام 1988، للکثير من الجرائم والانتهاکات الاخرى وحتى تدخلاته السافرة في بلدان المنطقة وعلى رأسها العراق.
وکما شکلت القضيتان أعلاه کعب أخيل بالنسبة لنظام الشاه وتسببتا في سقوطه في النهاية، فإنهما تشکلان الان نفس الشئ بالنسبة لهذا النظام الذي وبعد 4 عقود من الصراع والمواجهة ضد المنظمة ومزاعمه المتکررة التي کان يطلقها بين الفترة والاخرى من إنه قد قضى عليها أو لم يعد لها من دور وتأثير، فإنه قد وصل الى مرحلة لم يعد يتوانى من إستخدام أي شئ من أجل القضاء على المنظمة والحد من نشاطاتها حتى لو کان في ذلك مجازفة بسمعة النظام وإعتباره الدولي کما جرى في العملية الارهابية التي خطط لها سکرتيره الثالث في السفارة الايرانية بالنمسا أسد الله أسدي وللحديث صلة.