العيداني وراء القتل وراعٍ لكل الميليشيات.. لماذا تقوم عصابات إيران بقتل المتظاهرين؟ إجابات صريحة – نشطاء بالبصرة: 4 ميليشيات إيرانية تقتل المتظاهرين وتعرفها قوات الأمن
لا تزال المذبحة المشهرة في وجه قوى وثوار البصرة ونشطاءها تثير أسئلة مدوية عبر العالم؟ لماذا تقوم عصابات البصرة التابعة لإيران بهذه العمليات القذرة وبكل هذه القسوة والنظامية وقوائم الاغتيالات؟
من وراءها بالضبط ومن يرعى هذه القوى الشريرة؟
“اندبندنت عربية” حققت عبر مصادر ميدانية داخل البصرة فيما يحدث بالضبط. والواضج أن مسلسل الاغتيالات في محافظة البصرة جنوب العراق لن يهدأ، مع توقّعات ناشطين في المحافظة بأنه استمرار لمنهج الجماعات الموالية لإيران باستهداف كل الحركات المناهضة لنفوذ طهران في المحافظة وبقية المدن العراقية.
لكن أوجهاً عدّة قد تفسّر هذا التنامي في موجة الاغتيالات التي تطال ناشطي المحافظة، حيث يشير مراقبون إلى ثلاثة احتمالات قد تكون الأسباب الأبرز لتنامي موجة الاغتيالات تلك، تتمثّل في:- محاولات تصفية الشخصيات المدنية البارزة التي لا تدخل ضمن حراك الميليشيات الموالية لإيران، حتى لو لم تكن فاعلة في الحركة الاحتجاجية، لمخاوف الجبهات الولائية من احتمالية استثمارها كمشاريع منافسة انتخابية.
في حين يرى أخرون أنها تمثل “انتقاماً فصائلياً” على خطوات رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي في ضبط المنافذ الحدودية وضرب مصالح الميليشيات الاقتصادية في البصرة على وجه الخصوص.
أما الاحتمال الثالث، فيتعلق بكون تلك الاغتيالات تمثّل حالة استباق لاحتمالية عودة الحراك الاحتجاجي مع اقتراب الذكرى السنوية الأولى لانتفاضة أكتوبر (تشرين الأول) في العراق.
وكانت الفصائل الموالية لإيران، ترتكز في قوتها على وجود رئيس وزراء موالٍ لها كما حصل في فترة حكم رئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي، أو رئيس مكبّل كما حصل في فترة حكم رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي، لضمان مصالحها السياسية والاقتصادية في جميع المحافظات، لكن وصول الكاظمي إلى السلطة مثّل انعطافة تواجهها للمرة الأولى، وهو الأمر الذي يدفعها إلى البحث عن خطوات تتصدّى بها لتوجّهات الكاظمي، من بينها محاولة إخراج المحافظة الأكثر ثراء عن سلطة الحكومة، للاستفادة من ثرواتها في تمويل نشاطاتها العسكرية والمدنية ومؤسساتها الإعلامية والسياسية وغيرها من الأنشطة الأخرى.
ولعلّ واحداً من أهم الاحتمالات التي قد تهدّد وجود تلك الجماعات هو إمكانية استعادة حكومة بغداد قوتها مع وجود سلطة تنفيذية غير موالية لإيران ومستعدّة للصدام معها، خصوصاً بعدما كانت أولى خطوات الكاظمي في هذا الاتجاه ما عُرف حينها بـ”عملية الدورة” وعلى الرغم من انتهائها من دون نتيجة، لكن توجّهاته تجلّت أكثر من خلال عملياته على المنافذ الحدودية التي ضربت اقتصاديات الفصائل بشكل كبير، وفق “اندبندنت عربية”.
وقال أستاذ العلوم السياسية قحطان الخفاجي، إن “أكثر ما يؤرق زعماء الفصائل القريبة من إيران هو احتمالية تثبيت الحكومة المركزية سلطتها على المنافذ الاقتصادية التي تتسلّط عليها تلك الفصائل، مبيّناً أن ما يجري هو مواجهة صريحة ومباشرة من القوى الموالية لإيران في منع أي محاولات لتغيير تلك المعادلة في العراق”. وأضاف تجسّد تلك الفصائل كيانات اقتصادية على الرغم من محاولاتها الترويج لكونها تمثل شكلاً عقائدياً، ويعتمد حراكها في العراق على إمكانية إمداد نفوذها وسيطرتها على أكبر قدر ممكن من مؤسسات الدولة”، لافتاً إلى أن “جمع أكبر عدد من الأنصار لها يعتمد على القدرات المالية لكل فصيل منها”.
ويتابع، “إذا كان الكاظمي واعياً للمخطّطات الإيرانية بعزل نفوذ السلطة المركزي عن البصرة، عليه العمل على تقويض مشروع تلك الجماعات الرامي لابتلاع المدينة بشكل كامل وجعلها منصّة النفوذ الإيراني الأوضح في البلاد”.
ولا يستبعد أن تحمل هذه العمليات رسالة تخويف لكل ثوار أكتوبر لتقويض أي احتمالية للبدء بمشروع انتخابي مناهض للنفوذ الإيراني بشكل واضح، فضلاً عن محاولة لدرء أي احتمالية نشوء موجة جديدة من الاحتجاجات.
بالتزامن مع حملة الكاظمي الساعية لتجفيف المنابع الاقتصادية للفصائل، اتّجهت أنظار الفصائل إلى المحافظة، في محاولة على ما يبدو لجعلها مركز السلطة والنفوذ المالي والاقتصادي لها، وتحصينها ضد أي محاولة لبغداد أو الناشطين بالتأثير أو نزع الواردات الاقتصادية لتلك الفصائل، وهو الأمر الذي أدّى إلى أن تكون حملات الاغتيالات بمستوى من الجرأة لا يشي بوجود أطراف خفية أو غامضة، فالسيارة التي أطلقت النار على الناشطين الثلاثة عباس صبحي وفهد الزبيدي ولوديا ريمون، في 18 أغسطس الحالي، كانت سيارة لا يستقلّها ملثّمون أو مضلّلة، وفي وضح النهار.
أما عملية اغتيال الناشطة رهام يعقوب، فقد جرت حين كانت متّجهة إلى الشارع التجاري من جهة منطقة الجمهورية الشهيرة في قلب مدينة البصرة، قبل أن يباغتها المسلحون بالرصاصات الثلاث التي أفقدتها وعيها، بحسب وسائل إعلام محلية، فيما تشير تقارير صحافية إلى أن مفرزة للشرطة كانت تبعد حوالى 50 متراً عن مكان الحادثة، فضلاً عن تمركز دوريات للمرور والنجدة بالقرب منه. ويعلّل مراقبون عدم تدخل القوات الأمنية في تلك الحوادث نظراً إلى الجهات النافذة التي تقف خلفها.
متغيرات عدّة أسهمت في تصعيد عمليات الفصائل المسلحة في البصرة، حيث يرى مراقبون أنها “رسائل تخويف وإثبات وجود” تحاول تلك الجماعات إيصالها لأكثر من جهة، على رأسها رئيس الوزراء وناشطو الحراك الاحتجاجي.
ويشير الباحث والأكاديمي باسل حسين إلى ثلاثة متغيرّات أدّت إلى تصعيد عمليات الاغتيال التي تقودها الجماعات الولائية، تتلخّص في “زيارة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي إلى الولايات المتحدة ومحاولة الضغط عليه وإيصال رسالة بأنهم لا يزالون فاعلين وقادرين على إحداث توتّرات كبرى في البلاد.
في السياق، وجّه بيان لـ”ناشطي محافظة البصرة” أصابع الاتهام إلى الميليشيات الموالية لإيران، باغتيال ناشطي المحافظة، وطالبوا رئيس الوزراء بإقالة محافظ البصرة أسعد العيداني متّهمينه بـ”التورط بهدر دماء الناشطين”. ويشير ناشطون إلى حالة “تخادم” بين العيداني والميليشيات الموالية لإيران لتثبيت نفوذ تلك الجهات على المحافظة، الأمر الذي يمكّنهم من “عزل” تأثير حكومة بغداد فيها وجعلها ساحة مباحة لترسيخ نفوذهم الاقتصادي والسياسي.
وتحدث أحد زملاء تحسين الشحماني الذي اغتيل قبل أيام في محافظة البصرة، عن أن “جهات مدرّبة ومحترفة هي التي تنفّذ عمليات الاغتيال بحق زملائنا من الناشطين”، مرجّحاً أن تكون تلك الاغتيالات “حملة استباقية” لوأد أي احتمالية لعودة حركة أكتوبر، مع اقتراب الذكرى السنوية لها وتصاعد المطالبات في البصرة بإقالة المحافظ.
وقال الناشط البصري الذي رفض الكشف عن هويته نظراً إلى تصاعد موجة الاغتيالات، “أصابع الاتهام لا تخرج عن أربع فصائل بارزة تسيطر على البصرة وتعرب بشكل مستمر عن دعم مفتوح للعيداني”، مردفاً “ثمة تخادم مصلحي بدأ يرقى إلى علاقة مصيرية تلك الجهات الميليشياوية وبين المحافظ نفسه”، مشيراً إلى أن “المصلحة المشتركة بين المحافظ والميليشيات تتمثّل بتحييد سلطة أي رئيس وزراء خارج النفوذ الإيراني على المحافظة”، مبيّناً أن “بروز نجم العيداني في أوساط الجهات الموالية لإيران جعله ورقة يُعتمد عليها إيرانياً بشكل خاص”.
ولفت إلى أن العيداني نجح في تحييد (تظاهرات أكتوبر) في البصرة مقارنةً ببقية المحافظات وبقية الاحتجاجات السابقة، وقام بتشديد انتشار القوات الأمنية التي كانت تعتقل كل تجمع من ثلاثة أشخاص فما فوق بأمر مباشر من المحافظ”.
العيداني متهم رئيسي وهو الوحيد الذي لم يستنكر ما تقوم به عصابات إيران الارهابية في المحافظة التي يحكمها.