مجاهدي خلق صفحة جديدة في تأريخ إيران. يجد کل باحث ومراقب ومحلل سياسي مختص بالشأن الايراني في منظمة مجاهدي خلق تنظيما سياسيا ـ فکريا ـ إجتماعيا مختلفا کل الاختلاف عن الاحزاب والتنظيمات السياسية الايرانية في العصر الحديث، خصوصا وإن ماقد تميزت به هذه المنظمة من خصال ومزايا مختلفة تجعل منها حالة غير مسبوقة وتنظيم سياسي لايمکن أن يتکرر أو يوجد مايمکن أن يزيحه عن مکانته وموقعه المتميز في عقول ونفوس الشعب الايراني وفي نفس الوقت فإنها حظت بأعلى درجة من الکراهية والحقد من جانب النظام الملکي ومن بعده نظام ولاية الفقيه.
أهم وأکثر ميزة تلفت الانظار وتمنح القوة والاستمرارية لهذه المنظمة، إنها لم تتأسس نتيجة إنفعالات ومستجدات سياسية آنية بل إنها تأسست على يد مجموعة من المثقفين الشباب الذين بحثوا ودرسوا في الواقع السياسي ـ الفکري ـ الاجتماعي ـ الاقتصادي بعمق ورکزوا على مواقع ونقاط الضعف والخلل والتي تعرقل التطور السياسي ـ الاجتماعي ـ الفکري ـ الاقتصادي من مختلف الجوانب ولم يکتفوا بدراسة وتحديد نقاط ومواقع الضعف والخلل فقط وإنما وضعوا الحلول المناسبة أزاءها وکيفية التصدي لها ومعالجتها بما يسمح بإستمرار التطور في مختلف المجالات قدما للأمام، وإن أهم وأکبر معوق حددته هذه المجموعة المثقفة المناضلة والمجاهدة قلبا وقالبا من أجل الشعب الايراني، هو الديکتاتورية الذي يمکن وصفها ببٶرة مرضية معدية وتٶثر سلبا على معظم جوانب الحياة للشعب الايراني، ومن هنا فإن منظمة مجاهدي خلق آمنت بأن الانسان المقموع والمکبوت والمصادر حريته لايمکن أبدا أن يکون فردا فعالا وبإمکانه الابداع وتحقيق کل مافيه الخير والصلاح لدفع المجتمع للأمام، فالحرية من وجهة نظر مجاهدي خلق هي شرط أساسي وقهري لايمکن أبدا التنازل عنه أو المساومة عليه فهو شريان الابداع والتطور والتقدم لأي شعب في العالم کله، ومن هنا کان ولازال ذلك الصراع والمواجهة الاستثنائية مستمرة ومتواصلة بين المنظمة وبين نظام الملالي القرووسطائي الديکتاتورية الذي خلف ديکتاتورية الشاه، والذي يلفت النظر کثيرا هو إن المنظمة ليست تقارع هذا النظام بنفس الروحية والاندفاع غير العادي الذي کانت تقارع فيه نظام الشاه بل وأقوى بکثير من ذلك وهذا مايجعل المنظمة تغدو حالة متميزة لايمکن أن تتکرر فهي لاتعرف الکلل أو الملل ولايوجد في قاموسها السياسي ـ الفکري کلمة إسمها التراخي أو السکون بل همة وإندفاع أقوى وأمضى للأمام وتجديد مستمر في الاساليب النضالية.
إحتفال مجاهدي خلق بذکرى إنطلاقتها السادسة والخمسين في أشرف 3، والتواصل والارتباط مع ممثلي أكثر من 300 جمعیة إيرانية من مختلف أنحاء العالم، يوم السبت المصادف 5 سبتمبر من الذين أعلنوا عن دعمهم لانتفاضات الشعب الإيراني لإسقاط نظام الملالي ودعمهم للمعارضة الرئيسية، منظمة مجاهدي خلق الإيرانية(MEK) ومعاقل الانتفاضة في مؤتمر دولي عبر الإنترنت، ضم ثلاثة أجيال من الايرانيين المقارعين للديکتاتورية والقمع، هذا الاحتفال بحد ذاته أثبت حقيقة أن المنظمة تمثل حالة نابعة من أعماق الواقع الايرانية وإنها تحمل کل شروط ومواصفات تغيير هذا الواقع بما يصبح في خدمة الشعب والذي يضاعف الثقة بالمنظمة ويمنحها الکثير من المصداقية هو إنها وطوال العقود الاربعة المنصرمة من نضالها المستمر ضد الفاشية الدينية تمکنت من تسديد ضربات موجعة له في داخل وخارج إيران وجعلت النظام يواجه أوضاعا سلبية غير مسبوقة ووصوله الى حافة سقوط حتمي لامناص منه، بل وإن العالم کله قد صار يعرف بأن کل تحرك رافض لنظام الملالي وبشکل خاص الانتفاضات التي واجهته إنما کلها قد تلقت دروس النضال والجهاد والمقارعة من المدرسة النضالية لمنظمة مجاهدي خلق، وحتى إن النظام القرووسطائي وعلى الرغم من عدائه وکراهيته الشديدة للمنظمة فإنه لم يستطيع أن يتستر على ذلك ويتجاهله بل إعترف به رغم أنفه، وهذا مايٶکد بأن المستقبل هو لهذه المنظمة وإن إيران على موعد مع صفحة جديدة تکتب أسطرها بعرق جبين مجاهدي المنظمة کما کتبت أسطر العقود الاربعة الماضية بدماء شهدائها.