لماذا تعتبر محاكمة أسد الله أسدي مميتة بالنسبة لخامنئي؟ عشية محاكمة أسد الله أسدي في بلجيكا، فعل خامنئي المستحیل لمنع انعقاد المحاكمة، لكن كافة جهوده باءت بالفشل، حیث بدأت محاكمة أسدي وشركائه، أمس الجمعة 27 نوفمبر 2020 وسط ترقب العالم لتطور هام واستثنائي حسب ما يسميه الإعلام.
أوراق وأدوات خامنئي للهروب من الفخ
هذه هي المرة الأولى التي يمثل فيها دبلوماسي متهم بالإرهاب للنظام الإیراني أمام المحکمة إستناداً إلی أدلة ووثائق موثوقة لا تترك مجالاً للشك.
كما أنها المرة الأولى التي يقع فيها نظام الملالي بقیادة خامنئي في فخ لا مفر منه.
وهذه هي المرة الأولى التي لم يتمكن فيها خامنئي، منع محاكمة دبلوماسيه الإرهابي والتأثير على المحكمة رغم استخدامه لكل ما في جعبته من أدوات وأوراق. الأوراق التي استخدمها مرات عديدة من قبل وفي السنوات الماضية لإخراج عملائه من الفخ ونحر العدالة.
من الأدوات التي يستخدمها خامنئي لتحریر إرهابييه من الفخ وإنقاذهم، نذکر ما یلي:
– قطع وعود بالأموال والتجارة وسوق السلع
– ضغوط دبلوماسية في سیاق سیاسة الاسترضاء
– التهديدات الإرهابية
– استخدام ورقة احتجاز الرهائن
تهديد المحكمة
لقد اعتاد خامنئي على الهروب من مثل هذه الفخاخ بتكلفة زهيدة. لكن في غضون عامين ونصف منذ اعتقال أسد الله أسدي، استخدم كل هذه الأوراق، إلا أنه فشل هذه المرة ولم يحقق هدفه.
هدد النظام المحكمة بأنه إذا تمت محاكمة أسدي فإن الجماعات المسلحة حول العالم ستنتقم. وقد تسبب الإفشاء عن هذا الأمر في فضيحة كبرى للنظام قبل المحاكمة. قادة النظام كان بإمكانهم أن يخمنوا أن إرسال مثل هذه الرسالة التهديدية يمكن أن يتسبب لهم بفضيحة کبیرة، لكنهم قبلوا بذلك. لماذا؟
لأن منع محاکمة أسد الله أسدي أمر حيوي ومصیري بالنسبة لهم لدرجة أنه یذلل صعاب الخطر ویجعله مقبولاً.
احتجاز الرهائن
وكما قال محامي المدعين الخاصين للصحفيين عشية تشکیل المحاكمة، فإن قادة الحكومة الإيرانية في الأيام الأخيرة قد لجأوا إلی ورقة احتجاز الرهائن أیضاً، حیث نقلوا أحمد رضا جلالي، وهو مواطن سويدي وأستاذ في جامعة السويد، إلى الحبس الانفرادي عشية المحاكمة، وأُبلغوا عائلته عبر مكالمة هاتفية أجراها بنفسه، بأنه سيتم إعدامه قريباً. لكن هذه المحاولة کغیرها من المحاولات البائسة لم يكن لها أدنی تأثير على المحكمة.
الآن السؤال الأول هو لماذا فشلت كافة جهود الحكومة الإيرانية للهروب من العدالة على عكس المعتاد؟
أسباب فشل خامنئي
يجب البحث عن الإجابة في عدة عوامل:
أولاً، معركة المقاومة الإيرانية الدؤوبة بخطوات قوية وحازمة في جميع الجوانب.
ثانیاً، حضور مدعين خاصين من بين الشخصيات السياسية البارزة التي كانت هدفاً لأسد الله أسدي في التفجیر الذي أحبطته السلطات البلجیکیة. من هذا المنظور أیضاً، کانت هذه المحاكمة فريدة من نوعها.
ثالثاً، وجود أدلة ووثائق دامغة وصادمة.
السؤال الثاني ما ضرورة أن ترسل السلطات الإيرانية دبلوماسيا كبيرا لتنفيذ التفجير؟!
الجواب هو أن الانفجار الاجتماعي الذي حدث في نوفمبر 2019 في إیران كان واضح المعالم بالنسبة لخامنئي وقادة نظامه من قبل. لذا بناء علی مبدأ وجوب الحفاظ على النظام، رأی خامنئي أن السبيل الوحيد للنجاة یکمن في توجيه ضربة قاصمة لمجاهدي خلق والمقاومة الإيرانية بأي ثمن. لکن هو من دفع الثمن الباهظ.
لماذا نقول إن عواقب هذه المحاكمة وخيمة على خامنئي؟
السؤال الثالث هل تستطيع السلطات الإيرانية الإفلات من عواقب هذه المحاكمة؟ هل يمكنهم تلخيص نتائجها وعواقبها فقط في السياق السياسي والإدانات الشفوية؟ الجواب لا لعدة أسباب.
أولاً، لا تزال المعركة التي أفشلت كل أوراق النظام، مستمرة وساریة.
ثانياً، كانت نتيجة المعركة ذاتها في العقود الأربعة الماضية هي طي صفحة الاسترضاء والمداهنة وتغيير ميزان القوى بين الشعب والمقاومة الإيرانية مع طهران.
ثالثاً، رسالة المجتمع الإيراني إلى العالم بعد انتفاضة نوفمبر 2019 هي أن الشعب الإیراني یرفض المهادنة والمساومة إزاء إرهاب نظام الملالي. هذه المهادنة ستسجل في ذاكرة الشعب الإيراني وفي المستقبل سيحكم الشعب الإيراني على أساسها.