ما سبب الصراع الحالي بین عصابات السلطة في إيران؟– في الأسابيع والأيام الأخيرة، بلغ صراع عصابات مافيا النظام ذروته، ودخل مرحلة أکثر حدة وخطورة في ظل الأوضاع المضطربة والاستياء الشعبي وفقر وبطالة المواطنين والتفشي الکارثي لفیروس كورونا. ومن البدیهي أن تتغير طبيعة الصراعات وفقاً لطبيعة الأزمات المجتمعية.
لم تخمد أزمة الفيضانات في خوزستان بعد، حتی أرسل رئیس السلطة القضائیة، إبراهیم رئيسي، ممثلاً إلى المحافظة للتحقيق في مخالفات المسؤولین. وعاد رئيس المفتشية العامة الإیرانیة، الذي تولی هذه المهمة بأمر من رئیسي، بتقرير عن أوجه قصور المسؤولين الحكوميين.
صراع العصابات داخل النظام
خلال صلاة الجمعة، حوّل المعمم علم الهدی، ممثل خامنئي في مدینة مشهد، الوضع المتأزم للمجتمع و”الغلاء المتزاید لا بشکل یومي بل في کل ساعة” إلی سوط لجلد عصابة روحاني المغلوبة علی أمرها. وقال:
“في الفترة من أكتوبر 2019 إلى أکتوبر 2020، ارتفعت أسعار السيارات والسلع الأساسية التي یحتاجها الشعب بنسبة 314 في المائة. وتضاعف سعر الخبز والماء والسلع الأساسية التي توفر سبل العيش اليومية للناس أربع مرات في عام واحد”.
بهذه الطريقة، تحاول عصابة المحافظیین المهیمنة إظهار نفسها علی أنها في جبهة الشعب وبالتالي تحمیل عصابة روحاني الإصلاحیة مسؤولیة المشاکل وأوجه القصور.
لکن علی الجانب الآخر، شدد سالاري، عضو في عصابة روحاني، على أنه لا يوجد سبيل آخر للخروج من الوضع الراهن سوى التفاوض. وقال للعصابة المنافسة ساخراً:
“لا يجب أن نوسع عزلة النظام بأیدینا. بالنظر إلى الظروف الراهنة التي تتیح مزيد من التفاعل مع النظام، فإن المواجهة مع المجتمع الدولي هي نوع من إيذاء النفس السياسي على المسرح العالمي”!
مصير القذافي والعبرة منه!
لکن المعمم خاتمي المنتمي إلی عصابة خامنئي وبالطبع علم الهدی، سخر من هذه الحجة، وذكّر روحاني بمصير “القذافي التعیس، الذي أرسل كل أسلحته النووية إلى الولايات المتحدة”. وقال إنه عانى من ذلك المصير (السقوط) بعد تسليم صناعته النووية إلی الولایات المتحدة. ثم قال مخاطباً روحاني:
“لا تعولوا علی الآخرين، إنهم لن يفعلون شيئاً من أجلكم. سواء كانوا الأغبياء السابقين للولايات المتحدة أو الوافدين الجدد”.
في المقابل وصف مستشار لاريجاني اعتماد قانون “الإجراءات الاستراتيجية لرفع العقوبات” بأنه “تهور محض”. وأكد أن “هذا القانون خلق فرصة لأطراف الاتفاق النووي للصید في المياه العكرة (ضد النظام)” (حقیقت بور، 11 دیسمبر 2020).
المنحدر الحاد للصراع على السلطة
وبهذه الطريقة، طفا صراع السلطة علی السطح وأصبح أكثر حدة وبروزاً. في هذا الصدد، قال عضو سابق في مجلس الشوری:
“بعد فوز بايدن، أصبحت الخلافات داخل النظام أكثر وضوحاً. كل يوم نرى خلافات بين الحكومة ومجلس الشوری. مشاكل النظام كبيرة لدرجة أن إثارة التوتر هو خطأ لا يغتفر”.
وبهذا يتضح أن الصراع الداخلي ینهل من أربعة موارد تزیده ضراوة واحتداماً يوماً بعد يوم:
– عدم القدرة على الاستجابة لمطالب الناس والخوف من الانتفاضة
– الانتخابات الرئاسية للعام الإیراني الجدید
– الانتخابات الأمريكية وتنافس کل من عصابات النظام علی تسجیل امتیاز التفاوض باسمها.
– الاختناق الاقتصادي الناجم عن العقوبات وأزمة كورونا
اقراء المزید:
الخطوة الأولى في إدراج إرهابيي الحرس الثوري في المملكة المتحدة
بالنظر إلی هذه النقاط الأساسیة، یمکن القول إن الاختلافات والصراعات الداخلیة بین عصابات السلطة ستشتدّ في الأشهر المقبلة وسيبلغ منحدر الصراع ذروته.
في نفس السیاق: صراع جهانغيري وقاليباف حول شبح الميزانية!
نشب صراع بین النائب الأول لروحاني، إسحاق جهانغيري، ورئيس مجلس الشوری، محمد باقر قاليباف، حول ميزانية العام المقبل، والتي لیس من الواضح على الإطلاق کیف وبأي مستوی من الدخل والتکالیف والنفقات یمکن محاسبتها.
في هذا الصدد، شكك جهانغيري في صلاحیة وقدرة رئيس المجلس (قالیباف)، ووصفه بأنه شخص حالم وجاهل اقتصادیاً، في رده غير المباشر علیه بخصوص الميزانية ومواردها ونفقاتها. وقال بإن قالیباف يريد حل مشاكل المجتمع، خاصة المشاكل المعيشية للناس، بالشعارات فقط.
ستستمر العقوبات لمدة خمس سنوات أخرى
وقال محسن رضائي المعروف بنسج النظريات الخيالية، في إشارة إلى آمال عصابة روحاني في رفع أو تخفيف العقوبات: “سواء أصبح بايدن أو ترامب رئيساً، فإن العقوبات ضد النظام ستستمر لأربع إلى خمس سنوات أخرى”.
وقال مهاجماً مشروع موازنة حکومة روحاني للعام الإیراني المقبل (1400 هـ.ش) والذي أعدّ على أساس عودة المفاوضات ورفع العقوبات وإمكانية بيع 2.3 مليون برميل من النفط يومياً، إن “كل من ترامب وبايدن يسعيان إلى مواصلة فرض العقوبات الاقتصادية للضغط علی النظام. نحن نخاطر مخاطرة کبیرة عندما نعدل الميزانية بناء على ما یحدث في الخارج”!
وإلى جانب هذه المناوشات الإعلامية، قد وصل الأمر إلی حد اتخاذ أعضاء العصابات المتنافسة إجراءات قانونية ضد بعضهم البعض.
فقد رفع قالیباف دعوی قضائیة ضد رئیس بلدیة طهران بعد أن أزاح الأخیر الستار عن فضائح الأول. وعقب ذلك، أعلن عدد من أعضاء مجلس الشوری عن رفع دعاوى قضائية ضد جواد ظريف وعيسى كلانتري وعباس آخوندي.