هل هذه “انتخابات استراتيجية” أم “مأزق استراتيجي” لنظام الملالي؟-مع اقتراب موعد ذروة انتخابات رئاسة الجمهورية في نظامٍ قائم على أساس ولاية الفقيه والمراقبة بحثًا عن المصلحة ينكشف النقاب عن المأزق الاستراتيجي لنظام ولاية الفقيه بشكل غير مسبوق. وإذا كان هذا النظام قد نجا من الإطاحة مؤقتًا في بعض المراحل المصيرية، من قبيل حرب الخليج وانشغال المجتمع الدولي باحتلال العراق للكويت أو باللجوء إلى التظاهر بالعصرنة والتلاعب بورقة خاتمي والإصلاحات المزيفة، بيد أنه في الوقت الراهن عاجز تمامًا عن اللجوء إلى مثل هذه المناورات الخبيثة.
ورقة الإصلاحات الوهمية المحروقة
إن الورقة الإصلاحية الوهمية قد فقدت فعاليتها حتى على مستوى الأحزاب التي تضم بعض الأعضاء للتحايل وتغيير وجه الانتخابات الحكومية. أحزابٌ تكتفي بتحقيق مصالحها بالإطراء بتملق على الزمرة المنافسة.
“وهي عدة مجموعات وأحزاب مصغرة مكونة من 2 إلى 3 أفراد وحزب أو اثنين مكونان من عدة مئات من الأفراد في طهران لا تمتلك في أفضل الحالات القدرة كمجوعة على حشد 50,000 شخص ولا تَنشط إلا في موسم الانتخابات بمساعدة بعض المشاهير للحصول على حصة في السلطة إلى جانب 15 شخصًا تعينهم لجنة مكونة من 9 أفراد يتم تعيينها هي الأخرى وينتمون جميعًا إلى عشيرة سياسية، ولجنة من المتحالفين في طهران، تم تشكيلها تحت اسم “هيئة الإصلاحيين لبناء التوافق الانتخابي” مهمتها اللجوء إلى حيلة ترويع المواطنين مما هو أسوأ وتشجيعهم على المشاركة في الانتخابات والتصويت على أسوأ الحالات لمن يرغبون.
اقرأواالمزید
بايدن أو خامنئي؛ من هو الخاسر أم الفائز باللعبة ؟!
وبهذه الطريقة، على حد قول واعظي، مدير مكتب حسن روحاني، يتسولون بعض المناصب في الحكومة من قبيل منصب المحافظ والمدير العام لأنفسهم ولعشيرتهم أيضًا، ويواصلون الاتجاه الذي أوصل البلاد وأبناء الوطن إلى هذا الوضع الراهن ويُضفون عليه الشرعية”. (صحيفة “مستقل” الحكومية، 16 فبراير 2021).
المأزق الاستراتيجي
إن استعراض وضع الإصلاحيين المزيفين لا يعني أن قاعدة خامنئي الانتخابية بين الأصوليين قوية. فخامنئي ليس لديه قدرة كبيرة على الاختيار بين زمرته أيضًا. فقد جرَّب ذات مرة رئيس جمهورية أصولي مثل أحمدي نجاد. إن إقبال خامنئي على تشكيل خيار وهمي يسمى بـ “الحكومة الإسلامية الفتية” لإكمال لغز انكماش النظام الفاشي ليس خيارًا مفتوحًا، فهذه آخر أوراقه المتكررة. وإذا ما تحقق هذا الأمر، فإن قاعدة النظام سوف تحط من قدره إلى حد بعيد، وستدفع مجموعة كبيرة من المحبطين في السلطة إلى الانضمام إلى مجموعة المستائين.
عجز الحكومة عن التحضير للمسرحية الانتخابية
والحقيقة المؤكدة هي أن مسرحية انتخابات مجلس شورى الملالي في مارس 2020 أثبتت أن الحكومة لم تعد قادرة حتى بفبركة الأصوات على ادعاء التصويت ومشاركة المواطنين على نطاق واسع في مثل هذا النوع من المسرحيات.
وكتبت صحيفة “اعتماد” في 16 فبراير 2021: ” على الرغم من أن اليمين واليسار السياسي مختلفان مع بعضهما البعض في كل شيء، بيد أنهما متفقان في أن أبناء الوطن فاض بهم الكيل من الوضع المتردي القائم وأصيبوا بخيبة الأمل”.
ولا شك في أن صفتي “التعب والإحباط” ليست من شأنهما أن تصفا الوضع القائم بشكل كامل. فما يجري في المجتمع هو استياء متفجر من الأوضاع الحالية. أوضاعٌ كل منها يتصاعد للإشتعال والانفجار. كما أوضحت الصحيفة المذكورة ذلك دون قصد باستخدام بعض العبارات من قبيل “التوبيخ بقسوة وغضب أبناء الوطن”.
والجدير بالذكر أن خامنئي في مثل هذا الوضع سيزداد ضعفًا بشكل غير مسبوق من خلال إجراء انتخابات صورية للغاية بتوصية منه بمشاركة أقل من الحد الأدنى من زمرته، وسيضطر إلى اللجوء إلى مزيد من الانكماش للحفاظ على التوازن.
هل يتمتع خامنئي بالقدرة على الاختيار الاستراتيجي؟
يصف تاج زاده، أحد الإصلاحيين المزيفين، هذا الوضع تلميحًا بأنه مأزق استراتيجي. مأزقٌ سيجعل الاستبداد الديني يواجه انتفاضة أخرى على غرار انتفاضة نوفمبر 2019. وللهروب من هذا المأزق يسعى خامنئي إلى اتخاذ خيار استراتيجي. وهذا الخيار الاستراتيجي من وجهة نظره هو التفاوض مع أمريكا حول الاتفاق النووي.
“ويعتقد تاج زاده أنه ينبغي اتخاذ خيار استراتيجي في أسرع وقت ممكن قبل أن تتكرر بين الفينة والفينة بعض الأحداث على غرار ما حدث في انتفاضة نوفمبر 2019 بسبب ارتفاع أسعار البنزين”. (المرجع نفسه).
ويتطلب الخيار الاستراتيجي للخروج من أزمة الإطاحة، أن يُقامر خامنئي بالاتفاق النووي.
فهل يستطيع خامنئي تحت وطأة غرق نظامه الفاشي في الأزمات من ناحية، والغضب والكراهية المتفجرة في المجتمع، من ناحية أخرى، أن يتخذ مثل هذا الخيار؟