مغتصبو السيادة من الشعب مرعوبون من المستقبل – في حين أن الصراع والجدال قد بدأ بين الزمر المهيمنة في نظام ولاية الفقيه على مقعد رئاسة الجمهورية؛ في نهاية الربع الأول من عام 2021، وما زالت التحزبات تحتدم، نجد أن الوجه الآخر لعملة هذه المنافسة المافيوزية يتمثل في وضع نظام الملالي الاقتصادي الحرج للغاية ومستقبله الضبابي. وضعٌ يُظهر من وجهة نظر المؤشرات الاقتصادية حالة الجمود واستنزاف آخر الاحتياطيات وإفراغ صناديق اليوم الأسود من الأموال.
وفي غضون ذلك، ترد أنباء عن حدوث ركود في مسرحية الانتخابات الرئاسية. ولم تترك الأزمة الاقتصادية وتفشي وباء كورونا، فضلًا عن الرعب من الغضب والكراهية الاجتماعية، أي حافز حتى للمفرطين في مجاملة نظام الملالي على المشاركة في الانتخابات، ناهيك عن الذين يرفضون الخضوع لأي زمرة أو فصيل سواء من الأصوليين أو الإصلاحيين المزيفين؛ بسبب الفقر المدقع والبؤس الناجم عن سرقة خامنئي وحراسه لمواردهم المحدودة. ولا يفوتنا أن نقول إن العزلة الدولية لنظام الملالي والعقوبات العالمية تشير أيضًا إلى أنه قد تم تهميش سياسة الاسترضاء والانتهازيين الداعين لها.
وفي ظل هذه الظروف لا يتردد أنصار الوضع القائم في التعبير عن خوفهم من حصد ما زرعوه. فعلى سبيل المثال، يقول قنبري، من الزمرة المغلوبة على أمرها والعضو السابق في مجلس شورى الملالي: ” إننا نواجه مشاكل هيكلية خطيرة وضعت البلاد في موقف محفوف بالمخاطر. ويتطلب حل هذه المشكلة الاستثمار، والاستثمار يتطلب تحسين السياسة الخارجية وتطبيع الوضع في البلاد”. (موقع “بهار” الحكومي، 28 فبراير 2021).
ومن المطالب والمناشدات التي تطلقها التيارات العامة التي تنادي بإقامة علاقات مع أمريكا، هذه الأيام، هي أنهم يطالبون زعماء نظام الملالي بتخفيف حدة التوتر وأن يتفاعلوا مع بايدن ولا يضيعوا الفرصة. ويحذرون من أن إمكانية زيادة رأس المال وحل المشاكل يبدو أمرًا مستبعدًا، ما لم نعود إلى المجتمع الدولي ونقيم علاقات طيبة مع العالم ونتفاعل معه منطقيًا. وهذا التحدي قائم أيضًا في المشاكل الأخرى التي يواجهها رئيس الحكومة الـ 13.
لكن الحقائق الاقتصادية مرعبة للغاية لدرجة أنها تسرق النوم من عيون أصحاب السعادة. فالاقتصاد تحت وطأة حكم الملالي منهار ويزداد انهيارًا. فالكمية الضئيلة من النفط التي يبيعونها من خلال التحايل على العقوبات لا أمل في أن تؤتي أكلها نتيجة لفقدان العملاء الثابتين وانعدام استقرار الاقتصاد العالمي. ووصلت قيمة العملة الوطنية، التي تزداد تراجعًا يومًا بعد يوم، إلى وضع يرثى له. والأمر الأكثر إثارة للخوف هو تدني رواتب العمال والكادحين الذين يعانون من الفجوة الكبيرة بشكل خرافي بين رواتبهم والتضخم وارتفاع الأسعار وما يحتاجونه من خدمات، والحقيقة هي أنهم بتقاضيهم 2 مليون تومان وبحد أقصى 100 دولار يعتبر دخلهم من أدنى دخل للفرد في العالم، ولم يعد بالإمكان تغطية النفقات المنزلية الشهرية بما لا يقل عن 10 ملايين تومان، وقد دق ناقوس خطر انتفاضة جيش الجياع والفقراء.
رئيس الجمهورية القادم هو أضعف شخصية ثانية في نظام الملالي
من خلال هذا المنظور الأسود المتعثر، تقوم وسائل الإعلام الاقتصادية، واحدة تلو الأخرى، بإعداد الرئيس المستقبلي لنظام الملالي من خلال التنويه عن الوضع الأسوأ خلال العام المقبل، حتى لا يُقبل من الآن فصاعدا على اتباع الشعارات الشعبوية المضللة للرأي العام، وألا يقطع على نفسه وعودًا وهمية، ويعلم أنه أضعف شخصية ثانية في هذا النظام.
مستقبل أسوأ من الماضي
كان أفضل وقت في حياة ونمو ونضج عناصر نظام الملالي وقادته قبل تولي السلطة في فبراير 1979، حتى يتسنى لهم الادعاء دائمًا بأن من أصحاب الفضيلة. ولكن بدأت نهايتهم منذ اليوم الذي اغتصبوا فيه سيادة الشعب الإيراني، وفعلوا ما لم يفعله المحتلون بهذه الأرض وشعبها. ولا شك في أننا دفعنا ثمنًا باهظًا من دماء خير أبناء الشعب الإيراني وضحينا بالغالي والنفيث وكشفنا عن أياديهم الملطخة بالدماء وسمعتهم السيئة تاريخيًا وفطريًا للعالم أجمع. وسوف يُضاف يونيو 2021 إلى هذه الملفات السوداء، إلى أن يزيل الشعب الإيراني والشباب الثائر النقطة السوداء لولاية الفقيه إلى الأبد من حضن إيران الطاهر.