حمرة الخجل
نزار جاف
من الخطأ الکبير جدا النظر الى النظام السياسي في إيران على إنه مجرد نظام ديني يلتزم بالقواعد
والمحظورات الدينية ولايشذ عنها وإنه يتصرف کما تصرف قادة طالبان وحکم الاخوان في مصر ودولة
الخلافة الداعشية، بل إنه يتعامل ويتعاطى مع الامور بطريقة مختلفة تماما، طريقة قد تجعل من
ميکافيلي و غوبلز، مجرد رقمين صغيرين أمامه، فالحالة الايرانية، کنظام حکم وکشعب وکمعارضة، هي
حالة مختلفة تماما عن الحالات الاخرى السائدة في المنطقة، والدليل على ذلك المميزات والسمات
الواضحة التي تفصلها عن نظيراتها، وإن المساعي”العمائمية” الجارية من أجل تصنيف الحالة الايرانية
ضمن الخانة السورية، لايمکن أن يکتب لها النجاح لأن المعارضـة الايرانية”مع إحترامنا”، هي غير
المعارضة السورية ولن تسمح بذلك أبدا.
الاستفادة من الکثير من المباني والاصول الشرعية للمحافظة على النظام وإدافتها بتوابل”سياسية
وأمنية” من عقول لاتحصر نفسها في إطار وبوتقة الدين فهناك عمامات جاهزة لإصدار
فتاوي”جواز”و”إباحة”، ذلك وإن قتل عام المدنيين في محافظة کردستان الايرانية بفتوى من الخميني
ونفس الشئ تماما بالنسبة لإعدام 30 ألف سجين سياسي وکذلك تصفية وإغتيال المفکرين والفنانين
والادباء کما جرى في جرائم القتل المتسلسل والتي قامت”عمامات الافتاء الجاهز” بلفلفتها بعد الضجة
التي أثارتها وجعل المسٶولية في رقبة فرد تصرف بدون علم النظام!
عمامات الافتاء الجاهز، لم تکن ببعيدة أبدا عن حادثة تفجير مرقدي الامامين العسکريين في سامراء في
2006 وماأثارته من مجازر جعلت الامريکيين يسرعون للخروج من العراق”وهو الهدف الذي أرادته تلك
العمائم تحديدا”، کما إنها نفسها التي أفتت للدبلوماسي”الارهابي” أسد الله أسدي بقيادة عملية تفجير
التجمع السنوي العام للمقاومة الايرانية في باريس، وهي أيضا من تفتي وتفتي لأذرعها في اليمن
والعراق ولبنان وغيرها لتقوم ماتقوم به من نشاطات وصلت الى حد إطلاق الصواريخ على المدن
السعودية، ولحد الان لم يتم ردعها کما يجب، ولو کان قد فعل ذلك أي نظام آخر في المنطقة، ألم يکن
قد أصبح أثرا بعد عين، والسٶال ماهو سر التغاضي عن الحالة الايرانية؟
الغاية تبرر الوسيلة. وأکذب ثم أکذب ولاتتخلى عن الکذب أبدا. قاعدتان رئيسيتان إستفادت وتستفيد
منهما الجمهورية الاسلامية الايرانية الى أبعد حد بعد أن تقوم ب”أسلمة”القاعدتين کما يجب، لعل
ماأعلنته هذه الجمهورية بشأن تجربتها الصاروخية لإقتحام الفضاء وإرسال”قرد” و بعدها ماقد کشفت
عنه في عام 2013، عندما قالت بأنها قد صنعت مقاتلة جديدة محلية الصنعأطلقت عليها اسم “قاهر
313″،، وثبت فيما بعد زيفها واليوم تعود جمهورية الفتاوي الجاهزة لتعلن عن صنع مقاتلة إيرانية
جديدة أطلق عليها اسم “كوثر”، وإتضح أخير وبعد الضجة التي أثارتها والتي إصطفت کفضيحة جديدة
أخرى ضمن سلسلة”الاختراعات والاکتشافات” الکبيرة بفضل برکـة حکم العمائم، من إنها”أي کوثر”،
ليست سوى إف-5 الأميركية بعد صبغها وإستخدام مطرقة وأدوات أخرى لجعلها تبدو مختلفة!
ماراثون ميکافيلي ـ غوبلزي لانهاية له يجري في إيران منذ 40 عاما بالتمام والکمال، ومع إن العالم قد
تعود على هذا الماراثون وإعلاناته المثيرة، لکن لايبدو إن هناك من يهتم في طهران لضحك وسخرية
وتهکم العالم، فيستمرون وکأن الامر لايعنيهم وحتى کأنه ليس هناك من دم في وجوههم کي نرى
حمرة الخجل!!