عودة التلقائية إلى الاتفاق النووي لماذا لا توجد إمكانية ؟ صرح رافايل غروسي، المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، بأنه ليس هناك إمكانية للعودة التلقائية إلى الاتفاق النووي، في حين أن مختلف البلدان المستفيدة في هذا الاتفاق تتشدق بعودة أمريكا ونظام الحكم في إيران إلى الاتفاق النووي، ولا تزال المساعي مستمرة لإجراء المفاوضات المحتملة. فلماذا ليست هناك إمكانية للعودة التلقائية إلى الاتفاق النووي؟
الأبعاد الحقيقية المستقبلية للاتفاق النووي
يتجسد جوهر القضية في قمة موضوع الاتفاق النووي الذي يعتبر نظام حكم ولاية الفقيه هو الموضوع الرئيسي فيها؛ في سعي نظام الحكم المذكور إلى اقتناء السلاح النووي، وسعي المجتمع الدولي بقوة لمنع هذا النظام الحاكم في إيران من اقتناء هذا السلاح المدمر.
بيد أن جوهر القضية بالنسبة لنظام الحكم في إيران لا يتوقف عند هذا الحد، حيث أن هناك قضايا أخرى أيضًا من أولويات هرم مهام نظام حكم الملالي التي تشكل مصدر قلق كبير للمجتمع الدولي.
فبرنامج نظامم حكم الملالي للصواريخ الباليستية وقضية الإرهاب المطلق العنان الذي يتبناه حكام إيران والتدخل في الشؤون الداخلية للبلدان المجاورة، … إلخ. فضلاً عن التدخلات العسكرية والمالية واللوجستية والتسليح ودعم الميليشيات في بلدان المنطقة، وقضية انتهاك نظام حكم الملالي لحقوق الإنسان في إيران على مدى أكثر من 4 عقود، الأمر الذي أسفر عن إصدار الجمعية العامة للأمم المتحدة 67 قرارًا لإدانة نظام الملالي؛ من بين هذه القضايا التي تشكل قلقًا للمجتمع الدولي.
وعلى الرغم من إنكار زعماء نظام الملالي في تصريحاتهم سعي هذا النظام لصناعة القنبلة النووية، بيد أن هذا الأمر يتم على أرض الواقع. حيث يتم المضي قدمًا في برنامج الصواريخ الباليستية تحت راية “برنامج تقوية القدرة الدفاعية” . ولا يزال دعم الأسد في سوريا وحزب الله اللبناني والحوثيين اليمنيين والميليشيات العراقية والفلسطينية والبحرينية، ومليشيات طالبان الأفغانية، … إلخ. من الأمور الحيوية لنظام حكم الملالي واستراتيجيته المعلنة رسميًا ويُصر على الاستمرار فيها.
السبب في اختلال توازن القوى على حساب خامنئي من داخل إيران
نتيجة لانسحاب أمريكا من الاتفاق النووي، ولا شك في أن السبب الرئيسي في ذلك هو عنصر داخلي يتجسد في انتفاضة يناير 2018، استنادًا إلى اعتراف زعماء نظام حكم الملالي؛ أدرك المجتمع الدولي أن الاتفاق النووي حافل بالعيوب.
وعندما ننظر الآن إلى ساحة المناورات بين المجتمع الدولي ونظام حكم الملالي، لم نعد نرى ملفًا أحادي البعد، وخرجت المعادلة من الجانب ذو المجهول الواحد وأضيفت إليها العديد من المجهولات الأخرى، ولا يشار إليها بالرمز “عام 2021 عام 2015” أو بـ “الاتفاق النووي لعام 2021”.
وهذا يعني أنه لم يتم حل أيٍّ من الصراعات الداخلية والإقليمية والدولية التي تسبب فيها نظام حكم الملالي وأدت إلى قلق المجتمع الدولي فحسب، بل إنها تصاعدت بحدة. والآن، كيف لنا أن نتوقع أن تكون هناك إمكانية للعودة التلقائية إلى الاتفاق النووي عندما ننظر من منطلق هذه المعطيات إلى معادلة علاقة المجتمع الدولي بنظام حكم ولاية الفقيه؟.
ولمزيد من التوضيح، كيف يمكن حل هذه الصراعات التي يتصدرها الاتفاق النووي والعودة التلقائية إليه أو نعتبرها قابلة للحل؟ والنتيجة هي ما أعلنه رافايل غروسي، في قوله: “ليست هناك إمكانية للعودة التلقائية إلى الاتفاق النووي”.
والحقيقة هي أنه طالما لم يجد نظام ولاية الفقيه من يقف أمامه ويردعه ويكبح جماحه، فلن يكن مستعدًا على الإطلاق للكف تلقائيًا وتطوعيًا عن أعماله التخريبية وصرف النظر عنها.
إن نظام حكم ولاية الفقيه يستغل هذه القضايا في الابتزاز من وراء قضية صناعة القنبلة النووية والمضي قدمًا في تحقيق طموحاته ومطامعه في مواجهة الغرب الاسترضائي، فضلاً عن حاجته الداخلية لاتخاذ هذه الإجراءات للحفاظ على قواته، وهذه ظاهرة يبدو أن شمسها في طريقها إلى الزوال.
نظرة أكثر شمولية على المشهد
دعونا نلقي نظرة على تخطيط ساحة المناورة مرة أخرى، لنجد نظام ولاية الفقيه وما يتخذه من إجراءات مدمرة وادعاءاته بأن الظروف في صالحه، من جهة، والمجتمع الدولي وكافة الجهات المهتمة التي تكتلت ضد خامنئي وعلى رأسها أمريكا التي أعلنت صراحةً أنها تسعى إلى التوصل إلى اتفاق نووي في عام 2021.
والحقيقة هي أن نتيجة هذه اللعبة معروفة مقدمًا، ألا وهي إما أن يصرف نظام حكم الملالي النظر عن كافة أعماله التخريبية، وهو الأمر الذي ستكون نتيجته الانهيار الأكثر وضوحًا أو المواجهة وتصعيد الصراع مع المجتمع الدولي، وهو الأمر الذي سيؤدي إلى إحالة ملفه إلى مجلس الأمن الدولي وإدراجه في الفصل الـ 7 من ميثاق الأمم المتحدة، ومن المحتمل أن يفضي ذلك إلى شن هجوم عسكري تفسيره هو الخوف من مصير العراق وليبيا القذافي الذي أشار إليه قادة حكومة نظام الملالي أكثر من مرة.