ايران ولاية الفقيه لن تبقى حتى العام المقبل
ما الذي نخلص اليه من خطاب ترامب الحاد تجاه ايران في الامم المتحدة
صافي الياسري
صحيح ان جوهر رؤية كبار فريق ترامب الاداري قائمة على يقين مؤكد مفاده ان نظام الملالي لن يعبر الى
ضفة البقاء في العام المقبل وانهم دون اعلان يعملون واقعا على اسقاط النظام باقصر وقت ممكن مع انهم
يقولون ان غايتهم لا ترتبط بالنية لاسقاط نظام الملالي وانما تعديل سلوكه ،وهذهالعبارة تعني كف اليد عن
التدخل في شؤون دول اقليم الشرق الاوسط العربية والانسحاب من سورياوالعراق ولبنان واليمن ورفع اليد
عن دعم ميليشيات حزب الله والكف عن انتهاك حقوق الانسان في الداخل الايراني وجملة امور اخرى ترى ايران
انها بنفض يدها منها ستقاتل على اسوار طهران وان اميركاواقعا تريد اسقاط النظام وان تذرعت بهذه
الطلبات فانما تغعل ذلك للتغطية والتعمية ،وقد اكد كبارمسؤوليها الذين شاركو في المؤتمر السنوي العام
للمقاومة الايرانية انهم انما يسعون لدعم الشعب الايراني ومعارضته المتمثلة بمجاهدي خلق (MEK/PMOI)
وزعيمتها السيدة رجوي لتحقيق التغيير الجذري في ايران وتقديم البديل الديمقراطي الذي يريد التاسيس
لايران حرة بعيدة عن النووي والباليستي والعسكرة والقمع والاعدامات وتنفيذ برنامج النقاط العشر الذي
اعلنته السيدة رجوي وحضي بدعم دول العالم وشعوبها برمتها وفي تقرير تداولته مواقع الميديا الاجتماعية
بهذا الشأن نقرأ انه في المدى البعيد، يبقى كلّ الكلام الكبير الذي صدر عن الرئيس الأميركي دونالد ترامب
عن إيران كلاما في غياب أفعال على الأرض. يمكن قول ذلك على الرغم من أنّ توصيفه للحال الإيرانية غاية
فيالدقّة، خصوصا عندما يتحدث أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة عن دورها الإقليمي ومساهمتها في
نشر الفوضى والعمل على زعزعة الاستقرار والدمار في المنطقة كلها.
انما يظل السؤال في نهاية المطاف؛ أين يمكن لإدارة ترامب إلحاق هزيمة حقيقية بإيران بدل ستخدامها بعبعا
في عملية ابتزاز أميركية لدول المنطقة، كما حصل إبان الحرب العراقية بين 1980 و1988؟
لا شكّ أنّ ترامب كان أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في وضع هجومي، إذ أكد أنه “لا يمكن أن نسمح
للراعي الرئيسي للإرهاب في العالم بأن يمتلك أخطر الأسلحة على كوكبنا”، أي السلاح النووي.
على الصعيد العملي، أدت العقوبات الأميركية التي استهدفت إيران والتي ستزداد ابتداءا من تشرين الثاني –
نوفمبر المقبل إلى تحقيق جانب من المطلوب. أفهمت الإيرانيين أنّ بلدهم ليس قوّة اقتصادية قادرة على
الدخول في مواجهة مع الولايات المتحدة. لعل أكثر ما يدل على ذلك انخفاض سعر العملة الإيرانية إلى رقم
قياسي (170 ألف ريال مقابل دولار واحد) بعد أقل من أربع وعشرين ساعة على إلقاء ترامب خطابه في الأمم
المتحدة.
وكان كلام مستشار الأمن القومي، جون بولتون، الذي ترافق مع خطاب ترامب أكثر قساوة بالنسبة إلىإيران.
فلم يتردّد بولتون الذي لديه الهاجس الإيراني في ذكر “المرشد” علي خامنئي بالاسم، مع تركيزخاص على دور
الجنرال قاسم سليماني قائد “فيلق القدس” في “الحرس الثوري”. قال إن الولايات المتحدة “لن تسمح
لخامنئي بتدمير دول الشرق الأوسط. نحن نستهدف كبار المسؤولين الإيرانيين، من بينهم قاسم سليماني،
وسنواجه كل الخطط الشريرة التي ينفّذها”.
ستظهر الأيام المقبلة هل ترامب جدي أم لا في الموضوع الإيراني. هل يذهب مباشرة إلى حيث يجب أن
يذهب، أي إلى إفهام أركان النظام الإيراني أن معاركه معهم لن تُخاضَ في الساحات التي يختارونها للمنازلةلم
يكن خطاب ترامب في الأمم المتحدة إيرانيا فقط ، حيث راح الرئيس الأميركي يوزع الانتقادات يمينا ويسارا،
شاملا ألمانيا التي تعمل كلّ شيء، من وجهة نظره كي تكون أكثر اعتمادا على الغاز الروسي. هناك أميركا
جديدة في عهد ترامب لا علاقة لها بالطريقة التي كانت تتعامل بها الإدارات السابقة مع حلفائها، بما في ذلك
دول الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي.
ذهب ترامب إلى حد توزيع شهادات حسن السلوك على مستحقيها من الحلفاء، مشيرا على وجه الخصوص
إلى بولندا وسعيها، على العكس من ألمانيا، إلى ألا تكون أسيرة الغاز الروسي.
وباختصار وبالمباشر تكمن مشكلة ترامب في أنه في حاجة إلى انتصارات سريعة. لديه امتحان كبير، بل
مصيري، في غضون ستة أسابيع عندما تجري انتخابات فرعية لمجلسيْ الكونغرس. الكثير سيعتمد على نتائج
تلك الانتخابات وعلى ما إذا كان الجمهوريون سيبقون مسيطرين على مجلسي الكونغرس، أو على أحدهما. لا
يمكن الاستخفاف بأن الرئيس الأميركي لا يزال يمتلك أوراقا عدة يمكن أن تساعده في بلوغ نهاية ولايته
بسلام.
في مقدّم هذه الأوراق وضع الاقتصاد الأميركي حيث البطالة للمرّة الأولى منذ فترة طويلة دون نسبة الثلاثة
في المئة. من لا يجد عملا هذه الأيّام في الولايات المتحدة هو من لا يريد أصلا أن يعمل. الأهمّ من ذلك كلّه،
أن الخطاب الذي يخرج به دونالد ترامب يستهوي الأميركي العادي، أي أميركا الريف والمدن الصغيرة التي
أوصلته إلى الرئاسة. وما لا يمكن تجاهله أن ترامب خسر كلّ المدن الكبرى أمام هيلاري كلينتون في العام
2016، لكنّه فاز حيث يجب أن يفوز كي يصبح رئيسا للولايات المتحدة.
بالاستناد إلى كلّ الخطب التي ألقاها ترامب منذ دخوله البيت الأبيض، تبدو المواجهة مع إيران آتية لا محال. لا
يمكن بالطبع استبعاد حركة دراماتيكية من الرئيس الأميركي في مرحلة معينة، لكنّ تجارب الماضي القريب
تظهر أنّه ليس رئيسا اعتباطيا كما يقول الذين ينتقدونه.
هل هو مستعد لمعركة طويلة مع إيران؟ ثمّة جانبان للجواب عن هذا السؤال. الأوّل هل لدى الولايات
المتحدة الرغبة والإمكانات لقطع أذرع إيران الممتدة إلى هذه الدولة العربية أو تلك؟ أما الجانب الآخر للجواب
فهو مرتبط بالقدرة الأميركية على الضغط في الداخل الإيراني.
هناك بكل وضوح تلازم بين ما يدور في محيط إيران وما يدور في الداخل. هناك دائما رغبة لدى النظام في
نقل معاركه إلى خارج أراضيه. سيكون العراق إحدى ساحات المعركة مع الولايات المتحدة. سجلت إيران نقاطا
عدة على الولايات المتحدة في العراق. أوصلت محمد الحلبوسي إلى موقع رئيس مجلس النواب، كاشفة أنها
قادرة على الإمساك بالورقة السنّية أيضا في البلد. ترافق ذلك مع تدجينها مقتدى الصدر الذي صار صاحب
أكبر كتلة في مجلس النواب الجديد وقطع الطريق على عودة حيدر العباديإلى موقع رئيس الوزراء.