إذا كانت عائدات النفط الإيرانية في ازدياد، فلماذا ينهار الاقتصاد؟
لقد وصلت صادرات النفط الإيرانية إلى المستوى التي كانت عليه قبل توقيع العقوبات، حسبما زعم رئيس النظام إبراهيم رئيسي في 31 مارس/ آذار. وفي اجتماع مع مجموعة من الملالي في 31 مارس/ آذار، صرّح رئيسي قائلًا، “كانت البلاد في حالة دفعت بعض مسؤولي النظام إلى التصريح بأنه إذا تمكن أي شخص من ذلك بيع 200 الف برميل من النفط، سنعينه وزيرا للنفط. لكن اليوم، عادت مبيعات النفط إلى المستويات التي كانت عليها قبل توقيع العقوبات وعادت عائدات مبيعات النفط إلى طبيعتها.
وفي معرض تعليقه على المفاوضات الجارية في فيينا بشأن البرنامج النووي للنظام، قال رئيسي: “لن نربط مطلقًا حياة الناس والاقتصاد بـ [الاتفاق النووي] والمفاوضات. وسواء وصلت المفاوضات إلى نتيجة أم لا، فلدينا خططنا الخاصة لإدارة الاقتصاد”.
وتأتي تصريحات رئيسي في الوقت الذي توقفت فيه المفاوضات بسبب مطالبة النظام بإزالة قوات حرس نظام الملالي من القائمة الأمريكية للمنظمات الإرهابية الأجنبية (FTO) كجزء من الصفقة.
مع قلة الشفافية بشأن العمليات النفطية للنظام، من الصعب التحقق من مزاعم رئيسي. وتجدر الإشارة، إلى أن وزير النفط جواد أوجي قدّم تقييماً مختلفاً في 19 مارس/ آذار. وصرّح أوجي للتلفزيون الحكومي في ذلك الوقت قائلًا” قررّ المشرعون في البرلمان رفع سقف صادرات النفط من 1.2 مليون برميل (يوميا) إلى 1.4 مليون برميل. ستبذل وزارة النفط كل ما في وسعها لتحقيق المستوى المحدد في الميزانية “.
لكن في الأول من أبريل/ نيسان، أخبر أوجي تلفزيون النظام أن إنتاج النفط وصل إلى أكثر من 3.8 مليون برميل يوميًا وأكد أن النظام قد زاد مبيعات النفط على الرغم من استمرار العقوبات.
وأضاف أوجي: “استهدفنا أسواقًا جديدة، وبدأنا حملة تسويق قوية، واستخدمنا أنواعًا مختلفة من صفقات النفط، ووجدنا عملاء جددا، واستخدمنا موظفين مخلصين وذوي خبرة في الصناعة للوصول إلى مستويات أعلى من المبيعات فيما يخص المكثفات والغاز الطبيعي”. وتابع “كانت قدرتنا التصديرية في نفس الوقت من العام الماضي منخفضة للغاية، لا سيما فيما يخص المكثفات، ولكن بفضل جهود زملائنا في صناعة النفط، نحن على استعداد لزيادة المبيعات العام المقبل.”
المؤكد هو أن النظام زاد من إنتاجه من النفط وعائداته بفضل عدد من العوامل. أولاً، بالنظر إلى المفاوضات النووية وميل الغرب لتجنب إثارة التوتر، فقد تبنى النظام نهجًا أكثر عدوانية تجاه الالتفاف على العقوبات النفطية. تشير بعض التقارير إلى أن النظام يشحن نفطه في سفن ترفع أعلام دول أخرى، رغم أن معظمه يتجه إلى الصين بأسعار أقل من السوق.
ثانيًا، يستفيد النظام من ارتفاع أسعار النفط بسبب الغزو الروسي المستمر لأوكرانيا. وفي الوقت نفسه، تشن قوات حرس نظام الملالي ووكلائه في المنطقة هجمات صاروخية وطائرات مسيرة ضد منشآت نفطية في دول مجاورة لإبقاء أسعار النفط مرتفعة.
لكن كل هذا يطرح العديد من الأسئلة: إذا كان النظام قد تمكن بالفعل من زيادة مبيعاته من النفط في عام 2021 وإعادة الأموال إلى البلاد، فلماذا ارتفع سعر المواد الغذائية بمعدل 52 بالمئة؟ لماذا ارتفع معدل التضخم إلى 40.2 بالمئة وفقًا لمركز الإحصاء الخاص بالنظام؟ لماذا تخطط الحكومة لزيادة سعر البنزين لتغطية عجز ميزانيتها؟ لماذا يزيل النظام الدعم عن الطب؟ لماذا يمتنع النظام عن زيادة أجور المعلمين رغم شهور من الاحتجاجات على مستوى البلاد؟ وأخيراً، لماذا ارتفعت أسعار المساكن لدرجة أن الكثير من الناس ينامون على أسطح المنازل أو في الحافلات أو في القبور؟
تشير هذه الحقائق وغيرها إلى أن الاقتصاد الإيراني استمر في التدهور في نفس الفترة التي زاد فيها النظام عائداته النفطية.
من ناحية أخرى، كثفّ النظام نشاطه الإرهابي في المنطقة، وتطوير صواريخه الباليستية ومنشآت الصواريخ الجوفية، وتطوير أسلحته النووية، وتعزيز أجهزته الأمنية والرقابية، بدلاً من استثمار الإيرادات المضافة في الاقتصاد وتحسين رفاهية الشعب الإيراني.
وبالفعل، يواصل النظام شحن الأسلحة والطائرات المسيرة والصواريخ للجماعات الإرهابية في المنطقة لشن الحرب وزعزعة الاستقرار في المنطقة.
كل هذا يثبت مرة أخرى أن النظام يعطي الأولوية لقبضته على السلطة على أي شيء آخر، بما في ذلك سبل عيش أكثر من 80 مليون شخص يعيشون في إيران، 60 مليونًا منهم تحت خط الفقر.
كان رئيسي محقًا في شيء واحد في تصريحاته في مارس/31 آذار: حياة الناس والاقتصاد الإيراني غير مرتبطين بالمفاوضات النووية أو الاتفاق النووي أو رفع العقوبات. لن يتحسن الوضع إلا بعد الإطاحة بنظام الملالي واستبداله بدولة ديمقراطية.