الاتحاد من أجل الحرية والديمقراطية والمساواة​

انتحار أحد العمال الإيرانيين نتيجة للفقر هي مجرد غيض من فيض 

انضموا إلى الحركة العالمية

انتحار أحد العمال الإيرانيين نتيجة للفقر هي مجرد غيض من فيض

انتحار أحد العمال الإيرانيين نتيجة للفقر هي مجرد غيض من فيض 

انتحار أحد العمال الإيرانيين نتيجة للفقر هي مجرد غيض من فيض 

بقلم علاء الدين توران 

يوم الثلاثاء الماضي، قام أحد العمال الإيرانيين بإشعال النار في نفسه بسبب سوء حالته المعيشية. انتحاره المأساوي يعكس الحالة المؤسفة للعمال الإيرانيين. 

وفي 25 مايو / أيار، كتبت وكالة أنباء إيلنا الحكومية، أن العامل “سعيد فرهادي أضرم النار في نفسه في مكان عام نتيجة لظروفه المعيشية السيئة. أعلن الأطباء في مستشفى دهدشت في وقت لاحق أن جسده مصاب بنسبة 70 بالمئة من الحروق. يأخذ أنفاسه الأخيرة فقط لأنه لم يتقاضى أجره”. 

حدث انتحار فرهادي بعد أسابيع من الاحتجاجات التي قام بها عمال متعاقدون في دائرة الصرف الصحي والمياه في مقاطعة كهكيلويه وبوير أحمد. النظام يحرم هؤلاء العمال من رواتبهم بينما ترتفع الأسعار في إيران، تاركًا ملايين الإيرانيين في فقر مدقع. 

وأضافت إيلنا “عادة ما يتقاضى العاملون المتعاقدون مع إدارة المياه رواتبهم بعد تأخير لعدة شهور. وأكدّ المحافظ قيام العمال باحتجاجات في الأيام الأخيرة. لكن هذه المظاهرات مستمرة منذ عامين على الأقل. كانت هناك بعض الاحتجاجات من قبل هؤلاء العمال في أوائل عام 2015.” 

وفقًا لوكالة إنباء إيلنا، “يرفض المسؤولون الاستجابة لمطالب العمال وكل مايفعلونه هو تغيير الإدارة، وليس المقاول”. 

إنّ انتحار فرهادي والاحتجاجات التي قام بها عمال متعاقدون فقراء في كهكيلويه وبوير أحمد لا تظهر سوى قمة جبل جليدي. يعاني جميع العمال الإيرانيين من انعدام الأمن الوظيفي وتدني الأجور ويحرمون من وجود نقابة. 

وكما أقرت وكالة أنباء إيلنا، فإن العمّال المحرومين من حقوقهم الأساسية “لديهم خيار واحد فقط: استخدام أجسادهم. أجسادهم المتعبة التي تحترق في نار الفقر، ولا سبيل للعودة. يموتون، لكن الألم ينتشر ويصبح مؤسسياً في المجتمع”. 

كانت هناك اثنتي عشرة حالة أخرى من حالات الانتحار في الأشهر الأخيرة. في 24 مايو/ أيار، أضرم عامل آخر في مقاطعة كلستان شمال إيران النار في نفسه. فقد تم تسريح الضحية، حميد شاهيني، بعد 20 عامًا من العمل في مصنع التبغ بمدينة جلستان. 

كتب وكالة أنباء إيلنا، نقلاً عن الناشط العمالي ناصر أغاجري “في نظام يفقد فيه الأمن الوظيفي ويسود التعديل الهيكلي، يفقد العمال حقوقهم. عندما ترتفع أسعار المواد الغذائية بسرعة، ويكون العامل غير قادر على تغطية نفقاته بأجر ضئيل، أو محروم من حقوقه الأساسية، أو من القدرة على تكوين نقابات عمالية، فإنهم ينخرطون في مهام مؤلمة مثل التضحية بالنفس.” 

اندلعت الاحتجاجات في جميع أنحاء إيران بسبب ما يسمى بـ “الجراحة الاقتصادية” للنظام. باختصار، أزالت حكومة إبراهيم رئيسي سعر الصرف الرسمي المستخدم لاستيراد السلع الأساسية مثل القمح والدقيق والأدوية. تسبب هذا القرار في ارتفاع الأسعار بشكل صاروخي، مما يعني أن الناس سيفقدون قدرتهم على شراء السلع الاستهلاكية الأساسية بينما سيكسب النظام مليارات الدولارات. 

لقد تسببت القرارات الاقتصادية الخاطئة للنظام وعدم الكفاءة والفساد إلى إغراق الاقتصاد الإيراني في مستنقع البؤس، الأمر الذي أثرّ على حياة ملايين الإيرانيين. مع دخلهم المنخفض الذي يقارب 40 مليون ريال، أي ما يقرب من 131 دولارًا لكل سعر صرف في السوق الحرة، يعاني العمال أكثر من غيرهم من الأسعار التي تبدو وكأنها ترتفع بشكل مستمر. 

وكتبت وكالة أنباء إيلنا في هذا الصدد في 26 مايو/ أيار أن “زيادة سعر علبة الزيت التي تزن 4 كيلوغرامات إلى حوالي 4.000.000 ريال يؤثر على جميع الأشخاص الذين لديهم أي معدل من الدخل، ويجب على الحكومة زيادة دعم الفئات الأدنى من المجتمع”. 

في أعقاب الاحتجاجات الأخيرة من قبل أشخاص من جميع مناحي الحياة، وعدت حكومة رئيسي بمنح 4،000،000 ريال لمن يسمى “مساعدة” الإيرانيين. مع الارتفاع الحالي للأسعار، لن يكون هذا المبلغ مفيدًا للغالبية العظمى من الناس. علاوة على ذلك، نظرًا لأن النظام يفتقر إلى الأموال الكافية، يجب عليه طباعة الأوراق النقدية. تؤدي طباعة الأوراق النقدية غير المدعومة إلى نمو السيولة والتضخم في نهاية المطاف. بالإضافة إلى ذلك، تسمح حكومة رئيسي باستيراد السلع بسعر الصرف في السوق الحرة، وبالتالي فإن الإعانات الضئيلة التي يحصل عليها الناس لن تسمح لهم حتى بشراء احتياجاتهم الأساسية. 

نتيجة لذلك، لم يفشل النظام في مساعدة الإيرانيين فحسب، بل تعمق في جيوبهم. وأوضح الإيرانيون أنهم لا يسقطون في فخ خطط النظام وأن احتجاجاتهم الأخيرة دليل على هذه الحقيقة. كانت المظاهرات التي استمرت أسبوعين هي أوسع عرض لمجتمع متقلب. كما أكدّت وكالة أنباء إيلنا هذه الحقيقة في مقالها في 26 مايو/ أيار، حيث كتبت “لم يعد الناس، وخاصة العمال والمتقاعدين، يتحملون ارتفاع الأسعار والتضخم. لم يستجب المسؤولون لمطالب الشعب، لذلك فقد الناس صبرهم “. 

مع تزايد الاحتجاجات والاستياء الاجتماعي، تواصل وسائل الإعلام الحكومية تحذير مسؤولي النظام. 

في 26 مايو/ أيار، نشرت وكالة أنباء مهر الحكومية مقالاً حذفته بشكل سريع، محذرة المسؤولين من “السقوط الحتمي” للنظام. أقرّ هذا المقال عن غير قصد بكراهية المواطنين للمرشد الأعلى للنظام علي خامنئي، ومدى احتقارهم للفساد المؤسسي للملالي. 

وأضاف المقال “لقد نسى المسؤولون منذ فترة طويلة أنه يجب عليهم خدمة الناس. وهكذا، نحن على حافة الهاوية، وقراراتنا الخاطئة لها ثمن. بعد انتشار أنباء الفساد في الدائرة المقربة من المرشد الأعلى، استمرّت الاحتجاجات بسبب الظروف المعيشية في الانتشار. حتى أن قوات الأمن غير راضية، إذ يتعين عليهم مواجهة أفراد عائلاتهم أو أصدقائهم في الاحتجاجات. حان الوقت لأولئك الذين يحكمون البلاد لمدة 33 عامًا [خامنئي] للتنحي، وآخرون يأخذون زمام المبادرة”.