ما هي رسالة احتجاجات إيران الأخيرة؟
شهدت السنوات الماضية زيادة كبيرة في عدد الاحتجاجات التي تجري في جميع أنحاء إيران. حاول العديد من المراقبين والمحللين النظر إلى هذه الحركات الاحتجاجية بمعزل عن غيرها، واستهدفت مشاكل اقتصادية منفصلة مثل عدم دفع الأجور، والتضخم المرتفع، وانخفاض المعاشات التقاعدية، وعدم توفر المياه اللازمة للري. ومع ذلك، فقد أثبتت الأسابيع الأخيرة أن الشعب الإيراني، اليوم، أكثر من أي وقت مضى، يدرك أن مشاكله المتعددة مرتبطة بالطبيعة الشريرة للنظام الذي يحكم بلاده. وهم يوضحون في شعاراتهم أن مشاكلهم لن تحل إلا بإسقاط حكم الملالي.
نظرة سريعة على العملية التي مرت بها حركات الاحتجاج تظهر بوضوح أن الصراع الشعبي قد تصاعد إلى أعلى مستويات القوة في إيران. في السابق، أثناء رفع مطالبهم، دعا المتظاهرون إلى المساءلة واستقالة السلطات المحلية، مثل المحافظين ورؤساء البلديات وكبار المسؤولين التنفيذيين والشخصيات المؤسسية المرتبطة بالنظام.
اليوم، سرعان ما تتحول معظم الاحتجاجات إلى احتجاجات مناهضة للنظام تدعو إلى الإطاحة بحكم الملالي برمته.
لا يخشى الناس استهداف علي خامنئي في شعاراتهم على الرغم من المخاطر المرتبطة بانتقاد المرشد الأعلى غير المنتخب للنظام. كما أنهم لا يخشون من رئيس النظام إبراهيم رئيسي، الذي اكتسب شهرة سيئة بعد أن نجح في إعدام المعارضين وأعضاء المعارضة. في الواقع، أصبحت شعارات مثل “الموت لـ [رئيس النظام إبراهيم] رئيسي” و “الموت لـ [الزعيم الأعلى للنظام علي] خامنئي” الدعامة الأساسية لمعظم المسيرات الاحتجاجية.
كانت هذه الشعارات بمثابة صيحات حاشدة للمحتجين خلال المظاهرات التي اندلعت بعد ارتفاع أسعار السلع الأساسية مثل الدقيق والخبز وزيت الطهي في أوائل مايو. ورُددت نفس الشعارات خلال المسيرات الاحتجاجية التي جرت بعد انهيار مبنى في مدينة آبادان في 23 مايو / أيار. وفي الآونة الأخيرة، سئم المتقاعدون وأصحاب المعاشات من رفض الحكومة المستمر لتلبية مطالبهم برفع معاشاتهم التقاعدية وفقًا للتضخم المتزايد و انخفاض قيمة العملة الوطنية.
عامل مهم آخر يميز موجات الاحتجاجات الأخيرة هو عدم خوف الناس من جهاز الأمن والقمع للنظام. اتخذ النظام إجراءات مكثفة لمنع ظهور الاحتجاجات، بما في ذلك الرقابة على الإنترنت، واعتقال وسجن النشطاء، وإرسال قوات الأمن إلى مناطق مختلفة من البلاد لقمع الاحتجاجات.
في أوائل مايو، مع انتشار الاحتجاجات على أسعار المواد الغذائية في العديد من المدن، أطلقت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع والذخيرة الحية على المتظاهرين. لكن المتظاهرين قاوموا القمع وردوا باستهداف ومداهمة مقرات قوات النظام القمعية في العديد من المدن.
مع تقوية الشعب الإيراني لإرادته في إسقاط حكم الملالي، يفقد جهاز القمع التابع للنظام كفاءته تدريجياً.
وأخيراً تتزامن الاحتجاجات مع تنامي أنشطة المقاومة الإيرانية داخل إيران. تقوم وحدات المقاومة، وهي شبكة من النشطاء المحسوبين على منظمة مجاهدي خلق الإيرانية، بسلسلة من الأنشطة التي تحافظ على روح التمرد ضد النظام. وتشمل هذه الأنشطة بث الشعارات المناهضة للنظام في الأماكن العامة والاستيلاء الأخير على الكاميرات الأمنية والخوادم التابعة لبلدية طهران.
وكما قال عضو في وحدات المقاومة لـ Just The News في مقابلة أجريت معه مؤخرًا، فإن هذه الأنشطة تبعث برسالة مفادها أن كل القمع، كل المجرمين في الآلية القمعية لهذا النظام، وجميع جرائمهم يتم كشفها الآن، وأدوات القمع التي يستخدمونها. يتم أخذهم بعيدًا عنهم “.
في الواقع، يبعث شعب إيران في احتجاجاتهم برسالة مفادها أنهم مستعدون للتغيير. وليس هناك من قوة توقفهم وتوقف حركتهم المقاومة.
