المعلم في السجن بدلا عن المدرسة
بقلم: هدى مرشدي كاتبة ايرانية
لسنوات عديدة استوجب على المثقفين الإيرانيين تذوق طعم السجن والإهانة والضغوطات المتنوعة
بالإضافة إلى تحمل الظروف المعيشية الصعبة وجميع أنواع الحرمان حتى تتمكن مافيات الملالي
الحاكمة في إيران من التسلط على روح وجسد الأمة والاستمرار في نهب الشعب الإيراني.
الآن الراتب الوسطي للمعلم في إيران هو بحدود ٣٠٠ دولار في الشهر. والعديد من المعلمين مجبرون
على البحث عن عمل آخر لأنفسهم. وفقا لتقرير المجلس الوطني للمقاومة الإيرانيةNCRI فإن نهب
وسرقة ملايين الدولارات من صندوق إدخار المعلمين ومن صندوق المعلمين المتقاعدين يبين جانبا آخر
من شبكة المافيا الموجودة داخل النظام وذلك من ناحية معدل الاختلاس والسرقة.
هذه الحقيقة تأتي في وقت تعتبر فيه مهنة التعليم من أشرف المهن في جميع أنحاء العالم. الفاسدون
وقصيرو النظر الحاكمون في إيران لا يدركون أنهم بتحقيرهم وإهانتهم للمعلمين أنما هم يحتقرون
ويهينون كل الأمة لأن أي شخص وطأت قدمه المدارس لعدة أيام يبقى في قلبه دائما شعور الاحترام
للتعليم والمعلمين ويعتبر أن أي إهانة لهم هو أهانة له شخصيا. لكن قصة المعيشة الضنكة للمعلم
وإهانته وصعوبة التعليم هي قصة أخرى.
منذ قرابة الشهر بدأ فصل تعليمي جديد في إيران في حين يقبع عدد من المعلمين المربين والنشطاء
النقابيين في السجن ليقضوا فترة حكمهم.
وخلال الأعوام الأخيرة تم إلقاء العديد من المعلمين وخاصة نشطاء نقابة المعلمين في السجن. العديد
منهم تحمل السجن والطرد والنفي خارج البلاد.وما يزال آخرون يتحملون السجن في ظروف مماثلة.
خلال الأعوام الأخيرة تم اعتقال عدد من معلمي بلدنا خلال فترات زمنية مختلفة من قبل الأجهزة الأمنية
وتم الحكم عليهم بالسجن لمدة طويلة والإعدام والشنق والنفي بسبب اتهامات مختلفة تتعلق بالمجال
النقابي في الأساس ولا يزال عدد منهم أيضا يتحملون عقوبة السجن.
محمد حبيبي عضو مجلس إدارة رابطة المعلمين في منطقة طهران اعتقل في تاريخ ١٠ مايو ٢٠١٨ خلال
تجمع مجلس تنسيق نقابات المثقفين في إيران.
تم الحكم عليه بالسجن لمدة عشر سنوات وأيضا ٧٤ جلدة وحظر سنتين من النشاطات في الأحزاب
والمجموعات السياسية والاجتماعية وحظر خروج من البلاد كعقوبة تكميلية للحكم الصادر بحقه.
الاتهامات المطروحة بحق هذا المعلم المسجون كانت “التجمع والتواطئ لارتكاب جرائم ضد الأمن
القومي” و”الاخلال بالنظام العام” وبسبب اعتقال محمد حبيبي وضربه في السجن ضربا مبرحا أصبح
مصابا بألم في الصدر والحنجرة والتهابات في منطقة الرئة. في حين أنه محروم من تلقي الخدمات
العلاجية والطبية في السجن.
وتم قطع راتبه الشهري خلال فترة قضاء عقوبته. نشرت منظمة العفو الدولية بيانا حول الحالة الصحية
الغير ملائمة لمحمد حبيبي وقالت في البيان أن محمد حبيبي يشعر بألم شديد في صدره ورئته بسبب
الاعتقال العنيف في مايو ٢٠١٨.
محمود بهشتي لنغرودي المتحدث باسم رابطة المعلمين يقبع في سجن ايفين منذ ٦ سبتمبر ٢٠١٦
بسبب أنشطته النقابية في السنوات الأخيرة، وتم استدعاؤه واستجوابه واعتقاله وسجنه سابقا. وهو
الآن محكوم بالسجن لمدة خمس سنوات في سجن إيفين.
اسماعيل عبدي أمين رابطة المعلمين في إيران (طهران) تم اعتقاله في صباح ٩ نوفمبر ٢٠١٦ من منزله
الشخصي من قبل قوات الأمن ونقل إلى الجناح رقم 8 من سجن إيفين لقضاء فترة عقوبته.
محمد ثاني معلم في المدارس الخاصة في مدينة بوشهر تم الحكم عليه بالسجن عامين كحبس تنفيذي
و٧٤ جلدة بتهمة نشر الأكاذيب وتشويش الرأي العام.
بختيار عارفي أمين التربية والتعليم في مدينة سردشت من بين التربويين الذين يقضون فترة حكمهم
التي تصل لـ١٨ شهرا منذ ٢٤ يوليو ٢٠١٨ في سجن مهاباد.
وقد حكم عليه في تاريخ ٢٤ فبراير ٢٠١٧ في محكمة الثورة بدون حصوله على محامي بالسجن لمدة ٣
سنوات كحبس تعزيري.
روح الله مرداني معلم وطالب في جامعة طهران أحد المعلمين المسجونيين في سجن ايفين في يوليو
العام الجاري وتم الحكم عليه في المحكمة الابتدائية بتهمة “الدعاية ضد النظام” و”التجمع والتواطؤ
لارتكاب جريمة ضد الأمن الداخلي” بالسجن لمدة ٦ سنوات وحرمان لمدة عامين من حقوقه الاجتماعية
ومن بينها منع خروجه من البلاد.
في السنوات الماضية انتقدت العديد من نقابات المعلمين مرات عدة سياسة الحكومة المتبعة في
مجال التربية والتعليم وذلك من خلال نشر البيانات المختلفة وعقد التجمعات السلمية في طهران
وبقية المدن.
في الوقت الحالي هناك مظاهرات واعتصامات واسعة للمثقفين الإيرانيين تجري في أكثر من ٦٠ مدينة
في البلاد وهذه المظاهرات تشير إلى الوضع الانفجاري وتمثل سقوط حكام هذا البلد. والحقيقة هي
أنه في إيران، على الرغم من الانتهاك الواضح للاتفاقية الدولية لحقوق الإنسان، يتعرض إضراب
المعلمون في إيران دائما لهجوم من قبل قوات الأمن والوكلاء السريين في وزارة الاستخبارات، ويتم
القبض على العديد من المعلمين والمشاركين بعد الاحتجاج.
المعلمون الإيرانيون يناضلون منذ عشرات السنين للحصول على حقوقهم المنهوبة. كما أن ذكرى مقتل
الدكتور خانعلي برصاصة غادرة في التجمع الاحتجاجي النقابي الذي عقد في ساحة بهارستان في 1
مايو 1961، أو المعلم الجليل صمد بهرنغي الذي تمرد على طرق التعليم الغير الفعالة لم ولن تختفي
أبداً من الذاكرة. لذلك، فإن المعلم في السجن هو أيضًا معلم للشعب والجيل الشاب في إيران.
السيدة مريم رجوي الرئيسة المنتخبة من قبل المقاومة الإيرانية أشادت بالسجناء السياسيين الذين
أضربوا عن الطعام دعما لحقوق المعلمين الإيرانيين وقالت: “الشعب الإيراني اليوم إلى جانب معلميه
يقاومون من خلال اضراب الطعام والمظاهرات… إن ملاحقة المعلمين ومسؤولي نقابات المعلمين
قضائيا والتعرض لهم وإيذائهم يظهر مدى انزعاج وتأذي الملالي من الاحتجاجات المنظمة”.