أكثر من كابوس
الكاتب : سعاد عزيز
هناك تضارب وتناقض واضح جدا في التصريحات والمواقف الصادرة من جانب القادة والمسٶولين
الايرانيين بخصوص تأثير العقوبات الامريكية على إيران، إذ وفي الوقت يزعم قسم منه بأنها لن تٶثر
عليهم وإن النظام سيبقى واقفا على قدميه ويستمر في مسيرته في حين يرسم البعض الآخر منهم
مستقبل ضبابي يغرق في اليأس والتشاٶم مع تأكيد ملفت للنظر على إحتمال حدوث ثورة أو إنتفاضة
أو تمرد كبير قد يقلب الامور كلها رأسا على عقب.
هذه التصريحات والمواقف أو بالاحرى حالة التخبط والتناقض غير العادية لايجب ربطها بالعقوبات
الامريكية بمعنى إنها لم تصل الى هذا المستوى بعد العقوبات الامريكية وانما قبلها وتحديدا منذ
أوائل عام 2018، وليس بعد بدايات شهر أغسطس/آب منه حيث تم تنفيذ الدفعة الاولى من
العقوبات، بل إن حالة التخبط والتناقض في التصريحات قد بدأت تحديدا بعد إنتفاضة 28 ديسمبر/
كانون الاول 2017، وهي إنتفاضة هزت الاوساط السياسية الحاكمة بعنف لأنها تميزت بأمرين ملفتين
للنظر؛ أولهما إنها كانت بقيادة منظمة مجاهدي خلق MEK العدو والخصم اللدود والتأريخي للنظام
والغريب والمثير في ذلك إن المرشد الاعلى الايراني بنفسه قد إعترف وأقر بذلك، وثانيهما إن
الانتفاضة طالبت ليس بالاصلاحات وتحسين الاوضاع وإنما ذهبت أبعد من ذلك عندما طالبت بإسقاط
النظام!
التخبط والتناقض في التصريحات والمواقف قد بدأت تتعمق بصورة غير عادية بعد تنفيذ العقوبات
الامريكية وبعد أن أعلن الشعب الايراني من خلال إحتجاجاته المستمرة على أثر الانتفاضة الاخيرة،
بأن”العدو هنا في إيران وليس في أمريكا”، أي إن الشعب لايرى في الدعوات التي يطلقها النظام
لمواجهة أمريكا شأن لايعنيه، ولذلك فإن النظام يرى إنه في مواجهة واقع حساس وخطير، إذ إن
الشعب الايراني وفي الوقت الذي لم يعد يثق به بإعتراف روحاني، ويقوم بإحتجاجات متواصلة، فإنه لن
يسانده ويقف الى جانبه في مواجهته ضد أمريكا، وهو مايدعو للكثير من التوجس والقلق ولاسيما وإن
العديد من المسٶولين الايرانيين أعلنوا بكل صراحة إحتمال حدوث إنتفاضة أو ثورة شعبية عارمة ضد
النظام.
على الرغم من إن طهران تضع أحدى عينيها على تطبيق الدفعة الثانية من العقوبات ضدها والذي
سيجعل الاوضاع تسير نحو الاسوأ بكثير، ولكنها تضع عينها الاخرى على إحتمال توسع الاحتجاجات
وتغولها في إنتفاضة كبيرة غير مسبوقة خصوصا وإن هناك دفع تعبوي منظم بإتجاه ذلك من جانب
المعارضة الايرانية النشيطة وبشكل خاص منظمة مجاهدي خلق(MEK)، وفي ضوء ذلك فإن الاحتمال
الاكبر بنظر المراقبين السياسيين هو أن تعمد طهران”كعادتها” الى تقديم تنازلات كبيرة لواشنطن كي
تضمن سيطرتها على الداخل، ول?كن، هل ستنجح طهران هذه المرة مع شعب يغلي غضبا كالبركان
ومع معارضة يقظة متمرسة تعرف كيف تتعامل مع الاحداث والتطورات؟!