من الضروري وقف صفقة بلجيكا لتبادل السجناء مع نظام الملالي
نظام الملالي لديه تاريخ طويل في استخدام الرهائن الأجانب كوسائل ضغط سياسية ضد الحكومات الأخرى من أجل انتزاع تنازلات سياسية واقتصادية. وفي الآونة الأخيرة، يحاول النظام إجراء تبادل شامل للسجناء مع القوى الغربية.
ولكن لسوء الحظ، اقترحت الحكومة البلجيكية تشريعًا سيمهّد الطريق لإعادة الإرهابيين المدانين إلى إيران مرة أخرى. هذه الخطوة في غاية الخطورة، حيث أنها ستشجع النظام على أخذ المزيد من الرهائن. فقد وافقت لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب البلجيكي على مشروع القانون الأسبوع الماضي، ومن المتوقع أن يصوّت البرلمان عليه في الأيام المقبلة.
لقد خلق ذلك الاقتراح المعيب عاصفة نارية على جانبي المحيط الأطلسي. وانتقده المشرّعون الأمريكيون ونظرائهم الأوروبيون وكبار المسؤولين السابقون ومنظمات حقوق الإنسان. وأضافوا أنه يجب عمل المزيد لإحباطه. من المرجّح أن تكون المعاهدة المزعومة بين الحكومة البلجيكية ونظام الملالي مصممة لتأمين إطلاق سراح الدبلوماسي الإيراني الإرهابي أسد الله أسدي. تم اعتقال أسدي عام 2018 بتهمة التخطيط لتفجير تجمع ضخم خارج باريس نظمته جماعة المعارضة الإيراني الرئيسية المعروفة باسم المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية.
وكان أسدي قد أدين العام الماضي وحكم عليه بالسجن لمدة 20 عامًا من قبل محكمة بلجيكية بتهمة تدبير مؤامرة الإرهاب، والتي لو نجحت ربما كانت أسوأ حادث إرهابي في تاريخ أوروبا الحديث. وانضمّ مئات من البرلمانيين وكبار الشخصيات الدولية إلى أكثر من 100 ألف مواطن إيراني في تجمع المعارضة. وتعهدت السيدة مريم رجوي، الشخصية المعارضة البارزة، بمواصلة حملتها ضد القانون البلجيكي المقترح، بما في ذلك بحث رفع القضية إلى المحكمة الدستورية في البلاد والمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان.
أثناء عمله كدبلوماسي لنظام الملالي في فيينا، تبين أن أسدي أخذ قنبلة شديدة الانفجار على متن طائرة تجارية من طهران وقام شخصياً بتسليمها إلى اثنين من عملاء النظام، تم تكليفهما بتفجيرها في تجمع المعارضة الإيرانية. يقضي الشريكان، بالإضافة إلى عميل آخر ما يصل إلى 18 عامًا في السجون البلجيكية. ومع ذلك، فإن المعاهدة المقترحة ستسهل على سلطات نظام الملالي إعادة هؤلاء الإرهابيين المدانين إلى إيران، مما سيساعدهم على الهروب من المساءلة وسيادة القانون والعدالة.
كما أن إصدار مثل هذا التشريع سيفتح الباب أمام نظام الملالي لارتكاب المزيد من الأعمال الإرهابية على الأراضي الأوروبية مع الإفلات التام من العقاب. وسيكون نظام الملالي أكثر جرأة لاحتجاز المواطنين الأوروبيين كرهائن والمطالبة بتنازلات من حكوماتهم.
ليس من المستغرب على الإطلاق أن تكون بلجيكا قد أعدّت معاهدة لتبادل السجناء مع الدولة الأولى في العالم الراعية للإرهاب، والتي يتمثل أسلوب عملها في القتل الجماعي والابتزاز الدولي.
بالإضافة إلى انتهاك حقوق الإنسان الأساسية للشعب الإيراني على أساس يومي، ويواصل النظام سحق القوانين الدولية بينما يطلق العنان لآلية إرهابية في الشرق الأوسط وصلت تداعياتها المميتة إلى قلب أوروبا.
لقد ذهب نظام الملالي إلى حد تكليف دبلوماسي معتمد بإجراء عملية إرهابية ضخمة في فرنسا في عام 2018. إن الفكرة القائلة بأن بروكسل تفكّر على الأرجح في إعادة أسدي والإرهابيين الثلاثة الآخرين إلى إيران هو أمر مخز ومحير للعقل. تظهر وثائق المحكمة البلجيكية بوضوح أن مؤامرة باريس الإرهابية لم تكن عملية فردية. فقد جاء الأمر من أعلى السلطات في العاصمة طهران، التي كانت تدرك تمامًا المخاطر الواسعة النطاق لهذا الأمر. وكلفت وزارة الاستخبارات والأمن التابعة للنظام بتنفيذ العملية، ولهذا فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات عليها وعدد من مسؤوليها.
صفقة الباب الخلفي المشينة مع النظام خطيرة بشكل كبير، وذلك نظرًا لأنها تشجع نظام الملالي على إرسال عملاء قتلة إلى الأراضي الغربية لاستهداف المواطنين والمعارضين. إذا أصبحت معاهدة مثل هذه قانونًا، فسيتمتع هؤلاء الإرهابيون بالإفلات التام من العقاب، حتى عند القبض عليهم أو إدانتهم، لأنهم سيعادون في النهاية إلى طهران دون مواجهة العدالة على جرائمهم الشنيعة.
إذا لم تكن هذه مهزلة لنظام العدالة في أوروبا، فمن الصعب للغاية أن نطلق عليها اسم آخر. فهي وصمة عار على جبين أجهزة الأمن والاستخبارات الأوروبية التي عملت بجد لإحباط تفجير باريس.
إن استرضاء المجرمين والإرهابيين لن يؤدي إلا إلى المزيد من الابتزاز والموت والإرهاب. لا شيء إيجابي يمكن أن ينتج عن ذلك. بل على العكس من ذلك، ينبغي إجبار نظام الملالي على دفع ثمن جرائمه من خلال التمسك بالمعايير القانونية والأخلاقيات الإنسانية في أوروبا.وإلا فإن الأنظمة المارقة والاستبدادية ستؤدي إلى تآكل هذه القيم من الداخل.
ضحايا إرهاب نظام الملالي في المدن الأوروبية يستحقون الأفضل. كما أن الديمقراطية والعدالة البلجيكية تستحقان أفضل من ذلك. يجب على كل شخص لا يسمح ضميره للإرهابيين والقتلة الجماعيين بالإفلات من جرائمهم، أن يضمن لوم ورفض هذه المعاهدة المقترحة مع نظام الملالي.
• الدكتور مجید رفیع زاده عالم سياسي إيراني أمريكي تلقى تعليمه في جامعة هارفارد. تويتر:Dr_Rafizadeh