هل ستنقذ مسودة بوريل الجديدة خطة العمل الشاملة المشتركة، أم أنها فقط تمنح نظام الملالي المزيد من الوقت؟
في يوم الثلاثاء، 26 يوليو/ تمّوز، أعلن مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي أنه قدم مسودة نص جديدة لإعادة تنفيذ الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015. كان من الواضح أن مسودة سابقة كانت مطروحة على الطاولة في فيينا عندما عُلقت المفاوضات بين الموقعين على خطة العمل الشاملة المشتركة في مارس / آذار وظلّت مطروحة على الطاولة عندما استؤنفت تلك المفاوضات لفترة وجيزة في الدوحة في وقت سابق من هذا الشهر. وقد رفض نظام الملالي تلك المسودة في كل من المفاوضات وفي عدد من التصريحات المختلفة، بينما طالب بتنازلات إضافية من الولايات المتحدة.
ولم يتضح على الفور ما هي التنازلات التي تم تضمينها في المسودة الجديدة، لكنه قد تم تقديمها إلى نظام الملالي والمجتمع الدولي باعتبارها الحل الوسطي الأخير المتاح بشأن القضايا العالقة. وصرّح جوزيب بوريل في مقال نشرته صحيفة فاينانشيال تايمز: “لقد وضعت الآن على الطاولة نصًا يتناول بالتفصيل الدقيق رفع العقوبات بالإضافة إلى الخطوات النووية اللازمة لاستعادة خطة العمل الشاملة المشتركة”. وأضاف: “بعد 15 شهرًا من المفاوضات المكثفة والبنّاءة في فيينا والتفاعلات التي لا تعد ولا تحصى مع المشاركين في خطة العمل المشتركة الشاملة والولايات المتحدة، خلصت إلى أن مساحة الحلول الوسط الإضافية المهمة قد تم استنفادها بالكامل.”
على الرغم من التلميح إلى أن نظام الملالي يأمل في الحصول على أي تنازلات أخرى من شركائه في المفاوضات نتيجة للضغط، فقد بدا أن المفاوض النووي الرئيسي التابع لنظام الملالي يرفض على الفور المسودة الجديدة. وغرّد على باقري كني على تويتر بعد تأكيد وجود مسودّة جديدة، لكن دون توضيح ما إذا كان فريقه التفاوضي قد راجعها بالفعل بالتفصيل أم لا “لدينا أيضًا أفكارنا الخاصة، من حيث الجوهر والمظهر، لاختتام المفاوضات. والتي سيتم مشاركتها”
إن الرفض الانعكاسي على ما يبدو لاقتراح بوريل هو دليل آخر على أن نظام الملالي ليس لديه نية لإحياء خطة العمل الشاملة المشتركة. تم تقديم هذا الاستنتاج الأسبوع الماضي من قبل عدد من وسائل الإعلام الدولية، نقلاً عن تصريحات رئيس الاستخبارات البريطانية ريتشارد مور. وفي حديثه في منتدى آسبن الأمني، أشار إلى وجود مسودة اتفاق وغياب إجراءات عرقلة من قبل حلفاء نظام الملالي، روسيا والصين، للإيحاء بإحياء الاتفاق النووي في الحال، إذا التزم به نظام الملالي.
وتابع مور قائلًا، إن المرشد الأعلى للنظام علي خامنئي قد استقرّ على الأرجح على استراتيجية بديلة للتعامل مع الضغط الدولي على البرنامج النووي للنظام، على الرغم من اعترافه بأن سلطات نظام الملالي الأخرى مترددة في الابتعاد عنها. تسمح هذه الاتجاهات المزدوجة لنظام الملالي باللعب من أجل كسب الوقت والحفاظ على المفاوضات بشأن أجهزة دعم الحياة لمنع إعادة التنفيذ التلقائي والتوسع المحتمل لعقوبات الاتحاد الأوروبي وقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
أكدّت وزارة خارجية النظام هذا التصور لنهج النظام يوم الاثنين عندما أدلى المتحدث ناصر كنعاني في مؤتمره الصحفي الأسبوعي بتصريحات تفيد بالتأكيد على أن نظام الملالي لن يخضع “لعملية متسرعة” أو يتخذ “قرارًا سريعًا” بشأن مستقبل خطة العمل الشاملة المشتركة. ورفض كنعاني ما سماه المزاعم الغربية بأن “الوقت محدود”، واصفًا إياها بـ “الضغط النفسي والتوقعات الأحادية” التي تهدف إلى جعل النظام “يضحي بالمصالح الأساسية للبلاد”.
لكن في نفس يوم المؤتمر الصحفي، أكدّ محمد إسلامي، رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، على إحدى الطرق التي وعد بها التأخير إلى أجل غير مسمى في عملية التفاوض لصالح نظام الملالي على حساب القوى الغربية. علاوة على ذلك، قلبت تصريحاته وصف كنعاني للمفاوضات رأساً على عقب، وذلك من خلال نقل رواية مصممة بوضوح لدفع الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا نحو الاستسلام لمطالب النظام.
بعد أن أدّى رفض النظام المستمر للتعاون إلى انتقاد رسمي من الوكالة الدولية للطاقة الذرية في يونيو/ حزيران، بدأت المنشآت النووية في إيران في تفكيك كاميرات المراقبة التي كان من المفترض أن تساعد في مراقبة الوكالة لأنشطة النظام والامتثال لشروط خطة العمل الشاملة المشتركة.
نتج عن هذه الخطوة انتقادات متوقعة ومطالبات النظام بعكس مساره في أعقاب محادثات الدوحة. لكن إسلامي رفض هذه الطلبات هذا الأسبوع وقال: “تلك الكاميرات مرتبطة بالاتفاق النووي. وإذا عاد الغربيون إلى هذا الاتفاق، فسنقرر بشأن هذه الكاميرات”.
وبهذه الطريقة، أكدّ إسلامي أن النظام خطط للإبقاء على وضع يسمح له بتسريع نشاطه النووي في سرية نسبية، طالما استمرّت المفاوضات مع مجموعة 5 + 1. وهذا يعطي نظام الملالي حافزًا واضحًا لاستئناف تلك المفاوضات لأطول فترة ممكنة، خاصةً إذا كان هدفه النهائي هو تقليل الفترة الزمنية “لكسر” قدرة الأسلحة النووية.
وقد أكدّ كمال خرازي، وزير خارجية النظام السابق وكبير مستشاري خامنئي، الأسبوع الماضي على التهديد بأي تضييق إضافي لتلك النافذة عندما قال إنه “ليس سرا” أن النظام لديه بالفعل القدرة التقنية على بناء سلاح نووي. وحددّ أن المنشآت النووية الحالية يمكنها تخصيب اليورانيوم بسرعة وسهولة حتى يصل إلى درجة صنع الأسلحة، بعد أن تجاوزت بالفعل معيار التخصيب بنسبة 60 بالمئة.
حاول العديد من المدافعين عن النظام تخفيف حدة القلق بالقول إن نظام الملالي سيضطر إلى تطوير أنظمة للتوصل لمثل هذا السلاح بشكل منفصل قبل أن يشكّل تهديدًا خطيرًا على المجتمع الدولي. لكن هذا أيضًا مجال تسعى فيه سلطات النظام بثبات إلى تحقيق إنجازات ذات صلة بينما تنكر ببساطة نيتها في تطبيقه على برنامج الأسلحة النووية.
وقد ذكرت وسائل إعلام رسمية تابعة للنظام مؤخرًا أن البلاد لديها خطط وشيكة لوضع قمر صناعي آخر في المدار وأن قوات حرس نظام الملالي (IRGC) سيكون لها دور في هذا الإطلاق. في عام 2020، كشفت المقاومة الإيرانية أن قوات حرس نظام الملالي لديها برنامج فضائي خاص بها، وأثارت إطلاق الصواريخ المصاحبة تكهنات متجددة بأن نشر الأقمار الصناعية يوفر غطاءًا لتطوير صواريخ باليستية عابرة للقارات ذات قدرة نووية.
بالنظر إلى نهج النظام العدواني وسباقه نحو الحصول على قنبلة نووية، فمن المنطقي رفض وصف بوريل للمحادثات النووية غير المجدية مع نظام الملالي بأنها “بنّاءة”. لقد كان النظام يتباطأ في المفاوضات لتحقيق أهدافه الشريرة. وسيستمر النظام في التحرك ببطء نحو تطوير رأس نووي وصقل صاروخ قادر على حمله إلى أن يصبح خطر نظام إرهابي مسلح نوويًا لا يمكن تجنبه. هل سيكون هناك أية مسودات أومفاوضات فعّالة في ذلك الوقت؟