إيران: التهديدات غير المرئية لإحياء خطة العمل الشاملة المشتركة
أقرّ نظام الملالي، في إعلان حديث له، بأنه يفكر في بناء “مفاعل أبحاث” جديد في موقعه النووي في محافظة أصفهان، ومن المتوقع أن تبدأ عملية البناء في الأسابيع المقبلة.
بينما نقلاً عن رئيس منظمة الطاقة الذرية للنظام محمد إسلامي في أحدث منشوراتها، كتبت وكالة الأنباء الحكومية الجديدة إسنا: “هذا مشروع محلي بالكامل سيغلق سلسلة البحث والتقييم والاختبار وإنتاج الطاقة النووية في إيران.”
هذه حقيقة واضحة مفادها أن النظام يعتزم انتهاك سياق خطة العمل الشاملة المشتركة. في حين ادّعى النظام باستمرار أن برنامجه النووي مخصص للأغراض السلمية فقط، فقد قام بتخصيب اليورانيوم بنسبة تصل إلى 60 بالمئة، وهو مجرد نقطة تحول لتنقيته حتى درجة 90 بالمئة في خطوة تقنية قصيرة إلى اليورانيوم المستخدم في صنع الأسلحة.
بينما أعربت الوكالة الدولية للطاقة الذرية عن قلقها بشأن التقدم النووي للنظام، قالت إن معظم اليورانيوم المخصب للنظام يتم نقله إلى مركز أصفهان الذري. لذلك، هناك حق في القلق ودق ناقوس الخطر حول طموحات النظام ببناء موقع جديد في أصفهان، حتى بحجة البحث.
يذكر أنه بحسب وكالة أنباء “فارس” التابعة للنظام، كما ورد في 26 يوليو/ تمّوز الماضي، قام النظام بجمع وتغليف الكاميرات التي كانت تراقبها الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
حذرّت الوكالة الدولية للطاقة الذرية مرات عديدة من أن النظام يقترب أكثر فأكثر من إنتاج قنبلة نووية، لكن الدول الغربية، وخاصة حكومة الولايات المتحدة، تواصل تجاهل مثل هذه التحذيرات. الشيء الوحيد الذي فعلته الحكومات الغربية فيما يتعلق بالسيطرة على الأنشطة الخبيثة للنظام هو الاستمرار في التمسك بالتقدم التفاوضي الضعيف، والذي هو على أعتاب فشل مدمّر لكل من الوضع الأمني المرتعش في الشرق الأوسط والأمن العالمي.
هذا القلق الحقيقي، والتحذيرات اللاحقة، لا تستند إلى تكهنات لا معنى لها، ولكن على حقائق حقيقية عن انتهاكات النظام لخطة العمل الشاملة المشتركة، والتي بدأت بعد وقت قصير من الاتفاق الأولي في عام 2015.
بعد مرور عام على الاتفاق النووي، كشفت وكالة الاستخبارات المحلية الألمانية، المكتب الفيدرالي لحماية الدستور، أن النظام اتبع مسارًا “سريًا” للحصول على التكنولوجيا والمعدات النووية غير المشروعة من الشركات الألمانية. في ذلك الوقت، انتقدت المستشارة الألمانية آنذاك أنجيلا ميركل تصرفات النظام، وأظهرت هشاشة خطة العمل الشاملة المشتركة منذ البداية.
في يناير/ كانون الثاني 2019، أوضح رئيس هيئة الطاقة الذرية في النظام آنذاك علي أكبر صالحي كيف استخدم النظام إجراءات خادعة لتضليل المجتمع الدولي، قائلاً: “منذ ثلاث سنوات كنا نقول إننا لم نصب الإسمنت في مفاعل آراك الذي يعمل بالماء الثقيل. لو كان لدينا مفاعل أراك سيتم تدميره “.
وردّا على سؤال من مدير تلفزيون النظام بخصوص صب الأسمنت في الأنابيب النووية، أضاف صالحي، “لم تكن تلك هي الأنابيب التي تم عرضها. لقد اشترينا أنابيب مماثلة، لكن لم أتمكن من الإعلان عنها في ذلك الوقت. شخص واحد فقط يعرف ذلك في إيران، وهو أعلى مسؤول في الدولة”.
وتابع: “لم يعرف أحد. عندما كان أصدقاؤنا يتفاوضون، علمنا أنهم سيتراجعون عن كلمتهم ذات يوم. قال [خامنئي] احذروا، فهم لا يوفون بوعودهم. كنّا بحاجة إلى أن نكون أذكياء. بالإضافة إلى ذلك، حتى لا ندمر الجسور خلفنا، احتجنا إلى بناء جسور جديدة، حتى إذا أردنا العودة، يمكننا فعل ذلك بشكل أسرع “.
في 4 سبتمبر/ أيلول 2015، أعلن المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية أن “نظام الملالي یعمل مع خبراء كوريين شماليين لخداع المفتشين النوويين التابعين للأمم المتحدة الذين يزورون المواقع الإيرانية المشتبه بها. وبحسب البيان، فإن نظام الملالي يعمل منذ فترة على إيجاد طرق لإخفاء البعد العسكري لمشاريعه النووية عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية، عملًا بنصيحة بيونغ يانغ. أقام العديد من المسؤولين الكوريين الشماليين ورش عمل في طهران وظلوا هناك حتى بعد توقيع الاتفاق النووي “.
قبل يومين، كشف المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية أن اللجنة السرية لنظام الملالي خدعت الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن تحقيق PMD. فحصت المقاومة الإيرانية مثالاً لخطط النظام الخادعة رداً على الوكالة الدولية للطاقة الذرية، مستشهدة بمخطط النظام لمعالجة ما يسمى بصواعق EBW، من خلال محاولة التظاهر بأن صواعق التفجير كانت مخصصة لصناعة النفط والغاز.
هذه مجرد حقائق قليلة عن أعمال الغش التي قام بها النظام بعد توقيع الاتفاقية. ليست فقط سياسات الاتفاق والتهدئة الضعيفة مع النظام هي التي عرّضت المجتمع الدولي للخطر. بعد بدء الاتفاق، أصبح لبنان منذ ذلك الحين موطنًا أكثر راحة لتنظيم حزب الله الإرهابي، الذي أصبح الآن مدججًا بالسلاح من قبل النظام وكان له دور فعّال في منع تشكيل أي حكومة في لبنان لصالح نظام الملالي.
وبفضل الاتفاق، استطاع النظام أن يكون له اليد العليا في الحرب السورية، التي شردّت منذ ذلك الحين أكثر من 6 ملايين شخص داخل البلاد وتسببت في لجوء أكثر من 5 ملايين مواطن إلى الخارج.
بمساعدة هذه الحرب، قام النظام بتصدير أنشطته الإرهابية إلى الأراضي الأوروبية بحجّة اللاجئين. من المعروف أن فيلق القدس التابع لنظام الملالي نفذّ العديد من عمليات الاغتيال السرية في قلب أوروبا. قضية الدبلوماسي الإرهابي للنظام أسد الله أسدي، الذي حاول تفجير التجمع السنوي للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية في فرنسا عام 2018، هي في قلب شبكة النظام الإرهابية في أوروبا.
كما قام النظام بتوسيع دعمه لحركة طالبان في أفغانستان، ومنع تشكيل أي حكومة، ونتيجة لذلك، تم دفع البلاد الآن إلى ماضيها المضطرب. في العراق، رعى النظام ميليشياته المتمثلة في الحشد الشعبي الشهير وغيرها للتسلل وتقويض قوات الأمن العراقية لتعريض سيادة العراق للخطر. شأنه شأن سوريا ولبنان وأفغانستان، يفتقر العراق إلى حد كبير إلى حكومة كفؤة.
نفس الحالة تنطبق على اليمن. لقد أدّى دعم النظام للحوثيين إلى زعزعة استقرار العديد من دول الشرق الأوسط، وتستمر الجماعة الإرهابية في تجويع الشعب اليمني وإخضاعه لخطر الإرهاب. قائمة الأنشطة الخبيثة للنظام طويلة، وهذه الأمثلة ليست سوى مقتطفات من آثامهم.
وفرّت أصول النظام التي تم رفع تجميدها بموجب خطة العمل المشتركة الشاملة (JCPOA) الأرضية لمثل هذا التدمير. ما لم نذكره هو الزيادة المستمرة في قمع النظام للشعب الإيراني، لأن خطة العمل الشاملة المشتركة لا تشمل انتهاكات النظام لحقوق الإنسان. لذلك، فإن أي صفقة جديدة أو إحياء اتفاق 2015 لن يؤدي إلا إلى تفاقم الوضع وإنشاء نظام أكثر عدائية في المستقبل.