هل انتصر نظام الملالي مرة أخرى في لعبة أخذ الرهائن؟
من الواضح أن نظام الملالي هو الذي يفوز دائمًا في لعبة أخذ الرهائن التي بدأتها المؤسسة الدينية عندما وصلت إلى السلطة قبل أربعة عقود تقريبًا. ومؤخراً، قام النظام بتصعيد هذه الحيلة الخطيرة بشكل كبير.
فقد أعلنت سلطات النظام هذا الأسبوع أنها ألقت القبض على مواطن سويدي آخر. حيث ازداد عدد المواطنين الأوروبيين المحتجزين لدى نظام الملالي في الأشهر الأخيرة بشكل ملحوظ. وعادة ما يحتجز النظام مواطنين أوروبيين بتهم غامضة تتعلق بالأمن، مثل “السلوك والاتصالات المشبوهة” أو التصرف كعدو للدولة أو “تعريض الأمن القومي للخطر”.
وفي مايو/ أيار، أعلن النظام أيضًا إنه سيعدم سويديًا آخر، أحمد رضا جلالي. ونشرت وزارة الخارجية السويدية بيانًا لمواطنيها تحثهم على عدم السفر إلى إيران “بسبب الوضع الأمني”، مضيفة أن “أنشطة إنفاذ القانون وتفسيره قد تكون غير قانونية (في إيران). حيث يمكن احتجاز المسافرين الأجانب بشكل تعسفي ومحاكمتهم دون أسباب واضحة”.
من المرجّح أن العدد المتزايد للاعتقالات للمواطنين السويديين مرتبط بقضية حميد نوري، وهي محاولة من قبل نظام الملالي للضغط على السويد ونظامها القضائي لتغيير موقفهما وقراراتهما.
كان نوري أول مسؤول إيراني سابق يُحاكم خارج إيران بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية. فقد أدين المحقق والمعذّب السابق في سجن كوهردشت في كرج غربي العاصمة طهران بتهمة تسهيل عمليات الإعدام بل وتنفيذها شخصياً. كما تبين أنه شخصية رئيسية في مذبحة السجناء السياسيين في إيران عام 1988 عندما قتل ما لا يقل عن 30 ألف معارض ودفنوا سرًا في مقابر جماعية. الناجون من هذا التطهير وعائلات الضحايا – الغالبية العظمى منهم من أنصار المعارضة الرئيسية في إيران – كانوا يسعون لتحقيق العدالة لأكثر من ثلاثة عقود، لكن نوري كان أول من يواجه تلك العدالة.
من المهم الإشارة إلى أن مذبحة عام 1988 كانت مذبحة دموية وحشية طالت السجناء السياسيين، وهي جريمة مروّعة ضد الإنسانية يمكن وصفها بالإبادة الجماعية، وفقًا لخبراء في القانون الدولي لحقوق الإنسان.
وكما أشار جيفري روبرتسون، أول رئيس للمحكمة الخاصة لسيراليون التابعة للأمم المتحدة: “لقد كان قتل السجناء جريمة منذ قرون.الفرق هو أنه إذا كان الأمر بمثابة جريمة إبادة جماعية معينة، فهناك اتفاقية دولية تلزم البلدان باتخاذ إجراءات ومعاقبة تلك الإبادة الجماعية. لا شك أن هناك قضية ملاحقة (رئيس نظام الملالي إبراهيم رئيسي) وآخرين. لقد ارتُكبت جريمة تنطوي على مسؤولية دولية. يجب القيام بشيء حيال ذلك كما تم القيام به ضد مرتكبي مذبحة سريبرينيتشا”.
وقد حكمت محكمة سويدية على نوري بالسجن المؤبد في 14 يوليو / تمّوز. وقال المسؤول الإيراني البارز في مجال حقوق الإنسان، كاظم غريب آبادي، إن البلاد “لن تقف مكتوفة الأيدي”، مضيفًا أن لديها “عدة خيارات مطروحة على الطاولة” للرد على السويد. بعد ذلك بوقت قصير، اعتقل النظام مواطنًا سويديًا آخر.
يعتقد نظام الملالي أن بإمكانه إعادة نوري من السويد لأنه حقق مؤخرًا انتصارًا مع بلجيكا. أصدرت الحكومة البلجيكية تشريعًا يبدو أنه يمهد الطريق لعودة الإرهابيين المدانين الآخرين إلى إيران.
من المرجّح أن تكون المعاهدة المزعومة بين الحكومة البلجيكية ونظام الملالي مصممة لتأمين إطلاق سراح الدبلوماسي الإيراني الإرهابي أسد الله أسدي، الذي اعتقل في 2018 بتهمة التخطيط لتفجير تجمع خارج باريس نظمته جماعة المعارضة الإيرانية، المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية. وأدين أسدي العام الماضي وحكم عليه بالسجن لمدة 20 عاما من قبل محكمة بلجيكية بتهمة تدبير المؤامرة، التي لو نجحت، ربما كانت أسوأ حادث إرهابي في تاريخ أوروبا الحديث.
في حين أن نظام الملالي هو أحد الموقّعين على الاتفاقية الدولية لمناهضة أخذ الرهائن، لطالما احتجز نظام الملالي رهائن أجانب من أجل انتزاع تنازلات اقتصادية وتحقيق مكاسب جيوسياسية ومالية. كما أشارت ديانا الطحاوي، نائبة مدير منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية، إلى أن “سلطات نظام الملالي تستخدم حياة أحمد رضا جلالي كبيدق في لعبة سياسية قاسية، وتصعيد التهديدات بإعدامه انتقامًا لعدم تلبية مطالبهم. حيث تحاول السلطات إفساد مسار العدالة في السويد وبلجيكا، وينبغي التحقيق فيها بتهمة أخذ الرهائن”.
باختصار، لا يمكن أن يكون الرد على الانتهاكات الصارخة للقانون الدولي من قبل نظام الملالي مجرد مزيد من الاسترضاء والاستسلام لمطالبه. يجب على المجتمع الدولي أن يقف يد واحدة وألا ينهار في وجه محاولات ابتزاز نظام الملالي.
• الدكتور مجید رفیع زاده عالم سياسي إيراني أمريكي تلقى تعليمه في جامعة هارفارد.