اليأس والبطالة يتسببان في ارتفاع معدلات الانتحار بين الشباب في إيران
لقد تحول التركيز الحاد في الآونة الأخيرة على إيران، مرة أخرى، بسبب العديد من الأحداث المريرة. أحد هذه الأحداث هو ارتفاع عدد حالات انتحار الأطفال. في الآونة الأخيرة في 7 أغسطس/ آب، انتشرت أنباء عن عمليتي انتحار جديدتين في جميع أنحاء البلاد.
انتحر أمير محمد أبولوفایی البالغ من العمر 9 سنوات وفرهاد خدایي البالغ من العمر 12 عامًا، من مدينة كوهدشت، محافظة لُرِستان، وأنهيا حياتهم. حيث شنق أبولوفایی نفسه، بينما أنهى خدایي حياته بمسدس.
وفقًا للتحليلات على مدار العقد الماضي، انتحر ما مجموعه حوالي 250 طفلاً في إيران. وتجدر الإشارة إلى أن هذا مجرد عدد الضحايا الذي تنشره وسائل الإعلام لنظام الملالي، لذلك لا يوجد عدد دقيق لحالات انتحار الأطفال في إيران، ولكن من المرجّح أن يكون أعلى من المعلن عنه.
ذكرت إحصائيات المنظمة الوطنية للتسجيل المدني التابعة للنظام أن السبب الخامس الأكثر شيوعًا لوفاة الشباب في إيران هو الانتحار، بما يعادل 3.89 بالمئة من الوفيات. ووفقًا لتحقيقاتهم، فإن 48 بالمئة من حالات الانتحار التي تم الكشف عنها علنية ارتكبها من الرجال، و52 بالمائة من النساء. من المحتمل أن يرجع ارتفاع عدد حالات الانتحار بين الفتيات إلى كراهية النظام للمرأة وعدم المساواة ضد الإناث، والضغط المزدوج والقمع على النساء في البلاد.
من بين الإحصائيات المقدمة، كان حوالي 45 بالمئة من حالات الانتحار مرتبطة بأطفال تتراوح أعمارهم بين 9 و 14 عامًا، و 55 بالمئة أخرى تتعلق بالفئة العمرية من 15 إلى 18 عامًا.
ومن بين أسباب حالات الانتحار: ثمانية في المائة نسبت إلى الفقر؛ و26 بالمئة بسبب مشاكل تعليمية؛ و28 بالمئة بسبب النزاعات مع الأسرة؛ و5 بالمئة تتعلق بالعلاقات العاطفية، و8 بالمئة نتيجة الاغتصاب؛ و5 بالمئة نتجت عن تأثير الأفلام ومقاطع الفيديو، و 20 بالمئة أخرى من حالات الانتحار كانت بسبب الزواج القسري.
وسجلت مدن طهران وأصفهان وهمدان أكبر عدد من حالات الانتحار. إن ارتفاع عدد حالات الانتحار بين الشباب له عواقب وخيمة على المجتمع في جميع أنحاء إيران. في المقام الأول، سيجعل هذا الانتحار سلوكًا عاديًا وتعودًا كحل أخير للتخلص من المشكلات التي يواجهها هؤلاء الأطفال.
نسبة اليأس بين شباب البلاد عالية للغاية. فالنظام لا يولّد ما يكفي من فرص العمل اللازمة لمنع اليأس وتدمير مستقبل البلاد، وبالتالي فإن عدد الشباب العاطلين عن العمل يتزايد عامًا بعد عام.
وفقًا لتقرير عام 2019 الصادر عن مركز المعلومات الاستراتيجية والإحصاء التابع لوزارة التعاون والعمل والرعاية الاجتماعية التابعة للنظام، من بين 10.5 مليون شاب تتراوح أعمارهم بين 15 و 24 عامًا، كان 8.1 مليون منهم لا يدرسون ولا يشاركون في التدريب على المهارات ولا يعملون.
في حين أن هذا أكثر من كاف لدفع الشباب إلى الانتحار، فقد كثفّ النظام قمعه وإعدام الشباب خلال الأشهر القليلة الماضية. تم تنفيذ ذلك من خلال قوانين أكثر صرامة للحجاب ضد النساء، بما في ذلك الفتيات المراهقات، وانتشار المخدرات بين الشباب، وخاصة الشباب من الذكور. وكانت غالبية عمليات الإعدام الأخيرة التي نفذها النظام تتعلق في الواقع بقضايا مخدرات.
وتجدر الإشارة إلى أن الشباب الإيراني من بين الأكثر نشاطا سياسيا في 57 دولة في العالم الإسلامي. وباعتبارهم أكثر شرائح المجتمع تمردًا، فإنهم يمثلون تهديدًا طويل المدى للنظام الديني.
سؤال آخر يجب الرد عليه هو إلى أين يتجه شباب ونخب إيران. يمكن الرد على جزء من هذا السؤال من خلال مراقبة مشاركة الشباب في امتحان دخول الجامعات، كما ذكرت صحيفة فرارو الحكومية في 25 يوليو/ تمّوز:
“في امتحان هذا العام، هناك انخفاض بنسبة 44 بالمئة في عدد المرشحين في مجموعة الرياضيات مقارنة بالامتحان الوطني في عام 2012. بالإضافة إلى ذلك، في عام 2019، التحق 24.3 بالمئة من جميع المرشحين بمجموعة الرياضيات، ولكن في امتحان هذا العام، انخفض هذا الرقم إلى 9.7 بالمئة”.
وأضافت الصحيفة: “في حين زاد عدد المرشحين في فئة اللغات الأجنبية في امتحان القبول لعام 2022 بنسبة 1383.8 بالمئة مقارنة بعام 2012. يبدو أن جزءًا من زيادة 1383 بالمئة في عدد المرشحين في مجموعة اللغات الأجنبية في الامتحان الوطني لهذا العام هم النخب التي تتخذ الخطوات الأخيرة للانتقال إلى الجامعات العالمية”.