لماذا يعمل نظام الملالي على تنصيب رجال الدين في المناصب الحيوية في البلاد
يتجه نظام الملالي نحو تعيين رجال الدين في مناصب رئيسية في السلطة السياسية والاقتصادية
أطلق نظام الملالي مبادرة تهدف إلى تنصيب الآلاف من رجال الدين في كيانات مختلفة في جميع أنحاء البلاد كوسيلة جديدة لفرض المزيد من السيطرة على الشعب الإيراني، واقتصاد البلاد، والحياة اليومية. يزعم التلفزيون الحكومي أن هذه الخطة بدأت منذ عامين وأنها اكتسبت زخمًا في الآونة الأخيرة. هناك أهداف مختلفة يسعى إليها المرشد الأعلى لنظام الملالي، علي خامنئي بهذه المبادرة، والحوافز الاقتصادية ليست سوى جانب واحد من جوانب الصورة الأكبر.
استهدف هذه الخطة إلى تنصيب رجال الدين كـ “خبراء ومستشارين دينيين في مراكز الشرطة” وقد صرّح أحد كبار المسؤولين إن مثل هذا البرنامج سيكون مفيدًا للغاية لنظام الملالي.
وبالمصادفة، طرح مجلس النظام (البرلمان) واعتماده “قانون الصيرفة الإسلامية”، وأصدر البنك المركزي للنظام تعليمات لـ “المشرفين الدينيين المتمركزين في جميع البنوك”. سيكون للمدارس “ملالي استشاريون” يتمتعون بسلطة كبيرة على هذه المرافق الهامة.
في جمهورية الملالي في ظل هذا النظام، يعتبر الملالي الآن أطباء وخبراء طبيين بحكم الأمر الواقع. كما أطلق النظام “لجنة علم النفس والاستشارات بموجب تعاليم الثقافة الدينية والإسلامية”، مدّعيًا أن “الهدف هو استغلال الطاقات المحلية من خلال البحث عن موظفين من المدارس الدينية للنظام.
يعرف الشعب الإيراني جيدًا أن نظام الملالي كان يطبق حكمه ويزيد من التدخل في حياة الناس اليومية وجميع كيانات البلاد على مدار 43 عامًا منذ ثورة 1979. يعتقد الملالي أن الحفاظ على نظامهم على حاله يعتمد على الحكم بقبضة من حديد، لا سيما من خلال الإعدام والتعذيب. وجه آخر لهذا النهج هو اللجوء إلى الذرائع الدينية لترسيخ مكانته في حياة الناس وجميع الكيانات / البنية التحتية الحيوية في البلاد.
تشير هذه المبادرة إلى فشل رئاسة إبراهيم رئيسي بعد عام واحد فقط من ولايته. سهلّ خامنئي صعود رئيسي إلى السلطة للتأكد من أن نظامه لا يزال موحداً لأنه لا يزال يواجه معارضة متزايدة في الداخل وعزلة في الخارج. إبراهيم رئيسي، المعروف عن دوره المحوري في مذبحة السجناء السياسيين عام 1988، يرمز إلى حكم الملالي للإرهاب على مدى أربعة عقود. لكن حتى رئيسي لم يكن قادراً على تحقيق آمال خامنئي في تعزيز قبضته على السلطة.
لم يفشل رئيسي في كبح جماح الاحتجاجات فحسب، بل اتضح أن وعوده الجوفاء بخفض سعر صرف العملة، وخفض الأسعار، وإعادة فتح المصانع المغلقة في البلاد، وحل مشكلة البطالة، وبناء مليون منزل للمحتاجين، لم تكن سوى كلمات، الأمر الذي زاد من تفاقم الاحتجاجات.
ينددّ المواطنون الإيرانيون بأكاذيب رئيسي في احتجاجاتهم المستمرة، كما يطالبوا بإجابات بخصوص وعوده الجوفاء، كما يستنكرون الارتفاع الهائل في أسعار السلع المختلفة في البلاد. حتى وسائل الإعلام الحكومية تعترف بفشل رئيسي.
وقد ورد في مقال لصحيفة مستقل يوم 27 يوليو/ تمّوز اليومية “ربما كان إنجاز رئيسي الوحيد هو خطته لفرض قواعد وأنظمة الحجاب”، وغني عن البيان أن حكم الملالي بخصوص الحجاب، من بين العديد من الإجراءات القمعية الأخرى التي أشرف عليها رئيسي، لم يؤد إلا إلى تصعيد الكراهية بين الشعب الإيراني.
وهذا يفسر سبب لجوء خامنئي الآن، في ضوء فشله في تعزيز سلطته، إلى تكتيكات جديدة، من خلال تنصيب الملالي – معقله الأخير المتناقص للدعم – في مناصب حيوية على أمل الحفاظ على السيطرة على مقاليد السلطة في إيران.
ولكن ما مدى نجاح النظام في تنصيب الملالي في مناصب حيوية في السلطة؟ تأتي هذه الإجراءات في وقت وصلت فيه الكراهية لحكم الملالي إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق. في احتجاجاتهم اليومية، يردد الشعب الإيراني باستمرار “يجب أن يسقط الملالي”، معترفين بالجذور الرئيسية لمشاكل البلاد. يشير التوتر في المجتمع إلى أن تكتيك خامنئي الأخير لن يؤدي إلا إلى نتائج عكسية على نظامه.