إذاعة جمهورية إيران الإسلامية (IRIB) تلتهم الأموال القذرة وتنشر الدعاية
بقلم مهدي عقبائي
الكواليس الخفية لإذاعة جمهورية إيران الإسلامية
بين الحين والآخر، يتم تسليط الأضواء على قضية فساد تابعة للدولة في إيران. بعد الاختلاس الفلكي الأخير في شركة مباركة للصلب، تعلن وسائل الإعلام الحكومية الآن بلايين الدولارات التي نهبتها إذاعة جمهورية إيران الإسلامية (IRIB).
تتلقى إذاعة جمهورية إيران الإسلامية ميزانية ضخمة للغاية، لكنها معفاة من دفع الضرائب نظرًا لأنها تحت إشراف المرشد الأعلى للنظام علي خامنئي. ومع ذلك، في خضمّ الاقتتال الداخلي الأخير بين النظام، تم الكشف عن أن هذا التنظيم يكسب مبلغًا هائلاً من المال من خلال الإعلانات التجارية، ولم يتم تدقيق هذه الأرباح الإضافية مطلقًا.
وفقًا لصحيفة جهان صنعت الحكومية اليومية، “تتلقى إذاعة جمهورية إيران الإسلامية ما يقرب من 50 كوادريليون ريال”، أو 166 مليون دولار على أساس سعر الصرف الحالي في السوق الحرة.
ومع ذلك، فإن الدخل المقدّر للإذاعة من إعلانات كرة القدم يتراوح بين 160 و 310 كوادريليون ريال. وبعبارة أخرى، من المتوقع أن يبلغ إجمالي دخل الإذاعة من الإعلانات التجارية ما لا يقل عن 500 إلى 600 كوادريليون ريال سنويًا، فقط من إعلانات ديربي استقلال وبرسيبوليس”.
بمعنى آخر، تبلغ الأرباح السنوية لإذاعة جمهورية إيران الإسلامية حوالي 1.6 مليار دولار سنويًا.
تصدرّت الزيادة غير المسبوقة في ميزانية إذاعة جمهورية إيران الإسلامية لعام 2021 عناوين الصحف لأنها كانت أكبر بثلاث مرات من ميزانية جامعة طهران وتساوي قيمتها ميزانية العديد من المحافظات. بعد ذلك بوقت قصير، أصبح من الواضح أن هذه الؤسسة غير راضية عن هذه الميزانية؛ وبالتالي، فقد تلقت 150 مليون يورو إضافية من صندوق التنمية الوطنية.
تم تكليف إذاعة جمهورية إيران الإسلامية، التي يعمل بها 48000 موظف في جميع أنحاء إيران، بنشر دعاية النظام وخطاب الكراهية. في الآونة الأخيرة، بثت الإذاعة عشرات من اعترافات السجناء السياسيين المنتزعة تحت التعذيب. بالإضافة إلى ذلك، تستخدم الإذاعة مرافقها التقنية للتشويش على إشارات البث الأجنبية والمستقلة، مما يزيد من تقويض حرية التعبير في إيران.
في فبراير/ شباط 2013، فرض مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأمريكية (OFAC) عقوبات علىهم بسبب “تقييد أو منع التدفق الحر للمعلومات إلى الشعب الإيراني أو منه” و “فرض الرقابة على وسائل الإعلام المتعددة وبث اعترافات قسرية من المعتقلين السياسيين.”
لذلك، من الآمن أن نقول إن إذاعة جمهورية إيران الإسلامية تصدرت عناوين الأخبار بدلاً من بث الأخبار. شأنها شأن المنظمات الأخرى التابعة للدولة، فهي فاسدة حتى النخاع، ولا يقتصر اختلاساتها على تلك التي كشفت عنها صحيفة جهان صنعت مؤخرًا.
يتم السماح لمديري المؤسسة بقبول الهدايا الفاخرة من مؤسسات مختلفة، وإدارة العديد من الشركات، وتلقي قروض ضخمة بفوائد منخفضة بينما يُحرم العديد من الإيرانيين من هذه القروض، وكسب ملايين الدولارات من الإعلانات أثناء كون المنظمة حكومية، كل هذا يظهر فقط غيض من فيض من الفساد المستشري داخل تلك المؤسسة.
بالإضافة إلى الميزانيات الحكومية، تمتلك المؤسسة العديد من مصادر الدخل الأخرى. ويعدّ “صندوق تقاعد الراديو” هو أحد هذه المصادر. يضم هذا الصندوق ست شركات تابعة، والتي تشمل “ سیما پرواز جام جم” و “جام جم للسفر والسياحة” و “مركز جام جام سابا للدعاية والإعلان” و ” جام جم عمران بارس للاستثمار العقاري” و ” جام جم بازرگان پیشرو للاستيراد والتصدير” و ” جام جم شاتاب جوستار للمعلومات”.
كانت شركة جام جم للتجارة ضمن قائمة الشركات التي حصلت على سعر صرف تفضيلي قدره 42000 ريال لكل دولار من البنك المركزي في عام 2018. تلقت هذه الشركة 162000 يورو من البنك المركزي واستوردت الذرة لتغذية الحيوانات باستخدام سعر الصرف الحكومي.
بالإضافة إلى ذلك، تلقت شركة أيمن تجارات جام جم التجارية، وهي مؤسسة اقتصادية أخرى في إذاعة جمهورية، 1.1 مليون يورو من العملة الحكومية لاستيراد السيارات.
بشكل مثير للصدمة، على الرغم من كل هذا، كان مسؤولو إذاعة جمهورية إيران الإسلامية يشكون من ميزانيتهم. على سبيل المثال، في عام 2013، تم الإعلان عن ديون إذاعة جمهورية إيران بمبلغ 4.3 تريليون ريال. ادعى عبد العلي علي أصغري، الرئيس التنفيذي السابق لإذاعة جمهورية إيران الإسلامية، في عام 2016 أن المنظمة لديها 7000 محطة فقط، بما في ذلك تلك الموجودة في المناطق الجبلية المرتفعة، والتي تتكلف أموالًا طائلة لصيانتها.
في مارس/ آذار 2018، أعلن محمد علي عبد الله زاده، النائب القانوني لإذاعة جمهورية إيران الإسلامية، تخصيص 250 مليون دولار للمؤسسة، مدعيا أن هذا الدعم سيحل العديد من مشاكل المنظمة. بعد عام، تمت مضاعفة ميزانية المؤسسة في مشروع قانون ميزانية 2019.
استلام الأموال من المؤسسات الائتمانية التابعة لقوات حرس نظام الملالي
في عام 2018، انتشرت الاحتجاجات في جميع أنحاء إيران حيث قامت العديد من مؤسسات الائتمان بنهب مدخرات حياة العديد من الإيرانيين. هذه المؤسسات الائتمانية، التي لا يزال بعضها يعمل، تابعة لقوات حرس نظام الملالي، وكانت واحدة من هذه المؤسسات كانت ثامن الحجج.
فقد عملاء المؤسسة والعديد من المؤسسات المالية الإيرانية الأخرى استثمارات بمليارات الدولارات في السنوات الماضية وكانوا يحتجّون باستمرار لاستعادة مدخراتهم.
وقد قدمّت مؤسسة ثامن الحجج قروضًا ضخمة وهدايا فاخرة لبعض موظفي إذاعة جمهورية إيران الإسلامية، بما في ذلك العديد من مقدمي البرامج التلفزيونية، في عام 2018.
اعترف إحسان علي خاني، مذيع تلفزيوني ورد اسمه في قائمة الحاصلين على قروض وهدايا كبيرة من شركة ثامن الحجج، على شاشة التلفزيون في عام 2018 أن هذا البرنامج قام بتمويل برامجه من 2012 إلى 2014.
وأشار إلى أنه تم إنتاج ستة مسلسلات تلفزيونية بتمويل من ثامن الحجج، بما في ذلك برنامج النوروز للعام الفارسي 1397 وبرنامج شهر العسل.
إذن، لماذا تتلقى منظمة حكومية ميزانية ضخمة متورطة في العديد من الأعمال التجارية غير مرتبطة تمامًا بمهام عملها، مثل استيراد الذرة وعلف الماشية أو تلقي مبالغ كبيرة من الأموال من مؤسسات الائتمان؟ لماذا لا يوجد سيطرة على دخلها الضخم؟
إن إلقاء نظرة فاحصة على هذه القضية يكشف الإجابة. نظرًا لأن جميع الخيوط تؤدي إلى دور خامنئي كرئيس لـ “تفشي الفساد” للنظام، فإن الصفقة المالية الفاسدة داخل إيران تهدف إلى تمويل أنشطة النظام غير المشروعة والخبيثة لتحقيق أهدافه.