الضربة الخامسة والستون لنظام ولاية الفقيه
المحامي عبد المجيد محمد
في يوم الاثنين ١٧ ديسمبر وافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة للمرة ٦٥ على قرار إدانة نظام
الملالي. وهذا القرار الذي تم الموافقة عليه ٨٤ صوت موافق كان له انعكاس على أعلى المستويات
السياسية والدبلماسية وعبرت عن اهتمام القضاء العالمي بالنسبة للوضع المزري لحقوق الإنسان في
إيران.
المتحدث باسم وزارة خارجية نظام الملالي الفاشستي سمى هذه الادانة القاطعة باستخدامها كأداة
وقال بأن «هذا القرار تم إصداره بدون النظر للحقائق الموجودة في إيران ومبنى على تقاربر انتقائية
ويحمل أهدافا سياسية».
إن مواقف المتحدث الرسمي الدبلماسي التي نفى فيها الاغتيال والقمع هي بمعنى أنها إنكار لحقيقة
الجرائم اللإنسانية التي ارتكبها هذا النظام وإنكار للوحشية والقمع التي اتبعها الملالي طوال ٤٠ عاما
مضى. فهو يريد أن يدعى بأن حقوق الإنسان في إيران الملالي مصانة.
هناك مثل إيراني يقول: عندما أنكرتَ شككتُ في كلامك عندما أقسمتَ تأكدت بأنك تقول كذبا.
فمواقف المتحدث الرسمي لنظام الملالي تنطبق تماما على هذا المثل.
السؤال الذي من الممكن أن يتبادر للذهن هو أن هذا النظام الفاشي والقمعي قد تمت إدانته سابقا ٦٤
مرة بسبب انتهاكه الممنهج لحقوق الإنسان في إيران لذا هل سيكون لهذه الإدانة أي تأثير جديد؟. لأن
هذا النظام وعلى الرغم من الإدانات السابقة استمر مصرا في عمليات الإعدام الجماعية والقمع
وتجاهل حقوق الشعب الإيراني ومن بينهم العمال الإيرانيون فإن الجواب الإجمالي والكلي لهذا
الموضوع هو أنه بسبب طبيعة نظام ولاية الفقيه القمعية لا يجب التوقع أن يتراجع هذا النظام فورا
عن القمع الجرائم لمجرد صدور هذه الإدانات. فالقمع وكبت الشعب هو بمثابة الدم والأوكسجين
وضرورة حياتية لهذا النظام.
فهذا النظام إذا لم يقمع ويعدم ولم يتدخل في شؤون المنطقة ولم يدعم الإرهاب فإن جميع أسسه
وبنائه سينهار وسيسقط بسرعة. ولكن هذه الإدانة تصعب وتزيد تكلفة التعامل والمساومة مع النظام
بالنسبة لمتبعي سياسات التماشي. كما أنها تحجم النظام في موضوع التقدم في علاقاته مع اوروبا
كما أنها تخلق عثرات أمام النظام أيضا بالنسبة لاستمرار عمليات القمع والإعدام في الداخل.
النقطة المهمة والأساسية التي لا يجب تجاهلها هي أنه قد تم تبني القرارات السابقة في ظل ظروف
كانت سياسة الاسترضاء السائدة والعصر الذهبي لاستبداد النظام.
في حين أنه في الوقت الحالي يسير الظروف الدولية ضد هذا النظام وهذا الموضوع يعلمه النظام
جيدا أكثر وأفضل من أي شخص آخر. ولهذا السبب وصف المتحدث الدبلماسي للنظام الديني هذا
القرار بأنه «استخدم كأداة سياسية» ليقوم بالتمويه على سياسات النظام القمعية لأنه يعلم جيدا أن
نظامه لم يعد يتمتع بالدعم السابق بسبب فشل سياسات التماشي.
جميع مسؤولي النظام من خامنئي وحتى روحاني وبقية المسؤولين يعترفون بأنهم يمرون في ظروف
صعبة ومتأزمة.
روحاني يقول أننا وقعنا في مأزق وعقدة مستعصية.
في يوم ١٢ ديسمبر أذعن خامنئي صراحة بأن هناك بعض الخطط التي قد يرغبون في إجرائها هذا العام
ولكنهم في الحقيقة يخططون للعام القادم. وهذا اعتراف واضح وصريح للولي الفقيه بنهاية نظامه.
وقال: “المخطط هو أنه لعلهم يستطيعون بمساعدة العقوبات والأعمال المخلة بالأمن خلق الفوضى
والانشقاقات والحرب الداخلية في الجمهورية الإسلامية وهدفهم هو بأن يجروا هذه الانشقاقات
والصراع للشوارع ليطلقوا الحرب”.
ومن الواضح عندما يتحدث خامنئي عن “مخطط” فهو يقصد بشكل دقيق أن يعبر عن مدى ذعره
وقلقه من الدور النوعي لمجاهدي خلق في التطورات المتعلقة بإيران.
الولي الفقيه يعلم أن الانتفاضة الحالية مستمرة خلال عام كامل لا توقف في جميع أنحاء إيران.
وخامنئي قال محذرا عصابات نظامه: ” لدي معلومات وأعلم أشياءا أنتم لا تعلمونها”؟!
أي أنه خوّف مسؤولي نظامه بهذا الكلمات المشفرة بأن تيار وموج الإطاحة بنظامه قادم لا محالة
وعندما سيأتي سيجرف الجميع.
إن ما يعلمه خامنئي ولا يستطيع كتمانه هو أنه يواجه عزلة دولية كبيرة وسيطبق على نظامه أشد
أنواع العقوبات التي عرفها التاريخ ونظامه لم يعد باستطاعته مثل السابق دعم مرتزقته في دول
المنطقة ماليا ولم يعد بمقدور هذا النظام ابتزاز المجتمع الدولي مرة أخرى.
إن العقوبات ووصول الانتفاضة لذورتها يأتيان في وقت واحد أي أن كل واحد منهم يدعم ويشد على
الآخر.
شعار الانتفاضة ومطالب الشعب المضطهد هو: “لقد انتهى الأمر” و “الملالي يجب أن يرحلوا” و “حتى
لو مت سأستعيد إيران”.
ومن الواضح أن خوف مسؤولي النظام الإساسي هو من الاحتجاجات والإضرابات وقدوم الشعب
للشوارع بسبب مخطط مجاهدي خلق(MEK) ومعاقل الانتفاضة وتوجيه كل هذه نحو هذه الحالة الانفجارية
من أجل إسقاط النظام.
وبالإضافة لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة فقد قام المجتمع الدولي من جهة أخرى بإدانة انتهاك
حقوق الإنسان من قبل هذا النظام. منظمة العفو الدولية في تاريخ ٣ ديسمبر نشرت تقريرا حول
مجزرة عام ١٩٨٨ وأعلنت أن إخفاء المسؤولين الإيرانيين لمصير ومكان دفن آلاف السجناء السياسيين
الذي اختفوا بشكل قسري قبل ٣٠ عاما وتم إعدامهم في السجون في استمرار في ارتكاب جريمة ضد
الإنسانية. وفي هذا التقرير الفريد والمفصل ذكرت منظمة العفو الدولية أسماء ٤٠٠ مجاهد.
محمد جواد لاريجاني الذي عرف بأن منظّر التعذيب والإعدام والرجم بالحجارة قال قبل صدور قرار
انتهاك حقوق الإنسان: “لقد دعم جاويد رحمان في تقريره مجاهدي خلق بصفتهم نشطاء حقوق إنسان
رسميا”.
وفي المحصلة فإن ساحة عمل النظام في مجال حقوق الإنسان أصبح محدودا وهشا جدا. لأن الملالي
في هذا المجال سيعلقون في تناقض مهول جدا لأنهم يعلمون بأنهم لو أرادوا احترام حقوق الإنسان
فيجب عليهم التخلي عن القمع والإعدام وهذا الأمر سيشكل ضربة قوية لوجودهم ولهذا السبب هم
غير قادرين على المناورة في شؤون حقوق الإنسان.
ورحبت السيدة مريم رجوي باعتماد القرار الخامس والستين للأم المتحدة الذي أدان الانتهاك الممنهج
لحقوق الإنسان في إيران وأكدت على ضرورة إحالة قضية انتهاك حقوق الإنسان من قبل الفاشية
الدينية الحاكمة في إيران لمجلس الأمن الدولي.
وأضافت السيدة رجوي: “يجب طرد دكتاتورية الملالي التي تملك أعلى معدل إعدام في العالم نسبة
بعدد السكان من المجتمع الدولي وكما يجب محاكمة مسؤولي هذا النظام الذين ارتكبوا جريمة ضد
الإنسانية في مذبحة الـ ٣٠ ألف سجين سياسي في عام ١٩٨٨”.