نظام ينقرض وشعب ينهض
بقلم:حسيب الصالحي
من المستحيل أن تستمر الانظمة الديکتاتورية مهما إتبعت من أساليب وطرق ومهما حصلت على
مظلات ورکائز تضمن لها التغطية على جرائمها ومجازرها، وإن تمادي هذه الانظمة في ممارساتها
القمعية وإرتکابها المجازر المروعة لايمکن أبدا أن يضمن لها البقاء والاستمرار بل إنها تقترب خطوات
وخطوات من قبرها الذي تحفره بيديها من خلا ظلمها وجبروتها المرتکب بحق الشعب.
التطور والتقدم الانساني وزيادة وعي الشعوب، جعلت من النظم الديکتاتورية حالة مرفوضة ولايمکن
التعايش معها، خصوصا عندما تجعل هذه الانظمة شعوبها في خدمة مخططاتها وأهدافها الخاصة
المتقاطعة مع مصالح شعوبها، ولاغرو من إن تآکل النظم الديکتاتورية وسيرها نحو الانقراض حتمية
تأريخية وحضارية في نفس الوقت لايمکن أبدا الوقوف بوجهها، إذ إن هذه الانظمة صارت إستثناءا
وصارت إرادة الشعوب وحرياتها هي القاعدة، وکلامنا هذا يدور حول نظام الجمهورية الاسلامية
الايرانية الذي تلقى بالامس القرار الاممي ال65 ضد إنتهاکاته لحقوق الانسان وقمعه للشعب الايراني.
صحيح أن هناك فترات أثناء نهضة وإنتفاضة الشعوب بوجه الانظمة القمعية، أن تتمکن الاخيرة بفعل
نهجها وتعاملها الوحشي الدموي مع المنتفضين أن تهدأ الانتفاضة قليلا أو لفترة معينة، ولکنها سرعان
ماتعود، خصوصا في هذا العصر الذي تم فيه إختصار المسافات و الزمن و صار العالم کله أشبه
بالقرية فمن الصعب جدا أن يجبر شعب على البقاء خاضعا لنير الديکتاتورية کما في الحالة السورية
والحالة الايرانية فالنظم الديکتاتورية ومهما بلغت فإنها ستسير عاجلا أم آجلا نحو الانقراض أما الشعب
فإنها ستنهض من جديد لبناء غدها، ولعل ماجرى و يجري في الانتفاضة البطلولية للشعب الايراني من
أحداث و تطورات، تؤکد للعالم کله من إنه لايمکن أبدا لوي ذراع الشعوب، وإن نظاما إستبداديا فريدا
من نوعه کنظام الجمهورية الاسلامية الايرانية، يقف اليوم على برکان من السخط و الغضب والذي
إنفجر بوجهه في 28 ديسمبر/کانون الاول2017، لم يتمکن النظام من السيطرة عليها رغم إعتقاله أکثر
8000 آلاف وقتله أعدادا منهم تحت التعذيب، إذ إستمرت وتستمر الانتفاضة في صورة الاحتجاجات
المتواصلة مضافا إليا نشاطات معاقل الانتفاضة، ذلك إن الشعب الايراني وبعد أن رفع وبإصرار شعار
الموت للديکتاتور(أي المرشد الاعلى للنظام)، فإنه قد أعلن إستحالة إستمرار المعادلة السلبية القائمة
بينه و بين النظام طوال 40 عاما، بل وإن دخول منظمة مجاهدي خلق(MEK) الخصم والغريم الاکبر
للنظام کطرف أساسي في الانتفاضة وترديد الشعب لشعاره المرکزي بإسقاط النظام، تأکيد على إن
الامور باتت تسير بسياق مختلف تماما عن الحالات السابقة، خصوصا وإن کل الظروف والاوضاع في
داخل وخارج إيران وحتى داخل النظام نفسه صارت مهيأة لإحداث عملية التغيير الجذرية التي لامناص
منها أبدا.