هل اقتربت ساعة تصفية حساب “لوكربي” ؟
رياض بدر
هل اقتربت ساعة تصفية حساب “لوكربي” ؟
قضية تفجير طائرة بان أمريكان فوق قرية لو كربي الأسكتلندية وسميت الحادثة على اسمها يبدو أنها
قضية لن تنتهي كما هو معروف بالحكم على المتهم الرئيس عبد الباسط المقرحي ضابط المخابرات
الليبي والذي توفي عام 2012 حيث أطلق سراحه بعد الحكم عليه بالسجن المؤبد لأسباب إنسانية بعد
التحقق من إصابته بالسرطان ليموت في مسقط راسه في طرابلس.
التحقيق مستمر إذن منذ 25 عاما وليومنا هذا وبعد عدة تصريحات من قبل الدول الثلاثة المعنية وهي
بريطانيا والولايات المتحدة وليبيا منذ عام 2011 حول الجهة الحقيقية التي كانت وراء تنفيذ هذا العمل
الإرهابي والمشتركين فيه والدوافع وأخرها ما كشفه الكاتب دوغلاس بويد في كتابه الأخير ” لوكربي –
الحقيقة “وذكر بويد لصحيفة “ميل أون صنداي” إنه بعد فترة وجيزة من وقوع الكارثة، نشرت منظمة
التحرير الفلسطينية تقريرا من 80 صفحة يزعم فيه أن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة
العامة بقيادة أحمد جبريل، فجرت الطائرة، بإيعاز من إيران.
وأضافت الصحيفة أن أبو إلياس (ابن أخت جبريل) هو المشتبه به الرئيس في اقتحام منطقة أمتعة
طائرة “بان أمريكان” في مطار هيثرو وزرع القنبلة بواسطة حقيبة سامسونايت بنية اللون، قبل وقت
قصير من إقلاع الرحلة 103 المشؤومة من مطار هيثرو إلى نيويورك.
ويأتي هذا التطور بعد أن قالت ابنة أحد المنفذين إن والدها اعترف لأقاربه بأن القيادة العامة، بقيادة
جبريل، هي من دبرت مؤامرة 1988 على متن طائرة “بان أمريكان”.
أما الأردنية سها خريسات (43 عاما)، فقد زعمت أن والدها مروان خريسات ترك لزوجته ملف أدلة، جاء
فيه أن طهران دفعت لجبريل – الذي كان زعيما لمروان في جماعة فلسطينية – ملايين الجنيهات لتدبير
الهجوم.
يقول الكاتب بويد إن أبو الياس هو الذي اخترق منطقة الأمتعة في مطار هيثرو حيث وضع الحقيبة
الملغمة. أبو إلياس، وهو مواطن أميركي لأب سوري المولد، ينفي هذه الاتهامات، ويقول إن ما يشاع
بشأن ضلوعه في تفجير الطائرة التابعة لشركة “بان أمريكان” في 21 ديسمبر 1988 “مجرد أكاذيب”
وانتقد أبو إلياس كتاب المؤلف الأميركي دوغلاس بويد حيث ادعى أن عبد الباسط المقرحي – الليبي
الذي أدين في القضية – تعرض للسجن زور. وقال المشتبه به الذي يعيش على بعد 30 كيلومترا من
نصب تذكاري لضحايا لوكربي في واشنطن لصحيفة “ديلي ميرور” إنه “بريء”بينما يزعم بويد أن أبو
إلياس يعمل الآن في مدرسة في العاصمة الأميركية تحت اسم باسل بشناقتقدمت أسرة عبد الباسط
المقرحي واسر بعض الضحايا بالتماس عام 2017 أي بعد خمس سنوات من وفاة المقرحي إلى لجنة
مراجعة الإدانات الجزائية في إسكتلندا ومقرها غلاسكو، بغرض الحصول على الحق في استئناف جديد
للإدانة وحصلت على الموافقة.
وأوضحت اللجنة في بيان أنها ستجري “عملية إعادة نظر كاملة لإدانته في اعتداء لوكربي بهدف تحديد
ما إذا كان من الملائم عرض القضية مجددا أمام محكمة استئناف” وكانت محكمة إسكتلندية دانت
المقرحي عام 2001 بالسجن 27 عاما لدوره في الاعتداء.
ورفض طلب استئناف أول للمقرحي عام 2002. وفي التماس سابق كانت اللجنة ذاتها اعتبرت في
2007 أنه بإمكان المدان أن يحظى بمراجعة جديدة لكن المقرحي تخلى عن الأمر عام 2009 هنا يجب
أن نقف عند قرار هذه اللجنة وهو ” عملية نظر كاملة للإدانة ” أي سيتم فتح الملف مرة ثانية وقد
يحال للتحقيق إذا ما ارتقت الأدلة إلى درجة معينة والأدلة المطروحة الأن جميعها توجه إصبع الاتهام
لإيران من خلال منظمات فلسطينية.
أقرت ليبيا عام 2003 بمسؤوليتها عن التفجير، ودفع نظام الزعيم الليبي السابق معمر القذافي 2,7
مليار دولار (2,4 مليار يورو) تعويضا لعائلات الضحايا، كجزء من مجموعة من التدابير الرامية إلى
التقارب مع الغرب.
ومنذ سقوط نظام القذافي عام 2011، انتقل محققون بريطانيون وأميركيون إلى ليبيا مباشرة للتحقيق
في وجود شركاء آخرين محتملين في الاعتداء.
السؤال هو لماذا تم فتح الملف بعد إسقاط نظام القذافي فهل لم يكن ذلك ممكنا في زمنه لا سيما
انه كان يدفع ببراءة ليبيا من الحادث وان المقرحي نفسه كان يقول ويردد دائما حتى بعد الحكم عليه
بالمؤبد بانه بريء كل البراءة من المشاركة في هذا الاعتداء.
أبو القاسم مصباحي
في عام 2014 قال ضابط استخبارات إيراني سابق إن إيران هي من أعطت الأوامر لجماعة إرهابية
مقرها سوريا، بتفجير طائرة “بان أمريكان” فوق بلدة لوكربي الأسكتلندية في ديسمبر عام 1988.
وقال أبو القاسم مصباحي، وهو منشق عن النظام الإيراني ومدرج ضمن برنامج حماية الشهود في
ألمانيا، لصحيفة “ذا ديلي تليجراف” البريطانية، إن سقوط الرحلة رقم 103 لطائرة “بان أمريكان” جاء
انتقاما لهجوم البحرية الأميركية على طائرة تجارية إيرانية في نفس العام، والذي قتل فيه نحو 290
شخصا. وادعى مصباحي أن آية الله الخميني، المرشد الأعلى لإيران آنذاك، أمر بالتفجير “لتقليد” ما
حدث بالضبط لطائرة إيرباص الإيرانية.
المعلومات التي أدلى بها ضابط المخابرات الليبي السابق، عبد الباسط المقرحي، والذي أدين بتفجير
لوكربي، تدعم مزاعم مصباحي بأن المفجرين ينتمون إلى مجموعة متطرفة للجبهة الشعبية لتحرير
فلسطين – القيادة العامة.
وذكرت إحدى البرقيات الخاصة بوكالة المخابرات في وزارة الدفاع أن إيران تعاقدت مع رئيس الجبهة
الشعبية لتحرير فلسطين-القيادة العامة أحمد جبريل الذي تلقى الأموال في دمشق لتفجير طائرة “بان
أمريكان”.
الجريمة غير مُكتملة
في عام 2013 وفي الذكرى الخامسة والعشرين لحادثة لوكربي أبدت كل من بريطانيا والولايات
المتحدة وليبيا في بيان مشترك الأحد في الذكرى الخامسة والعشرين للهجوم عن أملها بـ “محاكمة
جميع المسؤولين عن هذا العمل الإرهابي البالغ الوحشية”.
وقالت لندن وواشنطن وطرابلس في هذا البيان “نريد محاكمة جميع المسؤولين عن هذا العمل
الإرهابي البالغ الوحشية ونريد أن نفهم سبب ارتكابه”.
التحقيقات مستمرة لكشف كل ملابسات الاعتداء حيث إن الحكم الذي وجه للمقرحي كان حُكما لاحد
الأطراف بصفته متورط حينها ولم يسدل الستار عنها كليا أي أن هناك فصولا أخرى بل قد تكون أكثر
تشعبا وأهمية من فصل المقرحي حيث إن أسباب تفجير الطائرة والجهة التي تقف خلف التفجير لازال
فيه الغموض الكثير وهذا ما بينه البيان المشترك عن بريطانيا وأمريكا وليبيا الصادر بعد الإطاحة
بنظام القذافي وليس إثناءه ولهذا البيان طعم خاص ولغة جديدة توضح وبشكل صريح إن القضية لم
تنتهي وان هناك متورطين في الملف سيتم محاكمتهم.
وعدت الدول الثلاثة في بيانها بان تلتزم التعاون تماما لكشف كل الوقائع في هذه القضية حيث قالوا
“سنقدم جميعا دعمنا الكامل للمحققين ليتمكنوا من إنهاء عملهم. نبذل ما في وسعنا لتعزيز التعاون
ونرحب بالزيارة المقبلة التي سيقوم بها محققون بريطانيون وأميركيون لليبيا لبحث كل أوجه هذا
التعاون، وخصوصا تقاسم المعلومات والوثائق ومقابلة الشهود”.
طلب مكتب المدعي الأسكتلندي رسميا من السلطات الليبية الجديدة مساعدته في التحقيق، ومن
الولايات المتحدة الاطلاع على عناصر الملف. ومن جهتها، أعلنت السلطات الليبية عزمها على كشف
حقيقة الاعتداء، ومنذ ذلك، توجه محققون أميركيون واسكتلنديون إلى ليبيا لكشف فصول جديدة حتما
ستؤدي الى توجيه إتهام جديد لمن استصدر الامر بتنفيذ هذا الاعتداء ولمن نفذه.